الوقت- في حين أن جبهات الحرب في المناطق الشمالية راكدة بسبب تمديد وقف إطلاق النار ثلاث مرات بين الرياض وأنصار الله، لكن في الأيام الماضية شهدت مناطق جنوب اليمن أيامًا مليئة بالصراعات في محافظة شبوة، حيث قام مرتزقة تابعون للرياض وأبوظبي بالتصارع على تقسيم السلطة. بدأت التوترات عندما قام "عوض بن الوزير العولقي" محافظ شبوة الذي عين مؤخرا في هذا المنصب من قبل مجلس الرئاسة، باصدار مرسوم لتغيير العميد الركن "عبد ربه لعكب" قائد الفرقة الخاصة وقائد قوات المحافظة و"أحمد داران" قائد معسكر القوات الخاصة والعقيد "وجدي باوم الخليفي" قائد لواء دفاع شبوة، لكن اولئك القادة كانوا اصحاب نفوذ كبير بين القبائل والعشائر. ولهذا فقد رفض المجتمع المحلي قبول الأمر، ونتيجة لذلك ، حاصروا منزلهم في الجنوب يوم الأحد الماضي بأمر من محافظ قوات دفاع شبوة ولواء عمالقة التابع للمجلس الانتقالي وتصاعدت الأوضاع إلى صراع شامل مع مقتل الرائد "لقوم البراسي" قائد قوات الرد السريع في محور عتيق، على يد ميليشيات لواء عماليق، على نحو وصفته وسائل الإعلام المحلية، إنها الحرب الأشد في هذه المنطقة منذ عام 2015.
وحسب بعض المصادر الاخبارية، فبينما كان الوضع في الميدان في البداية لمصلحة القوات الموالية لـ"لعكب" وحتى هذه القوات ذهبت إلى حد رفع السيطرة على مطار المدينة من أيدي مليشيات المجلس الانتقالي، ولكن بعد ذلك دخل المقاتلون الإماراتيون إلى المعركة وتغير ميزان المعادلات الميدانية وتراجعت القوات الأمنية الخاصة المقربة من حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين). إن المعارك الأخيرة التي سيطر فيها المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات على محافظة شبوة جنوب شرق اليمن، هي في الواقع استمرار للمعركة التي بدأت في آب / أغسطس 2019 بعد الانسحاب من هذه المدينة أمام القوات التابعة لها مع حكومة "منصور هادي" المستقيلة.
بعد استيلاء الانفصاليين الموالين للإمارات على عدن في أغسطس 2019، حاولت الإمارات انتزاع السيطرة على عتيق من قوات "منصور هادي" بمساعدة قوات الحزام الأمني المدعومة من قبلها في شبوة، والتي تشكلت بذريعة مساعدة المحافظة ومحاربة القاعدة. لكن مع اشتداد الصراع بنهاية الشهر الجاري، استولت قوات "منصور هادي" على جميع مناطق شبوة تقريبًا، باستثناء ميناء بلحاف ومعسكر علم العسكري.
وفي هذه السنوات الثلاث، لم يتغير المشهد العسكري على الأرض كثيرًا، لكن بعد ذلك حدثت تغييرات في المشهد السياسي، حيث تمت إقالة محمد صالح بن عديو، المحافظة المعارض للمجلس الانتقالي والإمارات، من قبل الحكومة. وتم تقديم أمر الهيئة المنشأة حديثًا للمجلس الرئاسي، وتم تقديم "عوض بن الوزير العولقي" كشخص متحالف مع الإمارات ومعارض لجماعة الإخوان المسلمين في حزب الإصلاح لتولي منصب هذه المنطقة الجنوبية الشرقية الغنية بالنفط.
في البداية، أشهر العولقي السيف علي الإخوان المسلمين، وبإصدار الأمر بإجراء تغييرات في قيادة القوات المسلحة الإقليمية، قلل فعليًا من قوة الإخوان في شبوة، والتي ستكون بداية لإنهاء نفوذهم ووجودهم العسكري في محافظة شبوة النفطية.
وفي هذا الصدد، قال عبد الرحيم العولقي، مستشار وزير الداخلية السابق، للجزيرة إن ما حدث هو مؤامرة موجهة من الإمارات ضد اليمن للسيطرة على جنوب البلاد وثروتها النفطية عبر المجلس الانتقالي. عمل تفسره المعارضة على أنه تعاون من وراء الكواليس بين السعودية والإمارات من أجل تعزيز تقسيم اليمن. وأوضح: أن موضوع فصل جنوب اليمن عن الشمال هو مشروع ينتهجه المجلس الانتقالي الجنوبي ضمن الخطة التي تدعمها دولة الإمارات العربية المتحدة.
فجوة كبيرة في المجلس الرئاسي الجديد
ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة ستسد الفجوة بين مجلس قيادة الرئاسة، الذي أجبر "منصور هادي" في أبريل من العام الجاري على الاستقالة من منصب الرئيس ونائبه علي محسن الأحمر، من أجل إنهاء الخلافات بين أعضاء مجلس قيادة الرئاسة والجبهة الجنوبية وإضفاء الشرعية على حكومة تابعة تشكلت بقيادة السعودية. وبعد هذا الحادث، طلب حزب الإصلاح على الفور في بيان من مجلس القيادة الرئاسي عزل الحاكم الحالي لشبوة، وإلا فإنه سيترك المجلس الرئاسي.
ولوح حزب التجمع اليمني للإصلاح، مساء الخميس، بوقف مشاركة الحزب في كل مؤسسات الدولة، على خلفية أحداث محافظة شبوة، واستهداف القوات الحكومية بالطيران الإماراتي. وقال الحزب في بيان صادر عن أمانته العامة: "تابعنا بأسف بالغ الأحداث والمواجهات التي شهدتها مدينة عتق بمحافظة شبوة، وما نتج عنها من استهداف وحدات أمنية وعسكرية والسيطرة على مقراتها من قبل المليشيات المسلحة، التي لا تتبع مؤسسات الدولة الرسمية، التي استقدمها محافظ المحافظة عوض العولقي في مخالفة صريحة لنصوص القانون وقرار المجلس الرئاسي بإيقاف المواجهات". وأضاف إن تلك المليشيات قامت بنهب الممتلكات العامة والخاصة، واعتدت على منازل القيادات الأمنية والعسكرية وأحرقتها، وخلقت فوضى عارمة بالعاصمة عتق ( المركز الإداري لشبوة)، وعرضت حياة المواطنين للخطر، وانتهكت أمنهم وكرامتهم وممتلكاتهم.
وتابع: "كما وجهت إهانة بالغة لكل اليمنيين عموما بالدوس على العلم الوطني الذي يمثل رمزية الدولة ونظامها الجمهوري". وقال حزب الإصلاح؛ إن الأمر وصل أيضا إلى اقتحام مقر الحزب ونهب ممتلكاته في ظل تنظيم حملات التحريض الواسعة، التي لا تستهدف الإصلاح فحسب، بل تستهدف الحياة السياسية برمتها وتتعدى على ما تبقى من هامش ديمقراطي في المحافظات المحررة. وأعرب عن أسف وإدانة الحزب لهذه الفوضى والجرائم التي ارتكبتها هذه الميليشيات، وكذلك أعمال القمع والإقصاء الموجهة نحو القوى السياسية المؤيدة للشرعية والوحدات العسكرية والأمنية، صاحبة الرصيد المشرف في مقاومة ميليشيا الحوثي الإيرانية في المحافظات المحررة عموما، وفي محافظة شبوة خصوصا، التي قدمت آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمعاقين.
كما أفادت أنباء إعلامية يمنية بأن تصرف "رشاد العليمي" بإقالة "محمد صالح بن عديو" من محافظة شبوة، أدى إلى تعزيز مواقع القوات المقربة من الإمارات في هذه المحافظة الغنية بالنفط، وأثار حفيظة "عبد الله العليمي"، أحد أعضاء مجلس قيادة مجلس الرئاسة، ووفقاً لمصادر الجزيرة، قدم العليمي استقالته من عضوية المجلس الرئاسي احتجاجاً على هذا الإجراء. ومن ناحية أخرى، وفي أعقاب التطورات في شبوة، هناك قلق بالغ لدى المجلس الرئاسي وداعميه الخارجيين، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، من احتمال وقوع أحداث مماثلة في المستقبل القريب في منطقة مهمة أخرى غنية بالنفط واستراتيجية وهي محافظة مأرب المحاصرة من قبل قوات أنصار الله والجيش اليمني منذ شهور. وهذا السيناريو يقوي احتمالية تحرير هذه المحافظة من قبل مجاهدي أنصار الله ويزيد من إضعاف مواقف السعودية والإمارات في تطورات اليمن ضد صنعاء.