الوقت- وفقاُ للجنة الدفاع عن حقوق الانسان في الجزيرة العربية: يواصل نظام آل سعود مسلسل انتهاكاته في الجزيرة العربية ، من بوابة الاعتقالات التعسفية التي تتجدد كل يوم و لاسيما في المنطقة الشرقية، وطالت قبل ايام مجموعة من المواطنين بينهم نساء ورجال دين وناشطون وإعلاميون، في إطار منهج ثابت يؤديه النظام لإرهاب المواطنين وإسكات أي صوت معارض أو مطالب بالحقوق المشروعة. ضمن أساليب انتقامية وجرمية اعتاد النظام السعودي على تبنيها بوجه رجال الدين الشيعة بشكل خاص في شبه الجزيرة العربية متبعاً بذلك سياسة التمييز الطائفي، حيث قامت قوات آل سعود، بداية العام الحالي، باعتقال الشيخ كاظم محمد العمري نجل أبرز رجال الدين الشيعة في المدينة المنورة، العلّامة الشيخ محمد علي العمري. ولأن الشيخ العمري معروف عنه ابتعاده عن النشاط السياسي، وانحصار عمله في نشاطه الديني، فتبدو محددات الاعتقال أكثر وضوحاً لناحية كونها ترتبط في حضوره الديني بين أوساط المؤمنين في المدينة المنورة.
وفي السياق ذاته لايزال هناك العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان و النشطاء يقضون عقوبات طويلة بالسجن لانتقادهم السلطات أو دعوتهم إلى اصلاحات سياسية و حقوقية حيث إن النظام السعودي لا يكتفي بمطالبة هؤلاء الناشطين بالصمت، بل يسعى لأن يُجبرهم على التماهي والذوبان الكامل مع النظام والتسويق لمشروع ولي العهد السعودي بن سلمان المعروف باسم ” رؤية 2030 الاقتصادية”
اعتقالات تعسفية بحق الشيعة وخصوصاً أبناء المنطقة الشرقية و اعترافات منتزعة بالقوة
وسط صمت دولي مطبق وصمت منظمات حقوقية عالمية يمضي النظام السعودي في سياسة تنفيذ الاعتقالات وملاحقة الناشطين السلميين في المنطقة الشرقية التي تضم الاحساء والقطيف والدمام ٫ ففي أواخر حزيران/يونيو الفائت، شنّت أجهزة الأمن التابعة للنظام السعودي حملة مسعورة في القطيف والأحساء والدمام. فجأة ومن دون مقدّمات، اعتقلت السيدة سارة العلي من الأحساء، وهي من سكان مدينة الدمام، بعد أن كانت قد اعتقلت عالم الدين الأحسائي الشيخ عبد المجيد بن حجي الأحمد،(من قرية الدالوة) وهو أحد أساتذة الحوزة العلمية، والشابيْن حسين رجب وحسين المطوع والناشط الإعلامي موسى علي الخنيزي (من أهالي القطيف). كما أن القاسم المشترك في هذه التوقيفات هو النشاط الإعلامي لهذه الأسماء، فكلّ من يحظى بمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والمحافل الإعلامية ويحمل توجّهًا مُخالفًا لسياسة محمد بن سلمان وحاشيته يُصبح هدفًا.
ومن أبرز الشخصيات التي كانت قد قامت سلطات النظام السعودي باعتقالها:
الشيخ كاظم العمري و الذي يعد وريث والده في زعامة أبناء الطائفة الشيعية في المدينة المنورة، الأمر الذي يعتبر نادراً مقارنة بالأحساء والقطيف من حيث الأغلبية بعيدا عن العدد. وكانت هيومن رايتس قد أكدت في تقريرها السنوي عن قيام السعودية باعتقالات تعسفية ومحاكمة معارضين سلميين ولفتت في تقريرها إلى أن “السعودية” لا تسمح لأتباع ديانات أخرى غير الإسلام ممارسة شعائرهم في الأماكن العامة، وتميز بشكل ممنهج ضد الأقليات الدينية المسلمة، ولا سيما الشيعة الإثني عشرية والإسماعيليين، بما يشمل التمييز في التعليم الحكومي، والقضاء، والحرية الدينية، والتوظيف.
علي محمد آل عفيريت ابن القطيف ، اعتقلته قوات نظام آل سعود صباح الثلاثاء في 18 ديسمبر عام 2018 دون معرفة الأسباب، حيث بقي رهن الاعتقال، ووجهت إليه اتهامات تم تفصيلها وترتيبها في غياهب غرف الموت حيث يعمد ما يسمى (محققون) يتبعون أجهزة أمن آل سعود لانتزاع اعترافات كاذبة تحت تعذيب وحشي ممنهج، بغية تقديم دلائل تستند عليها محاكم النظام المبرمجة لإصدار أحكام القتل العمد، و في السابع من آذار عام 2022، ضرب قاضي آل سعود في محكمة الرياض عصاه الخشبية على الطاولة ناطقا بحكم مسيس ومتوقع مسبقاً بإعدام معتقل الرأي الشاب علي محمد آل عفيريت بهدف إسكات صوت الحق، حكم أقل ما يقال فيه إنه بعيد كل البعد عن العدل والقانون والشفافية منهج العمل الافتراضي المتبع في شتى محاكم العالم.
الإعلامي موسى علي الخنيزي الذي كان قد اختُطف قبل 20 عامًا من مستشفى الولادة بالدمام عام 1999، يعود استمرار احتجازه اليوم لفضحه أساليب تطبق في السعودية لكيفية تغذية كره الطائفة الشيعية عندما كان مخطوفًا، وكلامه عن أهالي القطيف بإيجابية وتعرّضهم للاستهداف والتهميش، ووفق مصادر المعارضة فانه لم يمرّ وقت طويل على إبدائه هذا الرأي حتى وجد نفسه مسجونًا”.وتؤكد المصادر أن “المعتقلين الجُدد محرومون من التواصل مع ذويهم”، وتشير الى أنهم “يتشاركون التميّز في المحافل الإعلامية في القطيف، ولأجل ذلك صادرت السلطات جميع ما يملكون من أجهزة اتصال وهواتف وحواسيب”.
ويستمر مسلسل المحاكمات الصورية و الاعتقالات غير القانونية بحق أهالي المنطقة الشرقية ضارباً عرض الحائط كل المناشدات الدولية الحكومية والقادمة من المنظمات الحقوقية ومجلس حقوق الإنسان لإلغاء أحكام الإعدام الصورية وهذه المحاكمات السياسية بحق شعب الجزيرة العربية. وفي السياق ذاته لايمكن للتاريخ أن ينسى جرائم آل سعود المخطوطة بالدماء عندما نفذ النظام الوهابي التكفيري جريمة مروعة في الثاني عشر من شهر اذار من هذا العام تضاف الى تاريخه الدموي بممارسة القتل والترويع ٫ وإقدامه على عمليات اعدام جماعية بقطع رؤوس 81 شخصا جميعهم من حملة الجنسية السعودية باستثناء سبعة منهم يحملون الجنسية اليمنية وأكدت المعارضة السعودية انه بين هؤلاء 41 واحد واربعون مواطنا من الشيعة وجميعهم من الناشطين السلميين .
الدول الغربية المتخفية وراء شعار حقوق الانسان و جرائم آل سعود
وتاتي جرائم نظام ال سعود في الانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان في وقت تقوم الدول الغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان بتجاهل كل جرائم النظام وتهرول لتوثيق علاقاتها مع هذا النظام الدموي فرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون حطّ في الرياض بعد أيامٍ قليلة على تنفيذ السلطات السعودية مجزرة الإعدامات بحقّ واحد وأربعين من اتباع اهل البيت عليهم السلام من أبناء القطيف في آذار/مارس 2022، غير آبهٍ بما حصل، وكذلك الأمر مع الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي رفع كذبًا شعار مناصرة الحقوق في السعودية وها هو يرمي شعاراته الانتخابية وتعهده بان يجعل السعودية منبوذة وراء ظهره ٫ فها هو يستعد لزيارة السعودية والالتقاء بولي العهد السعودي الذي يعلم انه المتورط الأول في قمع المعارضة وهو الذي امر باختطاف وقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي .
زيارة بايدن للسعودية توفر رعاية للقمع
بالنظر إلى إدانات بايدن المتكررة للنظام السعودي، ووعد إدارته بتركيز السياسة الخارجية للولايات المتحدة حول حقوق الإنسان، فإن السعي إلى “إعادة ضبط” العلاقات مع محمد بن سلمان هو نفاق واضح.
سعى مسؤول في الإدارة الأمريكية مؤخراً إلى صرف الانتباه عن الانتقادات المتكررة لموقف بايدن من السعودية بالإشارة إلى حقيقة أن خاشقجي قُتل أثناء إدارة ترامب، وأن بايدن قد فرض بالفعل عقوبات على المسؤولين السعوديين المتورطين في مقتل خاشقجي.
لكن كما لفت المدافعون عن حقوق الإنسان أثناء تغيير اسم الشارع المقابل للسفارة السعودية في واشنطن إلى “طريق جمال خاشقجي”، لم يحاسب بايدن محمد بن سلمان بشكل مباشر على الرغم من تقييم المخابرات الأمريكية بأنه أمر -شخصياًـ بقتل خاشقجي وتقطيع أوصاله.
إن تجاهل الجرائم الماضية لا يدل فقط على الإفلاس الأخلاقي، ولكنه يتجاهل أيضاً حقيقة أن عهد الإرهاب لمحمد بن سلمان مستمر وبشدة ضارباً بعرض الحائط مئات السعوديين الذين يواجهون حتى يومنا هذا الاختفاء القسري، والاعتقال التعسفي، وحظر السفر والتعذيب؟
في السياق ذاته كانت "هيومن رايتس ووتش"، قد وجهت رسالة إلى الرئيس بايدن عبرت فيها عن أن زيارته المرتقبة إلى السعودية للقاء وليّ العهد محمد بن سلمان قد تُشجّع على ارتكاب انتهاكات جديدة وتغذّي ثقافة الإفلات من العقاب.
وطالبت إدارة بايدن الحصول على التزامات واضحة وملموسة بشأن حقوق الإنسان من السلطات السعودية قبل الزيارة، بما يشمل الحملة الشعواء التي تشنها الحكومة على حريّة التجمع السلمي، وتكوين الجمعيات، والتعبير. قبل أي زيارة، على بايدن مقابلة حقوقيين سعوديين في الخارج، وضمان إطلاق سراح المعارضين المحتجزين، ورفع منع السفر التعسفي على الحقوقيين وغيرهم، ومنهم مواطنون أمريكيون.
فيما قالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "يجب أن يُدرك الرئيس بايدن أنّ لقاءه مع أيّ مسؤولين أجانب يمنحهم مصداقية فورية على مستوى العالم، بقصد أو بغير قصد. لقاء محمد بن سلمان دون التزامات حقوقية من شأنه تبرئة القادة السعوديين الذين يعتقدون أنّ الانتهاكات الحقوقية الجسيمة ليس لها عواقب".
كل ماسبق يثبت أن أمريكا و الدول الاوروبية مستمرة في الوقوف إلى جانب الجلاد في جلده ضحيته و حقوق الإنسان والشعارات البراقة ما هي إلا ستار يخفي وجوههم الحقيقي