الوقت- تمارس سلطات الرياض العديد من الانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان من اعتقالات تعسفية وإعدامات للمواطنين وحصار وحروب مع الدول المجاورة بشكل يومي، كذلك تعمل المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام على تسليط الأضواء على الانتهاكات والتي بدأت تؤثر على سمعة سلطات الرياض وتؤرق كبار المسؤولين.
وفي هذا السياق ذكر موقع العهد الإخباري أن السلطات السعودية تسعى لتثبيت اتهامات ظالمة بحقّ 11 شاباً من بلدة أم الحمام في محافظة القطيف.
وحسب المعلومات، تُطالب النيابة العامة بإعدام علي العلوي، وسجن آخرين بمدد متفاوتة وهم:
فيصل الكعيبي، أحمد الكعيبي، علي الكعيبي، محمد الكعيبي، علي العوامي، محمد الشبيب، جعفر المرهون، مرتضى المرهون، مجتبى المرهون، علي المرهون
السلطات السعودية تصدر أحكامها استناداً إلى القضاء الذي يعتبر أداة السلطات للضغط على الأقلية الشيعية في السعودية وتعرض القضاء السعودي في أكثر من تقرير أممي إلى المسائلة عن كيفية اصدار الأحكام.
الصحافة الأمريكية تهاجم القضاء السعودي
هاجمت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية القضاء السعودي واعتبرته غير مستقبل يخضع لسيطرة مباشرة من قبل ولي العهد محمد بن سلمان. وأضافت الصحيفة في تقرير لها عن إعلان السعودية مؤخراً تخفيف إصدار أحكام بحق المعارضين ومعتقلي الرأي بهدف تلميع صورتها.
وفي هذا السياق قالت الصحيفة إن النظام القضائي في السعودية “لا يزال غير مستقل، وهو نظام متحيّز ويخضع للسلطات العليا” في المملكة.
القضاء السعودي أداة للقمع بيد ابن سلمان
عزز بن سلمان حكمه عبر أدوات قمعية لتشديد قبضته على السلطات في السعودية بما في ذلك سعيه لتدمير القضاء السعودي. والقضاء السعودي واحد من الملفات التي طالها ذراع بن سلمان، وأحكم سيطرته عليه حتى شابه الفساد والظلم، وتم ذلك عبر حصر القرارات بيد ولي العهد دون الرجوع إلى أحكام القانون في المملكة.
كما كان في أغلب الحالات يتم إصدار القرارات من الديوان الملكي دون استشارة القضاة وأهل الاختصاص. وإصدار التعليمات السياسية للقضاة من أجل الحكم وفق أهواء بن سلمان لتدمير القضاء واستقلاليته.
واعتماد المسح الأمني للحيلولة دون ترقية الأكفاء من القضاة وتحويل المحكمة الجزائية المتخصصة لأداة قمع وترهيب المواطنين والمعتقلين السياسيين. فضلاً عن تحويل النيابة العامة لأداة تحكم بيد أذرع بن سلمان. وجعل النائب العام عبارة عن أداة لتمرير قرارات الديوان الملكي.
يضاف إلى ذلك تعزيز ضعف ثقة المواطن في القضاء عبر إصدار أحكام سياسية وأخرى تخالف ادعاءات الإصلاح.
غضب المنظمات الحقوقية الدولية
أثارت أحكام قضاة سلطات آل سعود بحق النشطاء والناشطات المعتقلين في سجون المملكة غضباً حقوقياً دولياً. كما أن المحاكمات الأخيرة لعدد من الحقوقيين والحقوقيات في سجون آل سعود، دفعت رئيس منظمة ماجنيتسكي ” بيل براودر” للتحرك ضد هؤلاء القضاة. ويسعى رئيس المنظمة بيل براودر الذي عمل على تشريعات قانون الماجنيتسكي في أوروبا وأمريكا وكندا لمعاقبة قضاة آل سعود.
السلطات السعودية تنتهك القوانين الدولية
وقالت منظمة سند لحقوق الإنسان إن السلطات السعودية تنتهك الكثير من بنود القوانين المحلية والدولية في التعامل مع قضايا حرية التعبير وكذلك المعتقلين، لاسيما معتقلي الرأي. وبهذا السياق، انتهكت السلطات السعودية المادة الثانية من نظام الإجراءات الجزائية السعودي الصادر عام 1435.
وتنص المادة الثانية في النظام، على أنه يُحْظَر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنويّاً، ويُحْظَر كذلك تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة. في المقابل، تتعامل السلطات مع معتقلي الرأي، بأسلوب بشع داخل المعتقلات، حيث التعذيب النفسي والجسدي والإهانة وسوء المعاملة، بجانب الحرمان الذي يزيد من مآسي المعتقلين.
كما أكدت المنظمة الحقوقية أن على السلطات أن تتخلى عن انتهاكاتها الجسيمة التي تمارسها بحق معتقلي الرأي، احتراماً لحقوق الإنسان والقوانين التي تحمي الشخص من الأذى النفسي أو الجسدي.
وتنتهك السلطات السعودية حقوق معتقلي الرأي في ظل غياب العدالة والقانون الذي من شأنه أن يحمي الإنسان من الانتهاكات ويصون حقوقه. ولعل معتقلي الرأي الفئة الأكثر تضررا من انتهاكات السجانين، حيث الحرمان يلاحقهم داخل الزنازين بشكل متعمد وممنهج من قبل السلطة.
أرقام قياسية في أعداد المعتقلين
في هذا السياق كشف توثيق حقوقي يعد الأول من نوعه عن اعتقال أكثر من 68 ألف شخص في سجون السعودية في ظل ظروف “غير آدمية” وخارج إطار القانون.
وقالت منظمةFreedom Initiative الحقوقية الدولية إن التقديرات الأخيرة تشير إلى أن عدد المعتقلين في السجون ومراكز الاعتقال في السعودية بلغ أكثر من 68 ألف معتقل.
كما أكدت المنظمة أن هذا العدد الكبير يقبع في ظروف غير إنسانية قاسية وتم وضع العديد منهم رهن الاحتجاز مع انتهاكات منهجية لحقوقهم بدون محاكمات أو محاكمات غير عادلة.
وفضحت هذه المنظمة السياسات السعودية المتمثلة في الاعتقال والمضايقات والإيقاع بالمواطنين الأمريكيين وأفراد أسرهم، مشيرا إلى وضع هؤلاء كجزء من حملات القمع العالمية، لا سيما ضد أولئك الذين يركزون على حقوق الإنسان.
وأبرزت أن التكتيكات القمعية للحكومة السعودية تتجاوز حدودها المحلية وبات لديها تجربة عالمية بحملات الاعتقال والترهيب والتشهير والسجن والتعذيب والتهديدات.
المجتمع الشيعي في السعودية تحت القبضة الحديدية
تساند الحكومة الدعاة السنة المؤيدين لها، الذين يستغلون الدعم الشعبي لهم، لتبرير الممارسات المجحفة بحق الشيعة في السعودية، فضلا عن تأليب الرأي العام ضدهم من خلال توظيف خطاب الكراهية. ففي العديد من المناسبات، يعمد بعض الدعاة، الذين يتابعهم الملايين من الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى وصف الشيعة بعبارات تنم على الازدراء وتهدف إلى الحط من معتقدهم وممارساتهم.
علاوة على ذلك، يدين هؤلاء الدعاة الاختلاط بين السنة والشيعة في الحياة العامة، ويحرمون الزواج بين الطائفتين السنية والشيعية. بالإضافة إلى ذلك، يستند المنهج الدراسي في السعودية على خطاب يحط من قيمة الممارسات الدينية الشيعية في حين يصفها بالشركية، وأن أتباع المذهب الشيعي خالدون في النار.
في الواقع، يحمل هذا الخطاب بين طياته آثارا مدمرة. فقد استخدمته القاعدة وتنظيم الدولة من قبل لتبرير استهدافهم للشيعة. فمنذ منتصف سنة 2015، شن تنظيم الدولة عمليات إرهابية ضد ستة مساجد شيعية ومراكز دينية في المنطقة الشرقية، مما أدى إلى مقتل 40 شخصا على الأقل. في أعقاب ذلك، ردد التنظيم الإرهابي من خلال نشرته الإخبارية تصريحات دعاة الحكومة السعودية، معتبرا أنه بصدد دك "صروح الشرك".
في خضم هذا الصراع المحلي والحروب الإقليمية في المنطقة، أكد شيعة السعودية أن الحل الوحيد للمعضلة التي يواجهونها يتمثل في التعاطي معها على الصعيد الوطني المحلي. وفي حوار لصالح منظمة هيومن رايتس ووتش، صرح بعض المواطنين السعوديين الشيعة أن كل ما يطمحون إليه يتمثل في الاندماج التام في الدولة السعودية واعتبارهم مواطنين لهم حقوق المواطنة.
في الأثناء، تعتقد الحكومة السعودية أن اعتماد سياسة "القبضة الحديدية" في إطار التعاطي مع المناطق الشيعية، فضلا عن رفع شعار محاربة الإرهاب وقتل "الإرهابيين" وإعدام المعارضين بعد محاكمات ظالمة من شأنه أن يحل الأزمة. ومما لا شك فيه أن هذه السياسة ستقحم المملكة في دوامة صراع قد لا تنتهي. وبالتالي، يتمثل الحل الوحيد بالنسبة للمملكة العربية السعودية في التعاطي مع هذه المشكلة بشكل جذري وفعال، على غرار وقف عمليات القمع التي تطال المواطنين الشيعة، في المقام الأول.
التضييق على الشيعة في السعودية
تزامنًا مع الثورة الإسلامية في إيران، أصبحت الحكومة السعودية متشككة من الشيعة، خوفًا من تبني ثورة ضد الوهابية مصدر السلطة في المملكة، فمن المعروف تخوف السعودية من "عدوى الثورات"، فبدأت بتضييق الخناق على مواطنيها الشيعة، فقلصت من فرص العمل المتاحة لهم حتى كادت تتلاشى ما زاد من نسب البطالة بينهم، حتى أن شركات مثل أرامكو اتجهت إلى التعسف مع موظفيها من الشيعة بتخفيض رواتبهم أو فصلهم نهائيًا، فضلًا عن منعهم من الترقي.
ويرى المواطنون الشيعة أن السلطات السعودية تتعامل معهم باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية، يتمثل ذلك في التمييز الطائفي ضدهم، وعدم مساواتهم ببقية المواطنين وعدم تمثيلهم في أي مناصب متعلقة بالحكم، وهم الذيم يمثلون 15% من تعداد السكان، لكنهم لم يحوزوا في تاريخ السعودية أي حقائب وزارية، فضلًا عن أن مشاركتهم في مجلس الشورى المعين لا تتجاوز 2% فقط، إذ إن 4 شيعيين فقط أعضاء في المجلس الذي يضم 150 عضوًا.
اقتصادياً، يشعر شيعة السعودية بسرقة مواردهم، فرغم أن المنطقة الشرقية من أغنى مناطق السعودية بالنفط، إلا أن توزيع الموارد والثروات غير متكافئ، ما أدى لارتفاع معدلات الفقر والبطالة، واتساع الهوة في مستوى الدخل بين السنة والشيعة.
وفي هذا السياق أصدرت منظمات حقوقية تقارير ترصد معاناة المواطنين الشيعة في السعودية من سياسات القمع والإقصاء وتقيد حرية التعبير والمعتقد، ففي تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، صدر مباشرة عقب "ثورة حنين" في 2011، قالت إن شيعة السعودية يعانون تمييزًا يصل إلى الاضطهاد على أساس طائفي، لدرجة أن الافصاح عن المعتقد الشيعي قد يُؤدي إلى الاحتجاز أو السجن.
وأضافت المنظمة الحقوقية أن "التمييز الرسمي ضد الشيعة يتضمن الممارسة الدينية، والتربية، والمنظومة العدلية، فيما يعمد المسؤولون الحكوميون إلى إقصاء الشيعة من بعض الوظائف العامة والرفض العلني لمذهبهم".
كما تفرض السلطات السعودية قيوداً على بناء دور العبادة الشيعية، وترفض منح التراخيص الخاصة بهذا الشأن. ويصل التمييز ضد الشيعة في السعودية إلى وصفهم في وسائل الإعلام الرسمية وعلى ألسنة بعض علماء الدين بـ "الرافضة والمجوس"، ويتلقون السباب لأتفه الأسباب، وعلى أساس طائفي.
برزت انتقادات دولية واسعة لسجل انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية منذ عهد الملك سلمان وابنه الأمير محمد بن سلمان، وأصبح حديث الصحافة ووسائل الإعلام الدولية حول حقوق الإنسان نقلا عن المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان متكرراً وبشكل أسبوعي وحتى يومي، ولكن تستمر السلطات السعودية في ممارساتها القاسية بحق السجناء وتصدر أحكاماً بحقهم لا تستند إلى أي أدلة.