الوقت- كان وجود "حزب الله" اللبناني في الحكومة اللبنانية ومشاركته في البرلمان منذ 2005 من بين الأهداف الواضحة والدقيقة التي حددها الحزب في وثيقته السياسية لعام 2009. إن الأهداف التي أكدها "حزب الله" اللبناني صراحة في هذه الوثيقة السياسية هي أن "حزب الله" سيكون جاداً في كل انتخابات، وسيعرض وجهات نظره بما يتماشى مع الواقع اللبناني الجديد، وسيظل مخلصاً لمبادئه الأساسية. وفي هذا السياق، وعشية انتخابات 2022 النيابية، وضع حزب الله أولويتين متكاملتين للمشاركة في الساحة السياسية في البلاد:
الف) دعم المقاومة: يدرك "حزب الله" اللبناني أن المقاومة هي حاجة وطنية ملحة لكل اللبنانيين من أجل مواجهة تهديدات الكيان الصهيوني المستمرة وطموحاته على التراب اللبناني. خصوصاً أن الحكومة اللبنانية لم تستطع يوماً أن تحقق موازين قوى مع العدو الصهيوني ودعم لبنان وطنًا وشعبًا ضد العدوان الإسرائيلي. ولقد كان "حزب الله" حاضراً في الحكومة والبرلمان اللبنانيين لمنع تبني أو تنفيذ أي قرارات تمس سلاح المقاومة، وسيواصل إعطاء الأولوية لهذا الموضوع في المرحلة المقبلة. وطوال السنوات الماضية، عارض "حزب الله" أيضًا ولا يزال يعارض كل الحملات السياسية لتيار "14 آذار" الموالي للغرب، والذي يهدف إلى اتهام المقاومة وتحميلها مسؤولية انهيار الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان.
ب) دعم الشعب اللبناني وبناء دولة قوية: الدور الأساسي لـ "حزب الله" في مجلس النواب والحكومة اللبنانية هو محاولة لتغيير القوانين التي تمس ممتلكات ودائع المواطنين، ودائماً ما أصدر ممثلو "حزب الله" اعتراضهم على قوانين زادت الضرائب على الناس وذلك لمنع العبء الإضافي على أبناء الشعب اللبناني. اذ رفض ممثلو "حزب الله" خلال السنوات الماضية المصادقة على اغلب موازنات الحكومات اللبنانية المختلفة التي لم تأخذ المصالح الوطنية بعين الاعتبار.
وبخصوص موازنة العام الجديد، قال "محمد رعد"، رئيس فصيل داعم للمقاومة في مجلس النواب اللبناني، إن الميزانية ليست في المصلحة العامة وأن "حزب الله" لن يوافق أبدًا على ميزانية تضع عبئًا أكبر على الناس. كما يحارب "حزب الله" بشكل نشط الفساد منذ عام 2018، وسط تفشي الفساد الذي اجتاح جميع أنحاء لبنان ومؤسساته، مما أدى إلى فقدان الموارد الوطنية للبلاد وما تلاه من اشتداد للأزمات الاقتصادية والمالية، خاصة بعد عام 2019. ولقد كشف "حزب الله" خلال ترديده لشعار التنمية الاقتصادية والمدنية للبلاد من 2018 إلى 2021، عن العديد من قضايا الفساد في لبنان، وأعاد جزءًا كبيرًا من الإيرادات الوطنية للبلاد إلى خزينة الدولة. حيث أنه منذ العام 2018، مع استفحال الفساد لكل مفاصل الدولة ومؤسساتها ما أدى الى هدر مواردها، ومن ثم تفاقم الازمات الاقتصادية والمالية، دخل "حزب الله" معركة مكافحة الفساد، ووضع أولويته في شعاره "نحمي ونبني" النهوض الاقتصادي والتنموي بالدولة وقد حقق في فترة 2018 – 2021 الإنجازات التي أعادت لخزينة الدولة بعضاً من إيراداتها، وفضحت الفاسدين. ومن ناحية ثانية، عملت كتلة الوفاء للمقاومة على إقرار القوانين الإصلاحية (قانون المنافسة، قانون الوكالة الوطنية للدواء.)
وفي هذه المرحلة، يكمل "حزب الله" أيضًا برنامج الإصلاح في خطته الانتخابية الجديدة لعام 2022؛ حيث قدم الحزب رؤيته السياسية القائمة على التقدم العام تحت عناوين واضحة وتتحدد الرؤية الاقتصادية له في خطواته العملية. وفي المشهد السياسي لـ"حزب الله" للانتخابات الجديدة، ستسعى المقاومة لبناء دولة بالخصائص التالية:
1) دولة قادرة على دعم أرضها وشعبها وسيادتها واستقلالها ولها جيش وطني قوي ومجهز تجهيزاً جيداً وبناء مؤسسات أمنية فاعلة.
2) دولة تستخدم أجهزتها الحكومية، أساليب حديثة وفعالة لأداء مهامها.
3) دولة ملتزمة بتطبيق القوانين على الجميع والقضاء يكون حراً ويتصرف باستقلالية وبعيدا عن سيطرة السياسيين.
4) دولة يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على القطاعات الإنتاجية وتسعى إلى تعزيزها.
5) دولة تطبق مبدأ التنمية المتوازنة بين مختلف المناطق والشعوب والتي تكون حاضرة لتعيين الاشخاص في مناصب مهمة حسب كفاءاتهم وخبراتهم.
وعلى صعيد متصل، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية أن قيادتا "حزب الله" وحركة "أمل"، عقدتا يوم الأحد الماضي، اجتماعا في مدينة النبطية بالجنوب اللبناني وأصدرتا بيانا مشتركا بخصوص عدد من القضايا المحلية والإقليمية. وبحسب تلك التقارير الاخبارية، تداولت القيادتان خلال الاجتماع "آخر التطورات المحلية والإقليمية"، وركزتا على الإجراءات والبرامج والتقديمات المعتمدة لتخفيف الاعباء عن كاهل أهلنا في مواجهة الأزمة المعيشية والمالية التي تعصف بالوطن، كما استعرضتا آخر التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة". وورد في بيان مشترك للحزب والحركة: "نبارك لأهلنا الشرفاء، اللبنانيين بعامة والمسلمين بخاصة حلول شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة والتوبة، ونسأل الله أن تكون أيامه ولياليه فرصة عبادية رحمانية للابتهال إليه أن يمن على شعبنا وعلى بلدنا بالفرج والنصر".
وتوجهتا بـ"التحية للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال الذين أذاقوا العدو في الأيام الماضية من خلال عملياتهم النوعية مرارة الهزيمة، وأكدوا من جديد أن هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت، وأن كل لقاءات الخيانة وقمم التطبيع لن توفر الأمن والإستقرار له ما دامت المقاومة خيارا لاستعادة الأرض وتحريرها من دنس الصهاينة المحتلين". ودعت القيادتان الحكومة اللبنانية إلى "اتخاذ موقف شجاع ومتقدم وعدم الخضوع للضغوط الأمريكية، ولا انتظار الوعود الكاذبة التي أطلقتها السفيرة الأمريكية لدى لبنان، "دوروثي شيا"، بتأمين الكهرباء من مصر والأردن منذ أشهر، والمبادرة فورا إلى قبول العرض الإيراني الذي يحل هذه المشكلة، ويوفر الكهرباء لجميع اللبنانيين، والذي أكده وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في زيارته الاخيرة لبيروت".
وأكدتا مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، "ضرورة إجرائها في موعدها، مع تجديد الإعلان عن عمق التحالف بين حزب الله وحركة أمل، والذي هو ضمانة لاستقرار الوطن وسيادته وحرية شعبه في مواجهة كل محاولات الهيمنة والتبعية والتطبيع".وتوجهتا بـ"التحية للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال الذين أذاقوا العدو في الأيام الماضية من خلال عملياتهم النوعية مرارة الهزيمة، وأكدوا من جديد أن هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت، وأن كل لقاءات الخيانة وقمم التطبيع لن توفر الأمن والإستقرار له ما دامت المقاومة خيارا لاستعادة الأرض وتحريرها من دنس الصهاينة المحتلين". وفي نهاية المطاف، يمكن القول إن بناء دولة قوية داخل لبنان هو مشروع طويل الأمد يجب أن تشارك فيه جميع الأحزاب السياسية اللبنانية، وليس "حزب الله" فقط، وشرط بناء مثل هذه الدولة هو، أولاً وقبل كل شيء، التحرر من التبعية للدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة.