الوقت- الأماكن الإسلامية المقدسة في السعودية محرمة على بعض العرب والمسلمين المعارضين للنظام السعودية مثل السوريين واليمنيين وبعض اللبنانيين والفلسطينيين، لكنها مفتوحة للصهاينة من كيان الاحتلال الإسرائيلي. موجة استنكار واسعة شهدها وجود مراسل القناة الثالثة عشر العبرية (جيل تماري) في مكة المكرمة أثناء موسم الحج والذي تجول في الأماكن المقدسة ومنها جبل عرفات، المكان الذي بزيارته يتم الحج وبزيارته أتم تماري التطبيع السعودي الإسرائيلي، وذلك بعد أن قام بإعداد تقارير إعلامية حول جولة وفد إسرائيلي داخل الحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة، وأكد المراسل الإسرائيلي أن الحلم تحول إلى حقيقة.
السعوديون أبدوا غضبهم من هذه الزيارة ولم يستطيعوا كتم مشاعرهم، ما يؤكد انفصال الشعب عن الطبقة الحاكمة، فيما خرج الذباب الإلكتروني السعودي ليبرر الزيارة ويقول إن ما حدث هو خطأ ليس إلا، ولكن من يدقق أكثر بالتفاصيل يعلم أن ما حدث كان مدبراً، حيث جرت العادة أن السعودية تضع عبارة للمسلمين فقط أثناء دخول المدينة المنورة قبل الحاجز العسكري على مداخل المدينة، لكنها قبل زيارة المراسل الإسرائيلي تمت إزالة هذه العبارة واستبدلت بـ"إلى حد الحرم" أي انه يمكن لغير المسلمين الدخول للمدينة المنورة ولكن دون دخولهم للحرم النبوي، أما المراسل الإسرائيلي فقد دخل الحرم نفسه فيما بعد. وهو ما يطرح عدة تساؤلات أبرزها لماذا هذا الارتماء السعودي في حضن كيان الاحتلال؟ وهل أصبحت الأماكن المقدسة لعبة بيد ولي العهد محمد بن سلمان ومن معه؟ هل مشاعر نحو ملياري مسلم لا قيمة لها لدى العائلة الحاكمة؟
السعودية تدّعي أنها تتبع الشريعة الإسلامية وتتخذ من الشهادة علماً لها فأين هي من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لأخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً". هذا الحديث مؤكد مئة في المئة لدى السعوديين لأنه من صحيح مسلم وهم يؤمنون أن صحيح مسلم كل ما ورد فيه صدق، فأين هم من هذا الحديث؟ وأين هم من فتوى شيخهم عبد العزيز بن باز الذي نقتبس من حرفياً ما قاله: "لا يجوز استقدام الكفرة إلى هذه الجزيرة، لا من النصارى ولا من غير النصارى، لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمر بإخراج الكفرة من هذه الجزيرة، وأوصى عند موته صلى الله عليه وآله وسلم بإخراجهم من هذه الجزيرة، فالواجب ألا يقر فيها الكفرة من اليهود". أليس هذا حديثاً ورد في كتبهم وفتوى وردت عن لسان شيخهم فأين هم منها الآن؟
الصادم في هذا المشهد أن المراسل الإسرائيلي دخل السعودية والأراضي المقدسة وخرج منها دون أن يقال له حرف سيئ، بل على العكس تماماً فتحت الأبواب له وكان مرتاحاً في تجوله، في المقابل كان المعتقل هو مصير ممثل حركة حماس السابق محمد الخضري ابن الأربعة والثمانين عاماً إلى جانب ابنه والعشرات إن لم يكن المئات من أبناء المقاومة الفلسطينية أو داعميها، والخضري كان يعيش في السعودية بعلم السلطات وإذنها أي لم يكن هناك بطريقة سرية وغير شرعية، وكان على علاقة وثيقة بالملكين فهد وعبد الله، حتى جاء سلمان ونجله فتم اعتقاله بتهمة دعم المقاومة الفلسطينية، واعتقال الخضري ومن معه من فلسطينيين وأردنيين ولبنانيين كان بطلب رسمي -حسب المراقبين- من كيان الاحتلال الإسرائيلي، وكان بمثابة بادرة حسن نية من قبل ابن سلمان لتل أبيب وللرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، حتى يقدم نفسه بصورة جديدة ويرضون عنه ويسلموه الحكم بدلاً عن عمومته وأبنائه.
الدكتور المصري الراحل عبد الوهاب المسيري، حذر في عام 2001 أن إسرائيل تحضر منذ التسعينيات وثائق وخرائط تخص يهود خيبر وتحديداً بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة، وهذه الخرائط تخص أملاكهم وأراضيهم ويريدون أن يطالبوا السعودية بها بعد أن يوقعوا على اتفاق التطبيع معها، وهذا الامر تم التحذير منه قبل 21 عاماً، والآن بدأنا نرى أثاره حيث إن هناك الكثير من الأفواج التي تسمى سياحية، قد دخلت السعودية سراً وعلناً قادمة من كيان الاحتلال الإسرائيلي وزارت المدينة المنورة تحديداً، فما السر بزيارة المدينة؟ لماذا لم يزوروا موسم الرياض مثلاً؟ أو الجنادرية أو مدائن صالح، إن كان الهدف سياحياً فقط؟
السعودية وقادتها يجب أن يكونوا أول الخائفين من هذا التطبيع لأنه اذا سحبت أميركا على مدار نحو سبعة عقود أموالهم وترامب وصفهم بالبقر الحلوب، فإن إسرائيل بعد التطبيع سوف تبقيهم على العضم، وربما تلجأ إلى المحاكم الدولية في مزاعهم المطالبة بتعويضات بخصوص يهود خيبر، وستخسر السعودية بهذا التطبيع المال وتعاطف المسلمين.