الوقت - انعقد اجتماع وزراء الخارجية العرب في الكويت، الأحد 30 يناير، حيث طغى الخلاف بين دول مجلس التعاون ولبنان على الاجتماع.
الكويت التي تترأس حالياً مجلس وزراء جامعة الدول العربية منذ فترة وبعد زيارة وزير خارجيتها إلى بيروت وإعلان شروط دول مجلس التعاون لعودة سفرائها إلى لبنان، بدأت تحركاتها الدبلوماسية لحل الخلافات بين الجانبين.
أسباب بدء التوتر مع الدول الخليجية
دخل لبنان في خلافات دبلوماسية مع السعودية والبحرين والكويت والإمارات منذ أكتوبر تشرين الأول.
بدأت القضية بنشر مقطع فيديو لمقابلة مع وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي قبل شهر من تعيينه وزيراً، والذي انتقد فيه هجوم التحالف السعودي العدواني على اليمن، ووصف تصرفات صنعاء في الحرب ضد المعتدين بأنها "دفاع عن النفس ضد العدوان الخارجي". وقال قرداحي أيضاً إن الصراع المستمر منذ فترة طويلة "عبثي"، ودعا إلى إنهائه.
بعد هذه التصريحات، أدانت السعودية والإمارات تصريحات قرداحي بشدة، ووجدتا فيها ذريعةً لممارسة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على الحكومة اللبنانية المشكلة حديثًا، واستدعتا سفيريهما من بيروت، إلی جانب الكويت والبحرين.
طلبت البحرين والإمارات من مواطنيهما مغادرة لبنان؛ في غضون ذلك، فرضت السعودية حظراً غير محدد المدة على جميع المنتجات الزراعية اللبنانية، بعد اكتشاف شحنة ثقيلة من تهريب المخدرات في ميناء جدة في أبريل/نيسان، تحتوي على 5.3 مليون حبة أمفيتامين غير مشروعة.
وتأتي العقوبات التي تفرضها الدول العربية على لبنان، في وقت يمر فيه هذا البلد بأخطر أوضاعه الاقتصادية، حسب البنك الدولي.
وعلى الرغم من أن الدول الخليجية بقيادة السعودية قطعت منذ فترة طويلة المساعدات الاقتصادية عن لبنان، إلا أن فرض العقوبات قد يزيد الضغط الاقتصادي على الشعب اللبناني.
وفقًا لمعهد الخليج لسوق العمل والهجرة، يعيش أكثر من 300 ألف لبناني في الدول الخليجية، ما يوفر وسيلةً اقتصاديةً حيويةً لمنع تدهور الأوضاع المعيشية السيئة للناس داخل لبنان.
عقب إعلان استقالة جورج قرداحي مطلع كانون الاول، وكذلك الأمر بطرد أعضاء حركة الوفاق البحرينية غير اللبنانيين(المعارضة لنظام آل خليفة) في 15 ديسمبر 2021، كان متوقعاً أن يفتح المجال لإحياء علاقات هذه الدول مع لبنان، لكن في وقت لاحق(في أواخر ديسمبر)، أصبح من الواضح مرةً أخرى أن الأزمة بين بيروت والرياض لا يمكن أن تنتهي بسرعة، وذلك بعد تصريحات الملك السعودي التدخلية وهجومه الحاد على حزب الله في لبنان في خطاب متلفز.
السعوديون، الذين يحاولون دائمًا التخفيف من عبء الإذلال العسكري والانتقاد الخارجي لاستمرار جرائمهم بحق اليمنيين، من خلال ربط مشاكلهم الأمنية وهزائمهم العسكرية الكبرى في اليمن بجهات أجنبية، يستخدمون مزاعم مساعدة حزب الله لقوات أنصار الله كذريعة للضغط على الحكومة اللبنانية، لإسكات الانتقادات المحلية للحرب اليمنية ونزع سلاح حزب الله.
الشروط الـ 12 للبنان.. تذكير بالشروط الـ 13 ضد قطر
على الرغم من جهود الحكومة اللبنانية المثيرة للانتقاد لاسترضاء الدول الخليجية، لكن بعد زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إلى بيروت الأسبوع الماضي، أصبح من الواضح أن مشيخات الخليج ليست راضيةً عن هذه الدرجة من تراجع الحكومة اللبنانية، والآن لديها شروط مشددة لرفع الحظر وإعادة العلاقات الدبلوماسية إلى طبيعتها.
من الشروط الأساسية التي قدمها وزير الخارجية الكويتي إلى بيروت في 22 كانون الثاني، تحديد إطار زمني لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك القرار 1559 الصادر عام 2004، والذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات غير الحكومية في لبنان.
من الواضح تماماً أن هذا الإجراء التدخلي والمهين يستهدف حزب الله، بصفته ذراع لبنان الدفاعي القوي ضد التهديدات والمؤامرات الداخلية والخارجية المزعزعة للاستقرار(وخاصةً تهديدات الکيان الصهيوني)، والقادة السعوديون والأمريكيون والصهاينة، بصفتهم العقل المدبر لهذا السيناريو، يسعون إلى جر الوضع السياسي في لبنان إلى الفوضى من خلال وضع مثل هذه الشروط.
كما نقلت رويترز عن مصادر دبلوماسية قولها، إن البنود الأخرى من الشروط الـ 12، تلزم لبنان بالعودة إلى اتفاق الطائف لعام 1989 الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، وتشديد الضوابط الحدودية لمنع تهريب المخدرات إلى الدول الخليجية، وزيادة التعاون الأمني مع هذه الدول.
إن استحالة تطبيق هذه الشروط بالنسبة للحكومة اللبنانية الحالية، وهو ما يذكرنا تمامًا بالشروط الـ 13 المهينة للسعودية والإمارات والبحرين ضد عضو آخر في مجلس التعاون، أي قطر، في عام 2017، وعدم قبولها من قبل غالبية المجتمع اللبناني الذي يدعم المقاومة ويريد الحفاظ على استقلال بلادهم ضد الإجراءات التدخلية للدول الخليجية والکيان الصهيوني والولايات المتحدة، تضعف الآمال في تحقيق نتائج إيجابية من المفاوضات مع الأطراف المشارکة في اجتماع الكويت.
على الرغم من أن وزير الخارجية الكويتي وصف عرض الجانب اللبناني بأنه خطوة إيجابية بعد لقاء مع الصحفيين بعد اجتماع الأحد، إلا أن بيروت لا يبدو أنها مستعدة لقبول شروط تلك الدول في حزمة مقترحاتها، وخاصةً أن وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب قال لقناة الجزيرة قبل زيارته للكويت: "لن أذهب (إلى الكويت) لتسليم أسلحة حزب الله. لن أنهي وجود حزب الله، فهذا غير وارد في لبنان. نحن ذاهبون لإجراء محادثات".