الوقت- بإدانات كالتي شاهدناها في اللحظة الأولى لإعدام قوات العدو الإسرائيليّ الصحفيّة الشهيرة التي تعمل مراسلة في قناة الجزية القطريّة شيرين أبو عاقلة في جنين بالضفة الغربيّة المحتلة، تتالت المواقف العربية والدولية المنددة بالتصرفات الوحشيّة التي قامت بها قوات العدو الإسرائيليّ، خلال تشييع جثمان الصحفية الفلسطينية إلى مثواها الأخير، عقب اغتيالها أثناء تغطيتها اقتحام العصابات الصهيونيّة لجنين صباح الأربعاء الماضي، حيث توالت ردود الفعل الدولية الغاضبة التي تستنكر اعتداء الشرطة بالضرب على مشيعي جنازة أبو عاقلة في القدس، وأعلن الصليب الأحمر التابع للمدينة أن 33 شخصا أصيبوا خلال أعمال العنف التي شهدتها الجنازة، فيما أشخاص عدة.
إرهاب منظم
حتى بعد قتلها بدم بارد، لم تسلم الصحفية الفلسطينية والمراسلة الإخبارية الميدانية من حقد وجبروت الإسرائيليين، والسبب باختصار لأنّها عملت مع مجموعة كبيرة من وكالات الأنباء العربية والدولية لتغطية الأحداث الكبرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة ووثقت لسنوات طويلة اعتداءات قوات الاحتلال وجرائمهم، وقد دانت وزارة الخارجية الفلسطينية الاعتداء الوحشي الذي ارتكبته قوات الاحتلال وشرطته على نعش الشهيدة أبو عاقلة والمواطنين الذين يحملونه، ووصفت رام الله الاعتداء بأنه “إرهاب دولة منظم"فالكيان لم يكتف بإعدام الشهيدة بدم بارد، بل طارد جثمانها حتى دفنها، وبأن "إسرائيل" هي “الدولة الديمقراطية الوحيدة” التي تخاف من نعش مرفوع على الأيدي.
وفي الوقت الذي أجمع فيه العالم مؤخراً على شناعة الجريمة التي ارتكبتها العصابات الصهيونيّة بحق الصحفيّة شيرين أبو عاقة، وتحميل القوات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن استشهاد مراسلة الجزيرة التي قضت خلال قيامها بواجبها الصحفي لتوثيق الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال، أعربت مصر عن رفضها التام وإدانتها البالغة للاعتداءات التي تعرضت لها جنازة الإعلامية الراحلة من قِبل السلطات الإسرائيلية، فيما دان الأردن بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي اللاإنساني والمقيت على مشيعي جثمان الصحفية، متحدثاً أنّ هذا العدوان يستوجب يقظة ضميرية عالمية تلجم هذه العدوانية الإسرائيلية وتوفر الحماية للشعب الفلسطيني، أما قطر فأدانت بشدّة منع الشرطة الإسرائيلية خروج جثمان شيرين أبو عاقلة من المستشفى وقمع مسيرة التشييع، موضحة أن سلطات الاحتلال لم تكتف بقتل شيرين بدم بارد بل استمرت في إرهاب المدنيين والمشاركين في الجنازة.
وفي هذا الخصوص، أثار الاعتداء الإسرائيليّ على جثمان الصحفية ومشيعيها حفيظة العالم، تماماً كخبر استشهادها برصاص العدو الإسرائيليّ الذي تعود على قتل واستهداف الصحفيين وتدمير المباني التي تحوي مكاتبهم، حيث دعت السلطة الفلسطينيّة التي يرأسها محمود عباس إلى إجراء تحقيق دولي تشارك فيه الأمم المتحدة، وأكّدت على ضرورة محاسبة "إسرائيل" على جرائمها، في ظل إجماع من قبل الفصائل الفلسطينية على أنّ تلك الجريمة متعمدة ومدانة بأشد العبارات، ولن تحجب حقيقة إرهاب الاحتلال ووحشيته، وتؤكد مدى استهتار تل أبيب بالرأي العام العالميّ وبالقيم والأعراف الدولية.
وإنّ ردود الفعل الحزينة والغاضبة في جميع أنحاء العالم، أجبرت البيت الأبيض الداعم الأكبر للعصابات الصهيونيّة على القول "إن صور الشرطة الإسرائيلية وهي تهاجم فلسطينيين يحملون نعش شيرين أبو عاقلة، مقلقة للغاية، وإنه لا يمكنهم تبرير هذه الأفعال"، فيما أشار عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، كريس مورفي، إلى إن الاعتداء على نعش أبو عاقلة مروع، مضيفا: “سنعمل على مساءلة من يقف خلف ذلك”، وأن فريقه يطلب إجابات عما حدث، كما نددت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس، بالواقعة قائلة إنها تشعر بألم شديد إزاء الصور التي ظهرت خلال تشييع جنازة أبو عاقلة، ويجب التعامل مع مأساة قتلها بأقصى درجات الاحترام والرصانة.
من جهة أخرى، بيّنت السفارة الفرنسية لدى المحتل أنّ الفرنسيين مستاؤون جدا من العنف الذي مارسته الشرطة الإسرائيلية خلال تشييع أبو عاقلة في المستشفى الفرنسي بالقدس الذي يحظى بالحماية الفرنسية، معتبرين أنّ تلك المشاهد كانت صادمة للغاية، من جهته قال النائب البريطاني سام تاري، أنّ الكيان الإسرائيليّ لم يكتف باغتيال أبو عاقلة، بل ضرب مشيعيها في مشهد مروع، وشدد على أهمية محاسبة "إسرائيل"، وهذا ما قالته النائبة البريطانية كيم ليدبيتر، التي أوضحت أن مشاهد الاعتداء على المشاركين في جنازة أبو عاقلة شائنة ودنيئة ولا تغتفر، أما رئيس مجلس النواب الإيطالي، روبيرتو فيكو، فأكد على أن الجنازة شهدت لحظات مخزية وهجوما على نعش الصحفية، ويجب توضيح حقيقة مقتلها، كذلك أكدت النائبة في البرلمان الاسكتلندي مونيكا لينون، على أن ما حدث في الجنازة “دنيء وغير إنساني”، مضيفة إن مقطع الفيديو يظهر بوضوح الشرطة الإسرائيلية، وهي تضرب بعنف حاملي النعش، ما تسبب في انزلاق التابوت وكاد يسقط على الأرض.
ومن الجدير بالذكر أنّ الاتحاد الأوروبي أبدى “استياءه” حيال “الاستخدام من دون طائل للقوة” من جانب قوات الاحتلال الاسرائيليّ خلال الجنازة، حيث قالت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى الفلسطينيين: “مستاؤون من العنف في حرم مستشفى القديس يوسف، ومن مستوى العنف من دون طائل الذي مارسته الشرطة الاسرائيلية طوال مراسم الجنازة”، مضيفة أنه “سلوك غير متكافئ من شأنه تأجيج التوترات"، كما أكدت منظمة مراسلون بلا حدود وهي منظمة غير حكومية والتي تنشد حرية الصحافة وتتخذ من باريس مقراً لها، على أن هجمات القوات الإسرائيلية على جنازة أبو عاقلة مدانة وصادمة، وغير مقبولة، داعية لتحقيق دولي على الفور في ملابسات مقتلها.
جريمة مدانة
أجمعت دول العالم بالفعل على شناعة الجريمة التي ارتكبتها العصابات الصهيونيّة بحق الصحفيّة شيرين أبو عاقة، حيث حمّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس القوات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن استشها مراسلة الجزيرة التي قضت خلال قيامها بواجبها الصحفي لتوثيق الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال، فيما اعتبر الأمين العام لما تسمى "جامعة الدول العربية " أحمد أبو الغيط مقتل أبو عاقلة جريمة بشعة ليست بمستغربة على الاحتلال ولا ينبغي أن تمر مرور الكرام، كما قطر بالإرهاب الإسرائيلي الذي ترعاه الدولة، وطالبت بوقف الدعم غير المشروط لها، مؤكّدة أنّ مثل هذه الجرائم المروعة التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الأعزل يجب ألا يتم تجاوزها دون محاسبة، وينبغي ألا تخضع لازدواجية المعايير، فيما أدانت الكويت عملية الاغتيال وقالت إنه يتوجب على المجتمع الدولي فتح تحقيق لمساءلة مرتكبي هذه الجريمة البشعة وملاحقتهم أمام جهات العدالة الدولية.
أيضاً، استنكرت عمان واليمن العملية الاسرائيلية، كما أدانت مصر والأزهر بأشد العبارات جريمة اغتيال الصحفية في قناة الجزيرة وطالبت بالبدء الفوري في إجراء تحقيق شامل يفضي إلى تحقيق العدالة، ووصفت الأردن الجريمة بالاعتداء الصارخ على حرية الصحافة والتي يجب محاسبة مرتكبيها، كما قال لبنان إن الاحتلال يضيف بجريمته هذه إلى تاريخه الدموي فصلا جديدا من التعسف والاعتداء والاستهتار بالحقوق والحياة والعدالة، فيما أعربت الجزائر عن خالص عزائها ومواساتها لعائلة الزميلة شيرين أبو عاقلة ولشبكة الجزيرة، وأدانت تونس الاغتيال برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي الغادر ودعت المجموعة الدولية لتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية ولسياسة الإفلات من العقاب، بيد أنّ ليبيا أشارت إلى أنّ قتل شيرين على مرأى ومسمع العالم أجمع هو إخراس لصوت الحق، أما مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط فدعا إلى إجراء تحقيق فوري وشامل ومحاسبة المسؤولين.
دوليّاً، نددت أميركا –الداعم الأكبر للكيان الإسرائيليّ- بقتل مراسلة الجزيرة ودعت إلى إجراء تحقيق مستفيض للوقوف على ملابسات وفاتها زاعمة أنّ واشنطن تدعم الحريات الصحفية وحماية الصحفيين خلال تأديتهم واجباتهم، كما أدان المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي العملية مؤكدا أنه من الضروري عمل تحقيق "مستقل وشفاف" حول الحادث وتقديم المسؤولين للمحاكمة، ومكررا مزاعم وقوف الاتحاد بجوار كافة الصحفيين والاستمرار في دعمهم أداء عملهم بشكل كامل وآمن، وقد أعربت بريطانيا التي تحاول منع مقاطعة "إسرائيل" عن صدمتها لمقتل شيرين أبو عاقلة، مشددة على ضرورة احترام حرية وسائل الإعلام وسلامة الصحفيين، كما استنكرت ألمانيا العملية الاسرائيليّة موضحة أن التقارير الواردة حول مقتل الصحفية صادمة للغاية.
من ناحية أخرى، أدانت فرنسا مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، واعتبرته أمرا صادما للغاية مطالبة بتحقيق شفاف بملابسات عملية القتل، كذلك قالت بلجيكا مضيفة أنّ حرية الصحافة يجب حمايتهما دوما وفي كل مكان، داعية إلى تحقيق سريع وحازم في مقتلها، فيما عبّرت هولندا عن صدمتها من الوفاة المأساوية لصحفية الجزيرة، وقد أكدت الدنمارك على ضرورة حماية حرية الصحافة وسلامة الصحفيين على الدوام وإجراء تحقيق شامل في ملابسات مقتل أبو عاقلة، وأدانت إيران الاغتيال المتعمد لأبو عاقلة، ودعت المنظمات الدولية لفتح تحقيق مستقل ومحاسبة الكيان الصهيوني على الجريمة، مشيرة إلى أن "إسرائيل" تقتل الصحفيين خوفا من نشر الحقائق.
إضافة إلى ذلك، أدانت باكستان بشدة اغتيال الصحفية بشبكة الجزيرة على يد القوات الإسرائيلية، قائلة إنّه يهدف إلى طمس الحقيقة وإسكات صوت المظلومين، كما استنكرت أفغانستان القتل المتعمد لمراسلة الجزيرة، مشيرة إلى أن "إسرائيل" من خلال مهاجمتها حرية التعبير تريد ألا تنكشف للعالم فظائعها ضد الشعب الفلسطيني، كذلك أدانت جيبوتي قتل شيرين أبو عاقلة، قائلة إنها كانت من أبرز المتصدين لسياسة الاستيطان الإسرائيلية من خلال عملها الصحفي المهني المتقن.