الوقت - جددت نائبة وزير الخارجية الأمريكي، ويندي شيرمان، الثلاثاء في الرباط، دعم واشنطن لمخطط الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع حول الصحراء الغربية.
وأكدت المسؤولة الأمريكية، التي أجرت مباحثات سياسية مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، وترأست بمعيته جلسة الحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة حول القضايا السياسية الإقليمية، أن “الولايات المتحدة تواصل اعتبار المخطط المغربي للحكم الذاتي جادا وذا مصداقية وواقعيا، وذلك باعتباره مقاربة تستجيب لتطلعات ساكنة المنطقة”.
وذكر بلاغ مشترك، توج جلسة الحوار الاستراتيجي، أن الطرفين أعربا، بهذه المناسبة، عن دعمهما “الثابت” للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، في قيادته للمسلسل السياسي المتعلق بالصحراء، تحت رعاية الأمم المتحدة.
كما استحضر بوريطة و شيرمان الإعلان المشترك الموقع في 22 ديسمبر 2020 من قبل المملكة المغربية والولايات المتحدة وكيان إسرائيل، والذي يكرس الاعتراف الأمريكي بالسيادة الكاملة للمملكة على الصحراء الغربية فضلا عن مناقشتهما سبل تعزيز هذا التعاون.
ونوهت المسؤولة الأمريكية، في هذا الصدد، بمواصلة تعميق العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
وشكل الحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة حول القضايا السياسية الإقليمية مناسبة للدبلوماسيين الأمريكيين والمغاربة لاستعراض جملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك التعاون في مجال الأمن وحقوق الإنسان، والتطرق إلى القضايا الإقليمية المرتبطة بالساحل وليبيا وأوكرانيا.
ويندرج هذا الحوار في إطار المشاورات الاستراتيجية المنتظمة بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية.
وقعت الرباط وتل أبيب وواشنطن، في 2020، اتفاقاً ثلاثياً تضمن عدة مذكرات تفاهم لإقامة علاقات بين المغرب و”إسرائيل”، وصفه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بأنه “خريطة طريق سيعمل الأطراف الثلاثة عليها خلال المرحلة المقبلة”.
في حين رأت وسائل اغلام جزائية أن وسائل الإعلام المغربية بما فيها الرسمية، حرّفت تصريحات نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شارمان وقالت ان الإعلام المغربي روّج إلى أن المسؤولة الأمريكية الرفيعة استخدمت اسم “الصحراء المغربية” بدل “الصحراء الغربية” كما حوّلت الوسائل ذاتها، عبارة “ننظر إلى مقترح الحكم الذاتي كمقترح جاد” إلى “ندعم مقترح الحكم الذاتي”.
وجاء في بيان السفارة الأمريكية: ” أعرب البلدان عن دعمهما القوي للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا، الذي يسعى لتنشيط العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية”.
وأشارت نائب الوزير الأمريكي إلى: “ما زلنا ننظر إلى خطة الحكم الذاتي المغربية على أنها جادة وذات مصداقية وواقعية، وهي مقاربة محتملة لتلبية تطلعات شعب الصحراء الغربية”.
وفي السياق، هاجم أستاذ تسوية النزاعات الدولية محمد الشرقاوي الدبلوماسية المغربية وتحركاتها الأخيرة، وكتب أستاذ العلاقات الدولية المغربي على صفحته بموقع فيسبوك: “يبدو أن دبلوماسية الرباط استعذبت المقام والاحتماء في كهف إسرائيل بماضوية الجمود في ديسمبر 2020، والتعبّد في مقولة أن الإعلان الرئاسي لدونالد ترامب يجسد اعتراف القرن، وأنه سيقلب ميزان القوة في مجلس الأمن وبقية المنصات الدبلوماسية الدولية، ناهيك عن انتظار استثمارات السبعة مليارات دولار التي لوّح بها البعض للترويج للتطبيع مع إسرائيل”.
ورأى متابعون أن إعلان إدارة جو بايدن، دعمها مقترح المغرب بمنح الصحراء الغربية حكمًا ذاتيًا تحت سيادته، يعزز موقف الرباط، بينما حذَّر آخرون من أن يدفع هذا الموقف بالوضع في المنطقة نحو مزيد من التوتر.
ووفق متابعين مغاربة، فإن من شأن هذا الموقف أن يعزز موقف المغرب في مواجهة جبهة البوليساريو، والتي تقول الرابط إنها مدعومة من الجزائر.
وأكد المحلل السياسي المغربي حسن بلوان أن زيارة شيرمان سيكون لها ما بعدها على المستوى العسكري، والاقتصادي، والدبلوماسي، بين المغرب والولايات المتحدة، مضيفًا أن الرباط تأخذ بزمام المبادرة على المستويين الميداني والعسكري في الصحراء الغربية، معتبرًا أن النزاع سيجد طريقه إلى الحل.
لكن مسؤولين في البوليساريو يعتقدون أن الموقف الأمريكي لن يؤثر على مسار القضية، إذ قال الأمين العام لما يسمى بـ“وزارة الشؤون الخارجية“ في جبهة البوليساريو، السالك إصغير الراضي إن ”الموقف الأمريكي ليس جديدًا، فهو نفس الموقف لدى الولايات المتحدة“.
وأضاف السالك فإن ”الكفاح والحرب سيستمران“، معتبرًا أن ”المغرب أخلَّ بتعهداته، وخلق جميع العراقيل الممكنة حتى لا يطبق القرارات والالتزامات.
وقال السالك: ”نحن ملتزمون بالجلوس للتفاوض في أي مسار شريطة احترام حق الشعب الصحراوي بتقرير مصيره“، لافتًا إلى أن الشعب الصحراوي، بحسب تعبيره، هو الذي يعاني في خضم هذا النزاع“.
وكان المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية ستيفان دي ميستورا قد قام مؤخرا بجولة في المنطقة لكسر جمود المفاوضات قبل أن يعود إلى الأمم المتحدة.
وقال السالك: ”ننتظر، في شهر أبريل المقبل، كيف سيقدم المبعوث الخاص تقريره، ونتمنى أن تعود الأمم المتحدة للبحث عن حل حقيقي للنزاع لأنه وقع كثير من الانزلاقات والانحراف في عملها تجاه الصحراء الغربية“.
في المقابل، قال مدير المركز المغاربي للدراسات، رشيد خشانة، إن القضية حساسة جدًا للمغرب الذي يعد الموقف الأمريكي أقرب له ولمبادرته بالحكم الذاتي للإقليم. واضاف إن ”هناك خشية من أن يؤدي ذلك إلى مستوى يذكرنا بحرب الرمال، العام 1963“.
وأعرب ”خشانة“ عن أمله بأن تكون هناك حكمة عربية توقف تدهور الأمور، لأن الجزائر لن تسكت على التصريح الأمريكي، وقد تتجه الأجواء إلى مناخات من الصدام كما شاهدنا خلال الفترة الأخيرة من الطلقات والاشتباكات على الحدود“.