الوقت- بينما لا يزال الوضع الإنساني في أفغانستان في أشد حالاته خطورة، تظهر الوثائق التي تم إصدارها مؤخرًا أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أصدر تصريحًا لمغادرة الكلاب والقطط وحماية حياتهم في الوقت الذي تجمع فيه الأفغان في مطار كابول خوفا من القتل على يد طالبان.
يقال إنه أثناء انسحاب القوات الغربية من أفغانستان، أصدر رئيس الوزراء البريطاني أمرًا بإجلاء الحيوانات والموظفين التابعين لمؤسسة بريطانية يديرها أحد أفراد مشاة البحرية العسكرية، وقد جاء هذا المارينز العسكري ظاهريًا لمساعدة شعب أفغانستان، ولكن في تلك الأوقات الصعبة قاموا بحماية الكلاب وإجلائها. إعلان انسحاب الحيوانات من أفغانستان من قبل البريطانيين، والذي تزامن مع اجتياح حركة طالبان للبلد، كان في الوقت الذي طالب العديد من المواطنين الأفغان بالانسحاب، لكن الحكومة البريطانية والحكومات الغربية الأخرى لم تعر اهتمامًا كبيرًا لمطالبهم.
وقد اشتهر مقطع فيديو لمواطن أفغاني يتشبث بعجلات طائرة شحن تغادر أفغانستان، والذي سقط ومات بعدها، كان شائعًا لدرجة أن العديد من صور الفوضى في أفغانستان أثناء مغادرة القوات الأمريكية تم مقارنتها بصورهم اثناء انسحابهم من فيتنام وقارنتها بتلك الهزيمة.
كذبة جونسون!
حتى الآن، نفى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أي تورط في عملية إنقاذ الحيوانات المثيرة للجدل في أفغانستان. ومع ذلك، هناك دلائل لتأكيد ذلك، إذ أثار إعطاء الأولوية للحيوانات في عملية الإخلاء غضب الرأي العام.
ويتواصل الجدل حول عمليات إنقاذ خاصة لـ 173 حيوانًا أليفًا، من بينها كلاب وقطط وحمير، من أفغانستان إلى بريطانيا، وأثار إعطاء الأولوية لمغادرة عشرات الكلاب والقطط من مأوى للحيوانات في كابول غضب الموظفين البريطانيين في أفغانستان.
نفى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في البداية تورطه، لكن رسائل البريد الإلكتروني الصادرة عن لجنة العلاقات الخارجية البريطانية تشير إلى أن جونسون وافق شخصيًا على هذه الخطوة. وراء الكواليس كان بول فارتينج، جندي سابق يدير مأوى للحيوانات في كابول.
وتمت الإشارة إلى منظمته التي تحمل عنوان "Baby" بشكل صريح في رسالة بريد إلكتروني أُرسلت في 25 آب (أغسطس)، حيث ورد في البريد الإلكتروني أنه تم أخذ مأوى "Baby" في الاعتبار وأن رئيس الوزراء أمر بإخلاء العاملين فيه والحيوانات. وكان جونسون قد نفى في السابق أي دور له في العملية، وقال للصحفيين إنه لم يكن له أي دور "إطلاقا" في مغادرة الحيوانات لأفغانستان، وكرر في وقت لاحق أن الشائعات حول تورطه لا أساس لها من الصحة، وبحسب وسائل الإعلام البريطانية، قيل إن فارتينج ضغط على الحكومة البريطانية لاستحصال هذا الدعم، حيث تم نقل حيوانات هذا المأوى إلى مكان آمن في الوقت الذي لم يتمكن مناصروهم من الافغان وعائلاتهم من مغادرة أفغانستان.
أطلق الجندي البريطاني السابق حملة ليوم واحد لإجلاء الحيوانات وتمكن من الحصول على فرصة طيران مستأجرة قصيرة في ذلك الوقت، والتي مولها رعاته. ومع ذلك، طارت الطائرة بدون موظفين، حيث تم منعهم من الوصول إلى المطار لأسباب غير معروفة، وقال فارتينج إن الحيوانات كانت في مقصورة الأمتعة بالطائرة ولم تقل ركاباً. ومع ذلك، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام، يبدو أنه كان لديه مرافق خاصة للحيوانات في المطار، حيث تم تقديم الدعم المناسب، بينما كان مترجمو الجيش البريطاني الأفغان، على سبيل المثال، في خطر. وعلق جندي سابق في أفغانستان إنه من العار ألا يكون لدى المترجمين هذه التسهيلات الخاصة. ووفقًا للحكومة البريطانية، فر أكثر من 15000 شخص من أفغانستان خلال عملية الإنقاذ البريطانية، ولكن مع ترك أكثر من ألف موظف وسكان محليين بسبب أوقات المغادرة القصيرة، يشعر الكثير من البريطانيين بالغضب من إنقاذ حيواناتهم الأليفة.
الإنجاز البريطاني في أفغانستان
كانت فضيحة أولوية الحيوانات على البشر من قبل إدارة جونسون من النوع الذي لم يتمكن حتى موظفي ومترجمي السفارة البريطانية من مغادرة أفغانستان بسهولة مثل الحيوانات.
وفي هذا الصدد، وصف رافائيل مارشال، العضو السابق بوزارة الخارجية البريطانية، نهج الوزارة في إجلاء المواطنين الأفغان بعد سيطرة طالبان على البلاد بأنه "غير فعال" و "مكلف"، وكشف عن ذلك في مقر الأزمات بالوزارة، قائلاً: وزارة الخارجية البريطانية لم يكن لديها عدد كاف من الموظفين، واختيار الأفغان لمغادرة البلاد على متن الطائرات البريطانية كان "غير مخطط وغير كاف". في تقرير مكتوب إلى لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطاني، قال المسؤول السابق في وزارة الخارجية البريطانية إن ما يصل إلى 150 ألف مواطن أفغاني ممن كانوا يعملون لدى المملكة المتحدة معرضين للخطر، لكن أقل من 5٪ تلقوا المساعدة. وقال مارشال: "لقد استغرق الأمر ساعات حتى يرد "دومینیك راب" وزير الخارجية على رسائل البريد الإلكتروني"، مضيفًا أنه "لم يفهم الموقف تمامًا". وقال المسؤول السابق في وزارة الخارجية البريطانية: "حيوانات جمعية "Baby" الخيرية، التي يديرها جندي سابق في مشاة البحرية البريطانية، لم تكن في خطر وتم إجلاؤها على حساب أولئك المعرضين للخطر مباشرة ".
بطبيعة الحال، فإن فضيحة النشاط البريطاني خلال 20 عامًا في أفغانستان لم تقتصر على أولوية حقوق الحيوان على البشر، لكن القوات العسكرية الغربية والبريطانية أثناء تواجدهم في أفغانستان تعاملت أسوأ ما يكون مع الشعب الأفغاني. بعد ما يقرب من عشرين عامًا من الوجود البريطاني والغربي، تواجه أفغانستان اليوم مئات الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وعمليًا السؤال هو، ما هو إنجاز الوجود الغربي في أفغانستان؟ حتى المسؤولون الغربيون أنفسهم يعترفون بأنه لم يكن هناك أي إنجاز في أفغانستان، وقال رئيس الأركان البريطاني في الأيام الأخيرة من انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، في حين انقسم الرأي العام البريطاني حول إنجازات عقدين من الوجود العسكري المكلف في أفغانستان، قائلاً: من السابق لأوانه الحكم.
لا شك أن الوضع الحالي في أفغانستان هو نتيجة الوجود العسكري المحتل وغير المشروع للدول الغربية في أفغانستان منذ 20 عامًا، والآن بعد أن تم الكشف عن أنباء إخراج الحيوانات البشرية من أفغانستان، لقد ثبت تجاهل الدول الغربية لحقوق الناس في أفغانستان أكثر من أي وقت مضى.