الوقت- مع استمرار عدوان الجيش الصهيوني في مختلف مناطق الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة، بحجة القيام بملاحقة واعتقال القادة العسكريين لفصائل المقاومة، اشتعلت نيران المواجهة في هذه المناطق، وانتقلت المواجهات بين المقاتلين الفلسطينيين والجيش الصهيوني إلی الشوارع والأزقة.
وحسب الإحصائيات، شهدت الضفة الغربية خلال الأسبوع الماضي 25 عملية مقاومة مسلحة، شملت إطلاق نار وإلقاء متفجرات ومواد حارقة باتجاه قوات الاحتلال الصهيوني.
في المواجهات الأخيرة فجر اليوم (الأحد)، أصيب 3 فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال الصهيوني في منطقة وادي برقين، قرب مخيم جنين للاجئين شمال الضفة الغربية.
ووقعت اشتباكات مسلحة بين المقاومين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، خلال الهجوم على مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة واعتقال شابين.
وفي وقت سابق من يوم الجمعة الماضي، قمعت قوات الاحتلال التابعة للکيان الصهيوني في بيت ليد شرقي طولكرم (شمال)، مظاهرات لسكان مخيم شعفاط، الذين احتجوا على اعتداءات المستوطنين المستمرة لمصادرة الأراضي الفلسطينية.
خلال هذه الفترة نفسها، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان صحفي، إصابة شخصين بجروح في "بيت عمر" في الخليل جنوب الضفة الغربية. كما استشهد في هذه الاشتباكات مواطن فلسطيني برصاص جيش الاحتيال، إضافة إلى عدد من الجرحى، وأصيب جندي إسرائيلي ومستوطن أيضًا.
مواصلة الاستيطان سراً
في السنوات الأخيرة، وبينما ينتقد المجتمع الدولي بشدة خطط الاحتلال الصهيوني لاستمرار الاستيطان غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية، يحاول الصهاينة في هذه الأثناء الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتنفيذ المخططات الاستيطانية بذرائع مختلفة.
وفقًا لحركة حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، هناك حوالي 666 ألف مستوطن و 145 مستوطنة و 140 مجمعا دون تصاريح حكومية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
وفي يوليو الماضي، أقرت حكومة الكيان الصهيوني خطة بناء مستوطنة في جنوب القدس الشرقية. في هذا المخطط، سيتم بناء 1446 وحدة سكنية في مستوطنة "القناة السفلية" في قرية "صور باهر" الفلسطينية، وبين مستوطنتي "هارحوما" و"جفعات هاماتوس".
لذلك، يبدو أن تصاعد عدوان الکيان الصهيوني على مناطق مختلفة من الضفة الغربية بحجة اعتقال المقاتلين وقادة المقاومة، هو غطاء لخلق حالة من انعدام الأمن للسكان الفلسطينيين في هذه المنطقة، وقمع الاحتجاجات وإجبارهم على مغادرة المنطقة، للمضي قدماً في خطط الاستيطان.
تفعيل المقاومة الشاملة ضد المستوطنين
رغم تزايد ضغوط المستوطنين على الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية، وتوغلات الجيش الصهيوني المتكررة في المنطقة دعماً لجرائم المستوطنين، في المقابل تزايدت المقاومة المسلحة للمقاتلين الفلسطينيين بتأييد شعبي، وزاد استمرار هذا الوضع من احتمال اندلاع انتفاضة وطنية لسکان المنطقة.
في غضون ذلك، النقطة المهمة هي أنه في الأجواء الجديدة لتنشيط المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، إضافة إلى العمليات المسلحة للمقاتلين الفلسطينيين ضد القوات الصهيونية، يجب أن تؤخذ في الاعتبار مسألة خلق توازن الرعب وانعدام الأمن ضد المستوطنين، واستخدام أنواع مختلفة من العصيان المدني.
خلال العقود الماضية، ورغم الجرائم المختلفة التي يرتكبها المستوطنون الصهاينة إلى جانب قوات الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين، وخاصةً النساء والأطفال، لكنهم يعتبرون العمليات الاستشهادية للمجاهدين الفلسطينيين إرهابيةً، واستطاعوا بهذه الطريقة إقناع قادة منظمة التحرير الفلسطينية بمنع استمرار هذه العمليات وانعدام الأمن على نطاق واسع بين المستوطنين، من خلال العمل الاستخباراتي والأمني.
وفي حين أن القادة السياسيين لحركة فتح، مثل أبو مازن، خُدعوا بالمفاهيم الکاذبة للصهاينة، لكن حقيقة الأمر هي أن المستوطنين الصهاينة يطيعون کيان الاحتلال وهم علی علم بطبيعته الغاصبة، وأنه قائم على ارتکاب الجرائم بحق الفلسطينيين. کما أن المستوطنين أنفسهم، في معظم الحالات، هم قوة المشاة لمخططات الاحتلال في الضفة الغربية.
وهکذا، فقد أصبحت مشاهدة الهجمات المتكررة من قبل المستوطنين على الأماكن الإسلامية المقدسة ومنازل الفلسطينيين ومضايقاتهم العديدة، جزءًا من العملية الطبيعية لحياة الفلسطينيين في الضفة الغربية.
من ناحية أخرى، في الحرب الحالية بين الفلسطينيين والکيان الصهيوني، فإن ضرب نقاط الضعف الرئيسية للعدو هو أسلوب حرب غير متكافئ فعال. فبينما وضع الصهاينة الإبادة الجماعية للفلسطينيين على جدول الأعمال بالضغوط الاقتصادية والحصار والقصف الجوي، فإن كعب أخيل الاحتلال هو أمن المستوطنين في الضفة الغربية.
وفي هذا الصدد، يرى ساري سمور الكاتب والمحلل السياسي أن "عمليات إطلاق النار على الجنود الصهاينة لن يكون لها أثر كبير، إلا إذا تحركوا باتجاه شوارع المستوطنات الصهيونية، أو استهدفوا تجمعات الجنود والمستوطنين المنتشرين عند التقاطعات، ليكون لها تأثير أقوى بدلاً من استهداف العربات المدرعة أو المواقع العسكرية الخرسانية".
بدوره يعتقد المحلل السياسي عامر المصري أنه "نشأ وعي جديد في أوساط مواطني الضفة الغربية بضرورة إعادة تنشيط المقاومة بالنظر إلى فشل المشاريع الأخرى، حيث إن الجيل الجديد يؤمن بالعمل المسلح باعتباره المنقذ الحقيقي الوحيد للضفة الغربية."