إن النجاح الواسع للقوات الجهادية على محور المقاومة، مثل قوات الحشد الشعبي، ووجودها الفوري وغير المعلن في طليعة مواجهة أنشطة داعش وخطط البيت الأبيض لزعزعة استقرار المنطقة عامل رئيسي في توفیر الثقة، وهو ما طمأن بعض القادة العراقيين اليوم بأنهم لا يأخذون المخاطر الأمنية الناشئة على محمل الجد.
الوقت - تكثفت هجمات داعش في الأسابيع الأخيرة، لا سيما مع هروب أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة الإرهابية سيئة السمعة من سجن الصناعة في الحسكة، شمال شرق سوريا، حيث كان يحتجز حوالي 5000 معتقل من داعش.
وقد أدى احتمال مساعيهم لإعادة تنظيم وتنشيط العناصر النائمة والمطلوبة لتنظيم الدولة الإسلامية في أجزاء مختلفة من سوريا والعراق والمنطقة، مرة أخرى إلى إشعال الجدل حول عودة ظهور هذه المجموعة الإرهابية. تتم متابعة هذه القضية بحساسية وقلق أكبر، لا سيما في المناطق المعرضة لنمو الفكر التكفيري أو المناطق التي كانت تسيطر عليها داعش سابقًا، أو حتى المناطق التي تركزت فيها هجمات داعش الإرهابية في الأشهر الأخيرة. ولكن بقدر ما تُسمع أخبار هجمات داعش، بقدر ما تقلق السكان المحليين في المناطق الوسطى، لا سيما في المحافظات المتاخمة للعراق وسوريا. ولكن يبدو أن هذا الموضوع لا يقلق المسؤولين والساسة العراقيين المنخرطين حالياً وبشكل كبير في المشاورات والمساومة على تشكيل مجلس الوزراء وتقسيم السلطة. في الأيام الأخيرة ، قام بعض السياسيين العراقيين البارزين بحملات داعمة لداعش، ووصفوا تهديد الجماعة الإرهابية للأمن القومي للعراق بأقل مما يقال. وفي هذا الصدد، كان مقتدى الصدر قد قال يوم الأحد (23 كانون الثاني): إن العدو الإرهابي نشر شائعات بأنه سيعود، نقول للعدو إذا عدت فيمكننا تدميرك. وقال الصدر في بيانه إن المشكلة الأكبر كانت تضخيم هذه القضية من قبل بعض الأطراف الداخلية من أجل بث الخوف والرعب والطائفية في الأوساط الداخلية للشعب العراقي، وأخيراً لإظهار أنفسهم بنظر الناس مدافعين عن الأرض وسمعتها.
وفي هذا الصدد ، غرد رئيس مجلس النواب العراقي السابق، محمد الحلبوسي، على تويتر: "سياسة الترهيب الدعائية لإثارة الاضطرابات ونشر الشائعات من قبل مجموعة من المرتزقة لم تعد تخدع أحدا، كانت أحداث 2014 درسًا فهمه العراقيون جيدًا." وأضاف: "داعش لن تعود وسيختفي الإرهاب بجميع أشكاله، لا مكان لهم ولا ملجأ في عراق مستقل وآمن وقادر ومزدهر." بعد الحلبوسي، أكد وزير الدفاع العراقي جمعة عناد أيضًا أن وضع تنظيم داعش الإرهابي يختلف عما كان عليه في 2014، وقال إن العصابات الإرهابية العاملة في الميدان صغيرة أيضا وليس لديها سوى أسلحة بسيطة من بنادق وبنادق قنص. كما قال عناد إن الحدود العراقية السورية تخضع لرقابة جيدة وإننا نتابع الأحداث في سجن الحسكة. كما حذر المسؤول العراقي من نشر معلومات أمنية كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي حول عمليات داعش، قائلا إن ذلك قد يكون له تأثير سلبي على أمن البلاد. يأتي هذا البيان في وقت يرى فيه كثير من المحللين والمراقبين السياسيين العراقيين، خاصة في صفوف فصائل المقاومة العراقية، أنه مع انتهاء وجود القوات الأجنبية في ظل مجلس النواب العراقي، فإن إحدى الاستراتيجيات الرئيسية لواشنطن في الحفاظ على وجود القوات على الأرض هو تسهيل عودة داعش وزيادة التهديدات للأمن القومي العراقي. في الواقع ، على الرغم من عدم وجود خطر من تكرار احتلال داعش لأجزاء كبيرة من العراق وسوريا كما في عام 2014، ولكن بالنظر إلى أن برنامج البيت الأبيض يقوم على إعادة إحياء داعش، فإن السياسيين العراقيين يجب أن يأخذو قضية محاربة داعش على محمل الجد.
في أعقاب انتهاء الخلافة المزعومة لداعش في العراق وسوريا واعتقال أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة الإرهابية من قبل قوات الأمن العراقية والسورية والحكومات الغربية، بالإضافة إلى تلكؤهم في جلب الإرهابيين الأجانب إلى المحاكم الدولية لمعرفة الحقائق حول داعمي داعش الأصليين، فهم يرفضون إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية حتى يتمكنوا من إعادة استخدام هذه العناصر في أوقات أخرى. حيث يمكن تشبيه تلك العناصر الإرهابية المتواجدة في السجون الآن كقنابل الموقوتة التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة. هذا البرنامج هو بالتأكيد على جدول الأعمال، كما كتب أحد قادة ما يسمى بإرهابيي الجيش الحر على صفحته على فيسبوك بعد نشر نبأ هجوم داعش على سجن الصناعة: "هرب خمسة آلاف من مقاتلي داعش من سجن الحسكة، ماذا لو هرب عشرة آلاف منهم من معسكر الهول؟"
ومع ذلك ، لا يمكن لأي جهة الادعاء بقدرتها على احتواء التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية بشكل كامل، خاصة وأن التنظيم الإرهابي لجأ إلى أنشطة سرية على شكل خلايا محلية في المحافظات منذ سقوط خلافته، مما يجعل استئصالها أكثر صعوبة. لكن يبدو أن النجاحات الواسعة التي حققتها القوات الجهادية على محور المقاومة ، مثل قوات الحشد الشعبي ، ووجودها الفوري وغير المعلن في طليعة مواجهة أنشطة داعش وخطط البيت الأبيض لزعزعة استقرار المنطقة، كان هو العامل الرئيسي والأساس في طمأنينة بعض القادة العراقيين اليوم بعدم أخذ المخاطر الأمنية الناشئة على محمل الجد.
ولكن الشعب العراقي، ولا سيما في المناطق التي يتواجد فيها الإرهابيون، والذين لا تقدر الحكومة التأثير السلبي الكبير لتواجدهم (مثل الأضرار الاقتصادية لهجمات داعش الإرهابية على المزارع والمنتجات الزراعية، وانعدام الأمن في طرق النقل، والابتزاز وأخذ الرهائن، إلخ) يشعر بالقلق ولديه وجهة نظر أكثر واقعية وداعمة للوجود العملياتي لقوات الحشد الشعبي.