الوقت - قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، إن ”الحفاظ على المكاسب الاقتصادية التي تحققت خلال العامين الماضيين كان من بين الأسباب التي دفعته للعودة إلى منصبه بموجب اتفاق مع الجيش بعد نحو شهر من عزله وسيطرة الجيش على مقاليد الحكم في البلاد“.
وأضاف حمدوك: ”نتوقع أن يكون أداء حكومة التكنوقراط ذا أثر إيجابي على الأداء الاقتصادي ومعيشة المواطنين“. وتابع حمدوك: ”سنبقى على تواصل مع مؤسسات التمويل العالمي، وموازنة العام الجديد التي ستبدأ في يناير ستمضي في نهج الإصلاح الاقتصادي وفتح أبواب الاستثمار في السودان“.
واضاف: ”حكومة التكنوقراط يمكن أن تساعد في تحسين الاقتصاد السوداني الذي عانى من أزمة طويلة الأمد تضم واحدا من أعلى معدلات التضخم في العالم، إلى جانب نقص في السلع الأساسية“.
وأشار حمدوك إلى أن الحكومة قد تعمل أيضا على الانتهاء من اتفاق سلام وُقع العام الماضي، مع بعض الجماعات المتمردة لإنهاء سنوات من الصراع، مؤكدا أن ”الحفاظ على السلام وتنفيذ اتفاق جوبا وإكمال عملية السلام مع الأطراف التي لم توقع على اتفاق جوبا، في أعلى جدول أعمال الحكومة الجديدة“.
وأوضح قائلا: ”نحن ملتزمون بالمسار الديمقراطي والحفاظ على حرية التعبير والتجمع السلمي وانفتاح أكبر على العالم“.
لكن آمال السودانيون تراجعت بعد تشدد الولايات المتحدة، في استمرار تعليق مساعدتها المالية للخرطوم عقب الاتفاق السياسي الذي أبرم الأسبوع الماضي، بين المكون العسكري ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك.
بيد أن هذه الخطوة، لم تجد قبولا لدى الإدارة الأمريكية لعودة الدعم المالي الذي علقته واشنطن في 27 أكتوبر الماضي، عندما علقت مساعدات مالية بقيمة 700 مليون دولار عقب الإجراءات التي أعلنها قائد الجيش.
والأسبوع الماضي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، تعليقا على الاتفاق الذي تم بين البرهان وحمدوك: “هذه خطوة أولى، ولا يجب أن تكون خطوة أخيرة”.
وأضاف أنه لن يتم استئناف تقديم المساعدات، معتبرًا أن “هذه القرارات ستعتمد كليًا على ما سيحدث في الساعات والأيام والأسابيع المقبلة”.
الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، عاصم إسماعيل، أكد أن استمرار الدعم من عدمه يتوقف على دور الحكومة المقبلة واستمرارها بنفس النهج الذي يفضي إلى تعاون المجتمع الدولي وعودة الدعم.
ووفقا لإسماعيل، فإن ما جعل الأمريكيين يوقفون الدعم، هو الانقلاب العسكري الذي حدث في أكتوبر الماضي.
وقال بهذا الخصوص: “واشنطن ما زالت ترى أن الواقع السوداني يدار بواسطة العسكريين، على الرغم أنها تراجعت عن طريقتها في كيفية إدارة السودان، بقولها إنها حريصة على الشراكة”.
ونوه إلى أن الإدارة الأمريكية ترغب في معرفة تكوين الوزارات، ومن هم الوزراء الجدد، ونبه إسماعيل إلى وجود مخاوف من عودة بعض أنصار حزب المؤتمر الوطني المحلول.
ولفت إلى أن قرارات حمدوك من إقالة وتعيين لبعض قيادات الأجهزة الشرطية والأمنية، عبارة عن رسالة مهمة للخارج بامتلاكه زمام الأمور وأن الحكومة المدنية هي المسؤول الأول في البلاد.
في المقابل يرى المحلل الاقتصادي، هيثم محمد فتحي، أن الأحداث السياسية منذ 25 أكتوبر، ساهمت في أن تعلق وتوقف بعض الدول المانحة مساعدتها المالية للسودان.
وقال فتحي، إن هذه الدول وعدت وتعهدت في السابق بدعم السودان ماليًا، عقب الإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها البلاد منذ نهاية العام الماضي، باتفاق مع البنك وصندوق النقد الدوليين.
وأوضح أن هذه الدول تعهدت بدعم برامج اجتماعية وبرامج حماية، لتخفيف آثار هذه الاصلاحات على الشرائح الضعيفة.
وتابع: “هذه الوعود من قبل المؤسسات الدولية ودول الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة، تم تعليقها بعد الإجراءات التي قام بها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان”.
واعتبر أن معظم المؤسسات والدول رهنت استئناف الدعم بعودة حمدوك مرة أخرى للمشهد السياسي، ألا أن فتحي توقع بعودة المساعدات مرة أخرى عقب الاتفاق السياسي الذي تم بين رئيس المجلس السيادي ورئيس الوزراء.
ميدانياً، دعت لجان المقاومة في الأحياء إلى الاحتجاجات رغم اتفاق الأسبوع الماضي، ورغم بقاء الجسور التي تربط العاصمة بمدن أخرى مفتوحة، توجهت الشرطة المدججة بأسلحة ثقيلة إلى وسط الخرطوم حيث كان يعتزم المحتجون الخروج في مسيرة إلى القصر الرئاسي.
وهتف آلاف المتظاهرين مجددا الثلاثاء في الخرطوم "لا شراكة ولا تفاوض"، وطالب آخرون بعودة الجنود إلى ثكناتهم.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وبدأت مطاردة المحتجين، الذين احتشدوا على بعد كيلومتر تقريبا من القصر، وأغلقت طريقا رئيسيا.
وطاردت القوات المحتجين في الشوارع الجانبية، حيث بدأ المتظاهرون التجمع بأعداد أقل. وقال تجمع المهنيين السودانيين في بيان إن قوات الأمن اعتقلت محتجين.
ومن جهتها، قالت لجنة أطباء السودان المركزية إن محتجا مصابا اعتُقل لدى تلقيه العلاج داخل مستشفى قريب، وإن آخرين أصيبوا جراء "محاولات الثوار إبعاد القنابل الصوتية التي تقذفها السلطة الانقلابية على مواكب مليونيتنا الباسلة".
وخرج محتجون آخرون في مدن من بينها بورسودان وكسلا ونيالا وعطبرة، وشوهد ساسة ممن أُطلق سراحهم مؤخرا يشاركون في الاحتجاجات.
وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري وقع البرهان اتفاقا مع حمدوك، تضمن 14 بندا منها: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعودة حمدوك إلى منصبه بعد نحو شهر من عزله، وتشكيل حكومة كفاءات (بلا انتماءات حزبية)، وتعهد الطرفين بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال البرهان إن الاتفاق السياسي، الذي أبرمه مع حمدوك، يمهد لفترة انتقالية ذات أهداف محددة، تتمثل في بسط الأمن ومعالجة قضايا معايش الناس واستكمال مطلوبات السلام مع الاستعداد للانتخابات في يوليو/تموز 2023.
وقبيل إجراءات البرهان كان يعيش السودان منذ 21 أغسطس/ آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى إعلان الحرية والتغيير وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاقا لإحلال السلام، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020.