الوقت- اقتراحت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا) تفويض بعض الخدمات لمنظمات دولية أخرى تابعة للأمم المتحدة، حيث أطلقت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التابعة للأمم المتحدة، نداء استغاثة من أجل جمع أكثر من 800 مليون دولار أمريكي، لمواصلة أنشطتها في سوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة. حينها قال المتحدث باسم الأونروا في الأردن سامي مشعشع، خلال مؤتمر صحفي في عمان، إن الوكالة "تطلق اليوم مناشدة طوارئ لجمع مبلغ 800 مليون دولار لخدماتها في سوريا وغزة والأراضي الفلسطينية، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأنروا" فيليب لازاريني كان قد أعلن ايضاً استنفاد الأونروا قدرتها على الاستمرار في تقديم الخدمات للاجئين، ومن جهةٍ اخرى كان لازاريني قد طرح أفكارا قائمة على شراكات داخل مؤسسات الأمم المتحدة لتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينين في ظل العجز المالي الذي تعاني منه الوكالة.بعد تلك التصريحات التي صدرت والتي كان مضمونها عجز واستنفاد قدرات "الأونروا" شهد الشارع الفلسطيني ردود أفعال كبيرة تمثلت في تصريحات لقيادات فلسطينية ومظاهرات وإضراب شمل جميع مرافق وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" في قطاع غزة .
وكالة "أونروا"
تأسست "أونروا" كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في عام 1949، وفُوضت بتقديم المساعدة والحماية لنحو 5.7 ملايين لاجئ من فلسطين مسجلين لديها. حيث تشمل خدمات أونروا التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة ، إضافة إلى ذلك تتولى وكالة أونروا تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية والتربوية لملايين الاجئين الفلسطينيين الموزعين على المخيمات في سوريا والأردن ولبنان ، إضافة إلى المخيمات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة ، ويقوم بهذه الخدمات نحو 30 ألف موظف بميزانية تقدر بنحو 1.6 مليار دولار هذا العام.
تخوف فلسطيني من إنهاء دور وكالة "أونروا"
عبر الفلسطينيون عن غضبهم و حذروا من مؤامرة " لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين". حيث إن الفلسطينيين يربطون على الدوام ما بين بقاء وكالة (أونروا) وبقاء حق العودة الى ديارهم قائما، فقد تأسست الوكالة في العام 1949 بقرار حمل رقم 302، وجاء بعد عام واحد على إنشاء الكيان الصهيوني (يوم النكبة) ظهرت المخاوف من إنهاء دور وكالة "أونروا" من خلال العديد من التصريحات حيث يقول محمد شحادة من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره سويسرا، إن أونروا "لا تتعلق فقط بتقديم الخدمات"، مضيفا إن استمرار أونروا "تذكير بأن المجتمع الدولي يتحمّل مسؤولية حل قضية اللاجئين الفلسطينيين".
من جهةٍ أخرى تحدثت الناطقة الرسمية للوكالة الأممية تمارا الرفاعي ، عن التفكير بشأن الطلب من وكالات أممية تقديم بعض الخدمات بالنيابة عن أونروا في حال تعذر التمويل للوكالة بهدف الحفاظ على جميع الخدمات المقدمة للاجئين وعدم التفريط بها، كما هو مضمن في التفويض الممنوح للوكالة ".وقالت الرفاعي وهي أيضاً مديرة الاتصالات الاستراتيجية في أونروا، إن الموضوع "قيد الدراسة والنقاش الداخلي مع التأكيد على عدم تسليم الوكالة لأي خدمات، ولن يكون هناك أي مساس بحق اللاجئ بالحصول على خدمات تضمنها أونروا حتى لو قدمتها وكالة أممية أخرى بالنيابة عنها".
تصريحات لازاريني تمثل "صفعة مدمرة" لمهمة أونروا وانتهاكاً لقرارات الأمم المتحدة
من الواضح أن إعلان مدير الوكالة فيليب الشهر الماضي أن أونروا يمكنها أن تطلب من هيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة المساعدة في تقديم الخدمات، يأتي وكأنه خطة لتقاسم التكاليف.لازاريني قال في بيان إن الاعتماد بشكل أساسي على "التمويل الطوعي من المانحين لن يكون معقولاً" للمضي قدمًا، مضيفا "أحد الخيارات التي يجري استكشافها حاليًا هو تعظيم الشراكات داخل منظومة الأمم المتحدة الأوسع ".رأى الفلسطينيون أن هذه التصريحات بمثابة "صفعة مدمرة" محتملة لمهمة أونروا، رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية قال إن الخطة "تنتهك" قرارات الأمم المتحدة التي أنشأت أونروا ، في حين قالت منظمة التحرير الفلسطينية إن تطبيق ذلك سيثير ردود فعل غاضبة بين الفلسطينيين .وهنا يجب الإشارة إلى أن المسؤول البارز في حركة حماس محمد المدهون وصف ايضاً الاقتراح بأنه "محاولة لتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين تمهيدا لإنهاء عملها".
وفي السياق نفسه قال رئيس صندوق تنمية القدس المتخصص في الشؤون الإنسانية الفلسطينية سامر سنجلاوي أن اقتراح لازاريني جزئيًا محاولة لاختبار "النبض الفلسطيني" قبل تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2023 على تجديد التفويض المعطى لأونروا. وأضاف إن القرار أعطى أيضا "الضوء الأخضر" للدول التي تحاول "التلاعب بهذا التفويض والإنهاء التدريجي لعمل أونروا".واتهم لازاريني بالتخلي عن سلطته، مشيرا الى أن مهمة أونروا تنحصر في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن اللاجئين الفلسطينيين .
رؤية إنهاء دور وكالة "أونروا" تتماشى مع الطرح الأمريكي والإسرائيلي لشطب قضية اللاجئين
ما تجب الإشارة اليه أنه إثر نشوب الأزمة بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بسبب رفض الفلسطينيين الانضمام إلى خطة ترامب لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أوقف ترامب مساهمة الولايات المتحدة في ميزانية الوكالة، والبالغة نحو 235 مليون دولار سنويا. بعد وصول الرئيس جو بايدن إلى الرئاسة عادت المساهمة الأميركية، ولكن رغم عودتها لا تزال الوكالة تعاني من نقص كبير في التمويل. حيث سبق وأن حذّر لازاريني في تشرين الثاني/نوفمبر من أن أونروا تواجه "تهديدًا وجوديًا" بسبب فجوات الميزانية. من هنا يتبين أي قرار الامريكي يقضي بتقليص الدعم المقدم للوكالة يلقي بظلاله على الخدمات التي تقدمها للاجئين بمناطق عملها في المخيمات الفلسطينية ويفاقم المشكلة المالية التي تعاني منها الوكالة اصلا نتيجة لعجزها المتراكم.
ومن الجدير بالذكر أن رؤية إنهاء دور وكالة "أونروا" تتماشى مع الطرح الأمريكي والإسرائيلي لشطب قضية اللاجئين وتأتي في إطار ما سعى إليه الاحتلال منذ عشرات السنين، وهو تقويض الأونروا وتفريغها من محتواها وحرفها عن مسارها الحقيقي. فإذا تم إنهاء دور وكالة "أونروا" فإن ذلك سيودي إلى تفكيك الأونروا وإضعاف قدرتها في السيطرة على ملف اللاجئين ما يتيح مستقبلا للاحتلال تفريغ التفويض الممنوح للأونروا من محتواه وازاحة هذه المؤسسة بأكملها نحو مؤسسات دولية أخرئ. ويرى مراقبون أن هناك مخططاً لتصفية قضية اللاجئين ويجري كل ذلك تحت مبررات نقص التمويل واحجام بعض الدول عن الإيفاء بالتزاماتها.
في الختام وبعد كل ماسبق يمكن القول إن إنهاء دور وكالة "أونروا" لها أبعاد كثيرة وتأتي في خدمة المشروع الصهيوني حيث سعى الاحتلال الصهيوني خلال كل السنوات الماضية من أجل طمس الهوية الفلسطينية والعمل على شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين في الخارج ، وما هذه القرارات والتصريحات الاخيرة الا لتأكد أن هناك محاولات مستمرة حثيثة للالتفاف على استمرار المؤسسة الدولية الممثلة بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين و كل هذه المحاولات تندرج في إطار واحد هو الالتفاف والانقضاض على حق العودة للاجئين والمشردين من أبناء الشعب الفلسطيني.
في ظل التصريحات التي صدرت هل تستطيع التحركات الفلسطينية أن تمنع المخططات التي تهدف إلى إنهاء دور الوكالة، وهنا يطُرح سؤال ما مدى فاعلية الإضراب الشامل الذي عم جميع مرافق وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" في قطاع غزة احتجاجا على قرار الإدارة الأمريكية تقليص الميزانيات والدعم للوكالة ؟ وهل الإضراب الذي شارك فية أكثر من 13 ألف موظف من موظفي "الأونروا" سينجح في الضغط على الجهات المانحة والعالم أجمع لدفع الولايات المتحدة للتراجع عن قرارها بتقليص المساعدات للفلسطينيين؟.