الوقت- ففي حين لا تكشف السعودية عن مساعيها لصناعة أسلحة استراتيجية لتحقيق التفوق العسكري، تسعى وسائل الإعلام الأمريكية للحصول على معلومات عسكرية سعودية، وآخر ما كشف عنه تعاون الرياض وبكين في مجال إنتاج الصواريخ الباليستية.
وحسب موقع الخليج أونلاين، ذكرت شبكة سي إن إن في تقرير بتاريخ (23 ديسمبر 2021) أن ثلاثة مصادر معروفة كشفت أن المملكة العربية السعودية تتعاون بنشاط مع الصين لتطوير صواريخ باليستية.
ووفق صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها الشبكة من مصادرها، فإن السعودية تنتج صواريخ باليستية في قاعدة واحدة على الأقل. وقالت المصادر لشبكة CNN إن مسؤولين أمريكيين في عدة وكالات استخبارية، بما في ذلك مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض ، سربوا في الأشهر الأخيرة معلومات سرية تكشف عن عمليات إرسال متعددة وواسعة النطاق لتكنولوجيا الصواريخ الباليستية الحساسة بين الصين والمملكة العربية السعودية.
وأضافت الشبكة إن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن السعودية كانت في الحقيقة تبني صواريخ باليستية في قاعدة شيدت في السابق بمساعدة صينية.
تحذيرات أمريكية للسعودية
إن تحقيق قدرة عسكرية رادعة لمجابهة تطور برنامج إيران الصاروخي والنووي وزيادة قدرة أنصار الله، هو ما يدفع السعودية لتوسيع قدراتها، وهذا ما تؤكده وسائل الإعلام الأمريكية.
ما أوردته "سي إن إن" لم يكن جديدًا، ولكنه مكمل لما سبق أن تناقلته وسائل الإعلام الأخرى، وخاصة ما أوردته صحيفة "بريتش تايمز" في يونيو 2019، عندما ساعدت الصين المملكة العربية السعودية في بناء ترسانة صواريخ كبيرة بعيدًا عن أعين الأمريكيين، حيث بنت كذلك مصنعاً لطائرات بدون طيار.
وقالت الصحيفة أيضا إن ذلك يشير إلى تغيير في التوجه الاستراتيجي للسعودية تجاه الصين، نظرا لعلاقاتها المتوترة مع واشنطن. وفقًا لصحيفة وول ستريت في أغسطس 2020، انتقد نواب مجلس الشيوخ الأمريكي هذه المعلومات وحذروا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من مخاطر برنامج الصواريخ السعودي غير المعلن.
وحسب الصحيفة، حذر نواب أميركيون ترامب من أن برنامج الصواريخ السعودي الصيني يشكل تهديدا خطيرا لجهود وقف انتشار الأسلحة النووية في المنطقة، ودعوا إلى تقديم تفسير.
واشنطن ترد على تقارير عن إنتاج سعودي لصواريخ باليستية
صرحت واشنطن أنها لن تكون متفرجًا عندما يصل التعاون الصيني السعودي إلى مرحلة تتجاوز ما هو عليه. كشفت مصادر مطلعة لشبكة CNN أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يستعد لمعاقبة الأطراف المتورطة في نقل تكنولوجيا الصواريخ البالستية الصينية إلى السعودية. "من الواضح أن المملكة العربية السعودية اشترت صواريخ باليستية من الصين في الماضي، لكنها لم تتمكن بعد من بناء صواريخها الخاصة، وتظهر صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها سي إن إن أن البلاد تقوم حاليًا ببناء قاعدة واحدة على الأقل لبناء صواريخها الخاصة".
يعتقد بعض الخبراء والمراقبين أن الولايات المتحدة قد أدركت أنها خسرت الكثير بتغيير موقفها من السعودية، وأنها قد تتخذ مرة أخرى خطوات لإرضاء الرياض. وقال الكاتب والباحث السياسي عبد المحسن الرازي لـ "الخليج أونلاين" إن "أنصار الرياض الجمهوريين، الذين يعتبرون الرياض شريكاً مصيرياً في المنطقة، يريدون إلقاء المزيد من الحجارة على دوائر بايدن الدبلوماسية والأمنية". وأضاف "التقارير عن زيادة التعاون الصاروخي بين الصين والسعودية يبدو أنها استفزاز إعلامي من قبل المؤسسات الأمريكية غير الراضية عن أداء إدارة بايدن".
وأضاف الرازي أنه في غضون ذلك، يسر الصين أنها قد توجه ضربة لواشنطن بعد الإجراءات الأمريكية ضد الشركات الصينية. وقال: "يمكن للرياض أن تغتنم هذه الفرصة لتقوية علاقاتها مع واشنطن بعدما بينت لحليفها أن الموقف الأمريكي من السعودية قد تغير وهي غير راضية عن الوضع الحالي، ومصلحة تحرك الرياض أن السعودية" تظهر للإدارات الأمريكية المتعاقبة ما ستخسره واشنطن في التعامل بجفاء مع حلفائها القدامى".
التراجع في العلاقات السعودية الأمريكية
لم يكن نهج المملكة العربية السعودية تجاه الصين على هذا النحو حتى أدركت الرياض أن علاقتها بواشنطن آخذة في الضعف، والتي بدأت بخفض الولايات المتحدة وارداتها من النفط الخام السعودي.
أدركت المملكة العربية السعودية لسنوات أن علاقتها مع الولايات المتحدة لن تكون ذات مصداقية كما كانت من قبل، وأن الولايات المتحدة تنظر فقط إلى النفط والموارد السعودية.
قال الجنرال فرانك ماكنزي، رئيس الأركان في Centcom في 10 يونيو 2020، بعد شراء طائرات بدون طيار صينية من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة: "لا نريد أن تذهب الرياض وأبو ظبي إلى الصين وروسيا لشراء طائرات بدون طيار".
العلاقات السعودية الصينية
من ناحية أخرى، تعد الصين - ثاني أكبر اقتصاد في العالم - أكبر مصدر للسعودية، في حين بلغت الاستثمارات الصينية في السعودية على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية نحو 40 مليار دولار وسط تنامي التبادل التجاري بين البلدين، حيث وصل الى 67 مليار دولار العام الماضي، منها 39 مليار دولار من الصادرات السعودية إلى الصين، وبالتالي، فإن ميل المملكة العربية السعودية نحو الصين، شريكها الاقتصادي الرئيسي، للاستفادة من خبرتها في الصناعات العسكرية المتقدمة، جاء نتيجة لقيود واشنطن على تكنولوجيا الصواريخ والطائرات بدون طيار.