الوقت- بشكل مفاجئ، زار رئيس الوزراء البريطانيّ، بوريس جونسون، العاصمتين الخليجيتين أبو ظبي والرياض والتقى مع كل من وليّ عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ووليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، وإنّ السبب الأساس لهذه الزيارة هو حث الدول الخليجيّة النفطيّة على المساعدة في خفض أسعار النفط بعد الغزو الروسيّ لأكرانيا، والذي أحدث أرتفاعاً جنونيّاً بأسعاره في السوق الدولية، حيث تجاوز سعر البرميل الواحد في بعض الصفقات حاجز 132 دولارا، وهو ما رفع احتماليّة أن تشهد أسواق النفط المزيد من الارتفاع، بالتزامن مع المستقبل المجهول للحرب التي يشنّها بوتين على الأراضي الأوكرانيّة وعدم معرفة مدى إمكانيّة تفاقهمها أو حلّها.
لا يخفى على أحد في أيامنا هذه أنّ النفط يُعد من المواد المهمة والرئيسيّة التي تؤثر على حركة بلدان بأكملها، فيما تُعد أسواق النفط من أهم ساحات المضاربة في العالم بأكمله، وخاصة في الحروب والأزمات، وقد شاهدنا كيف عملت تلك المضاربات على تحقيق أكبر مكاسب ممكنة من تأثر السوق منذ بداية الحرب على أكرانيا، حيث وصل سعر البرميل النفطيّ الواحد وسعر الكيلومتر من الغاز الطبيعيّ لأرقام خياليّة، في ظل الشتاء القارس بالقارة الأوروبيّة.
وباعتبار أنّ الدب الروسيّ في إدارة الأزمة الدوليّة على الصعيد الاقتصاديّ يراهن على إمكانياته النفطية الهائلة التي يعتقد أنه لا يمكن الاستغناء عنها، ويرغب بإلحاق الضرر بسوق النفط العالميّة بما يؤثر بشكل سلبيّ على المقدرات الاقتصاديّة الأميركيّة والأوروبيّة، بحث رئيس الوزراء البريطاني مع ابن زايد وابن سلمان، مستجدات الأزمة الأوكرانيّة وأسواق الطاقة العالميّة، أملاً في إقناع أبوظبي والرياض بزيادة إنتاج الكميات النفطيّة.
" الحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية" هذا ما يسعى إليه بوريس جونسون من زيارته للخليج، لأنّ روسيا التي أغضبت أميركا والغرب بحربها ضد أوكرانيا، لديها إنتاج يوميّ من النفط يقدر بنحو 10.5 ملايين برميل، تصدر منها نحو 7 ملايين برميل، كما أن لديها خطوط إمداد للغاز الطبيعي للدول الأوروبيّة، فيما تطرقت المباحثات حسب الإعلام الخليجيّ إلى الأزمة الأوكرانية وتداعياتها الإنسانيّة، وأهمية تكثيف الجهود الدولية لدعم الأوضاع الإنسانية للمدنيين، حيث أكّدت أبوظبي ضرورة اللجوء إلى السبل السلميّة والدبلوماسيّة لتسوية مختلف النزاعات والخلافات بين الدول، وأشار جونسون إلى إنّ بلاده تولي تطوير علاقات التعاون والتنسيق المشترك مع الإمارات اهتماماً خاصاً، بما يخدم مصالحهما المتبادلة ويساهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
الخطوة التالية، كانت إلى العاصمة السعودية الرياض، في ثاني وآخر محطات رئيس الووزراء البريطانيّ ضمن جولته الخليجية، حيث حاز الصراع في أوكرانيا بلا شك المساحة الأكبر من ضمن القضايا الإقليميّة والدوليّة أخرى التي تحدثت وسائل الإعلام السعوديّة عن مناقشتها خلال لقاء بوريس جونسون بوليّ العهد السعوديّ محمد بن سلمان، وقد ذكرت وكالة الأنباء السعوديّة أنّ وزير الطاقة السعوديّ، عبد العزيز بن سلمان، حضر الاجتماع، موضحة أنّ المملكة وقّعَت مع بريطانيا مذكرة تفاهم لتشكيل ما أسمته "مجلس شراكة استراتيجيّ".
وفي الوقت الذي قاومت فيه الدولتان النفطيتان حتى اللحظة إدانة الغزو الروسيّ لأوكرانيا رغم الضغوط الأمريكيّة والأوروبيّة، للحفاظ على تحالف "أوبك" الذي يتحكم في كميات الإنتاج بالسوق وتقوده السعودية وروسيا، تسعى المملكة المتحدة التي تمثّل الواردات الروسية 8% من إجمالي الطلب على النفط فيها إلى إقناع الإمارات والسعودية بزيادة إنتاج النفط لتخفيف أسعار الطاقة العالمية والتقليل من أثر العقوبات الاقتصاديّة المفروضة على الروس، ومحاولة دعم الحلف الغربيّ الأمريكيّ الذي شُكّل ضد روسيا، فيما تخطط لندن للتخلص التدريجي من واردات النفط الروسيّة، كجزء من عقوبات واسعة النطاق تستهدف الشركات ورؤوس الأموال الروس.
