الوقت- تسببت الحرب والانهيار الاقتصادي وكذلك قيود تحالف العدوان السعودي على الواردات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات صنعاء، في ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم ، حيث يواجه 16 مليون شخص المجاعة. وقال برنامج الأغذية العالمي في يونيو / حزيران الماضي إنه استأنف التوزيعات الشهرية لنحو ستة ملايين شخص في المناطق اليمنية التي تشهد أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي بعد أن استجاب المانحون للتحذيرات. لكن في سبتمبر / أيلول الماضي، دقت الوكالة الأممية ناقوس الخطر مرة أخرى، قائلة إن هناك حاجة ماسة إلى 800 مليون دولار إضافية في الأشهر الستة المقبلة. وقالت إنه سيتعين خفض الحصص إلى 3.2 ملايين شخص بحلول أكتوبر تشرين الأول وخمسة ملايين بحلول ديسمبر كانون الأول دون مزيد من الأموال. وتصاعدت المعارك في الأسابيع الأخيرة في المناطق الغنية بالطاقة في مأرب وشبوة، ما زاد من إعاقة تدفق المساعدات في بلد يحتاج 80٪ من سكانه البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى المساعدة. وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في وقت سابق من هذا الشهر إن أربعة من كل خمسة أطفال يحتاجون إلى مساعدات إنسانية ، بينما يعاني 400 ألف من سوء التغذية الحاد.
وعلى صعيد متصل، قدّر "واعد باذيب" وزير التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة اليمنية المستقيلة والقابعة في فنادق الرياض الخسائر المباشرة التي لحقت بالاقتصاد في الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو سبع سنوات، بحوالي 90 مليار دولار. ووأفادت وكالة الأنباء اليمنية بأن الوزير المستقيل كان يتحدث في اجتماع افتراضي مع "مارينا ويس" المديرة الإقليمية لمجموعة البنك الدولي لدى مصر واليمن وجيبوتي، والمديرة القُطرية للبنك باليمن، وبمشاركة ميزرا حسن المدير التنفيذي لمجموعة البنك الدولي وأشار الوزير المستقيل إلى ما يعانيه الاقتصاد اليمني من انكماش غير مسبوق منذ عام 2014، قائلا إنه خسر أكثر من 90 مليار دولار وفقا لتقديرات أولية. وأضاف "باذيب" أن هذه التقديرات هي للخسائر المباشرة في الناتج المحلي اليمني، فضلا عن الخسائر الناتجة عن تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية بسبب الحرب. وبالإضافة إلى هذا خسرت العملة الوطنية حوالي 180 بالمئة من قيمتها أمام العملات الأجنبية، مما ساهم في صعود حاد للأسعار وتدهور مستوى المعيشة وانخفاض متوسط دخل الفرد بحوالي 60 في المئة.
وقال البنك الدولي في بيان مطلع يوليو إن اليمن "البلد الأشد فقرا في قائمة البنك الدولي لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ عام 2015 بسبب الصراع". وجددت الأمم المتحدة يوم الاثنين تحذيرها من الوضع الهش في اليمن الذي قد يؤدي إلى انزلاقه إلى المجاعة مجددا بسبب اشتداد الصراع المستمر في أنحاء البلاد. وقال "ديفيد جريسلي" المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن في إحاطة صحفية: "الصراع والعنف المستمران في جميع أنحاء البلاد لا يزالان يؤثران بشدة على السكان الذين هم في أمس الحاجة إلى إنهاء القتال، حتى يتمكنوا من إعادة بناء حياتهم". ويواجه اليمن ضغوطا وصعوبات مالية واقتصادية غير مسبوقة ناتجة عن تراجع عائدات النفط التي تشكل 70 بالمئة من إيرادات البلاد وتوقف جميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة. ويعاني اليمن منذ قرابة سبع سنوات صراعا دمويا بين تحالف بربري عسكري تقوده السعودية، وبين أبناء الشعب اليمني المظلوم، مما أدى إلى "أكبر أزمة إنسانية في العالم" في هذا البلد الفقير، وفقا للأمم المتحدة.
وقبل عدة أيام، أعلنت الأمم المتحدة مساء يوم الثلاثاء الماضي إيقاف برامج إغاثة حيوية في اليمن جراء نقص التمويل، وسط استمرار المعارك الطاحنة في عدة مناطق في البلد الفقير الذي تعصف به حرب دموية منذ سبعة أعوام. وقال مكتب ممثل منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن على تويتر "نتيجة نقص التمويل، تضطر وكالات إغاثية إلى إيقاف أو تقليص برامج إغاثية حيوية، بما في ذلك برامج في مجالات الغذاء والتغذية والصحة والمياه". وأكد المكتب أن "هناك حاجة عاجلة إلى التمويل لضمان استمرار تدخلات منقذة للأرواح للملايين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية"، دون ذكر مزيد من التفاصيل. وكانت وكالات تابعة للأمم المتحدة، منها برنامج الأغذية العالمي، قد حذرت الشهر الماضي من خفض برامجها، إذ لم تتلق سوى 2.68 مليار دولار من أصل 3.85 مليار دولار طلبتها عام 2021، من المانحين حتى نهاية أكتوبر تشرين الأول.
وقال مكتب ممثل منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن أمس الاثنين إنه "رغم استمرار الجهود للتخفيف من مخاطر المجاعة في اليمن، لا يزال انعدام الأمن الغذائي يمثل تحدياً رئيسياً". واعتبر المكتب في بيان أن "انعدام الأمن الغذائي الحاد حقيقة واقعية بالنسبة لـ 16.2 مليون شخص في اليمن، كما يعاني 40 بالمئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليوناً من نقص في الغذاء". وتسببت الحرب المستمرة منذ سبع سنوات في اليمن، بين حكومة صنعاء في الشمال والحكومة المستقيلة المدعومة من تحالف تقوده السعودية في الجنوب، والانهيار الاقتصادي الذي أعقبها وتقييد التحالف دخول الواردات للمناطق التي تسيطر عليها حكومة صنعاء فيما تقول الأمم المتحدة إنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ يواجه نحو 16 مليوناً من السكان خطر الموت جوعاً.
ويعتقد عدد من المراقبين أن صمت الأمم المتحدة على مثل هذه التقارير، والتباكي على الشعب اليمني المكلوم، يكشف مستوى الضحالة الاخلاقية التي باتت تسير عليها الأمم المتحدة، باتخاذ اليمن أداة للتسول، بغرض إثراء جيوب مسؤولي الأمم المتحدة. وخصوصاً أن المنظمات الدولية العاملة في اليمن، تواجه اتهامات بالمتاجرة بالأزمة الإنسانية التي صنعها التحالف في اليمن. وعلى صعيد متصل، ذكر العديد من المراقبين، أن الأمم المتحدة شريك أساسي في الابادة الجماعية التي تحدث للشعب اليمني من خلال صمتها وموفقتها على الحصار الجائر الذي تفرضه قوات العدوان على ميناء الحديدة منذ اكثر من خمس سنوات ونصف السنة والذي بدوره يهدد بكارثة انسانية بكل المستويات والمقاييس وعلى راس ذلك القطاع الصحي. وأكد اولئك المراقبين، أنه لن تعود الحياة والحق في العيش على هذه الارض الا بالقضاء على الشرذمة التي تدعي أنها إنسانية وهي اليد الاساسية في كل الخراب في العالم. وطالب المراقبين الاحرار والكّتاب بتعرية الامم المتحدة أمام الملأ وكشف مخططاتها والجرائم التي تقوم بها.