الوقت_ بمناسبة الاحتفال باليوم العالميّ للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وفي ظل الظروف الصعبة التي تواجه القضيّة الفلسطينيّة، والمتمثلة بـ "صفقة القرن" الرامية إلى تصفيّة القضيّة، والتطبيع الذي شكل طعنة في ظهر هذا البلد، ناهيك عن مخططات الاستيطان والضم التي لا تتوقف عن قضم ونهب أراضي الفلسطينيين، بالإضافة إلى الحصار والإجرام الإسرائيلي الممنهج بحق أصحاب الأرض والمقدسات، جدد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، مؤخراً دعم بلاده لنضال الشعب الفلسطينيّ من أجل استرجاع حقوقه المغتصبة كاملة، داعيا المجموعة الدولية لتحمل مسؤولياتها التي وصفها بـ "التاريخية" تجاه تمادي الاحتلال في تحدي الشرعيّة الدوليّة.
"تحمل اعترافاً بظلم تاريخيّ يعاني منه الشعب الفلسطيني الصامد في كفاحه المشروع، من أجل استعادة حقوقه المغتصبة"، هكذا وصف الرئيس الجزائريّ مراسم الاحتفاء بهذه المناسبة، بالتزامن مع التخلي المخزي من قبل بعض القيادات العربيّة والإسلاميّة عن هذه القضية المصيريّة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمستقبل الأمّتين العربيّة والإسلاميّة وبمشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة، بعد أن حُولت إلى ورقة سياسيّة تخدم العدو الصهيوني الباغي وتحقق مصالح العملاء الدنيئة، التي تصب أولاً وأخيراً في مصالح الإدارات الامريكية المتعاقبة والمشاريع الغربيّة في بلداننا، وترسخ الاحتلال والكراهية وتفصل شرق الوطن العربيّ عن مغربه.
وبالاستناد إلى أنّ العدو المجرم ينتهك القانون الدوليّ ويغض الطرف عن تنفيذ مطالب الفلسطينيين المحقة، إضافة إلى تمادي قوات المحتل الباغي بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وارتكابها أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين، ومع وصول الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين لحد لا يمكن السكوت عنه أبداً، دعا تبون "لمجموعة الدولية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه تمادي تل أبيب في تحدي الشرعية الدولي، ومناوراتها لفرض سياسة الأمر الواقع، والتملص من التزاماتها، وإفراغ كل الاتفاقات من محتواها، لتقويض مشروع إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة على أراضيها.
وباعتبار أنّ الجزائر من الدول العربيّة الداعمة بقوة للقضية الفلسطينيّة، وترفض رفضاً قاطعاً إقامة علاقات مع الكيان الصهيونيّ، أكد الرئيس الجزائري أنّ الوضع العام الذي آلت إليه القضية الفلسطينية في ظل الجرائم التي تقترفها قوات الاحتلال الصهيونيّ، يحتم على المجموعة الدولية بذل المزيد من الجهد لحمل الأمم المتحدة ولاسيما مجلس الأمن الدولي على الوفاء بمهامه في الدفاع عن القانون والنظام الدوليين، والعمل بمقتضاها على وجوب المساءلة عن تجاوزات وخروقات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية له.
كذلك، أكّد تبون الذي بلده كانت أول دولة تعترف بدولة فلسطين، وافتتحت معسكرات تدريبيّة للمقاتلين الفلسطينيين في ستينيات وسبعينيات القرن الفائت، على أنه لا سبيل للحل من دون إشراك الفلسطينيين أنفسهم، معرباً عن تمسك الجزائر بمبادرة السلام العربية المعتمدة خلال القمة العربية ببيروت، والمبنية على مبدأ الانسحاب الكامل من الأراضي العربيّة المحتلة مقابل السلام، في إطار الشرعية الدوليّة وقرارات مجلس الأمن الدولي، لا سيما القرارين رقم 242 و338.
وفي الوقت الذي عودت فيه الجزائر العرب بأجمعهم على هذه المواقف المبدئية والأصيلة، خاصة من خلال التصدّي للتطبيع بكافة أشكاله ودعماً لفلسطين فلسطين وانتصاراً لقضيتها، دعا الرئيس الجزائريّ المجتمع الدوليّ إلى تصحيح هذا الوضع وتداركه عبر التخلي عن انتهاج سياسة المعايير المزدوجة، وتحمل مسؤولياته التاريخية والقانونية، بالضغط على الكيان الصهيونيّ ودفعه إلى الانصياع الكامل للشرعية الدوليّة، تجنباً لما سيترتب عن الأوضاع الحالية من تداعيات مباشرة على استتباب السلم والأمن على المستويين الإقليميّ والدوليّ.
"الجزائر وفية لمبادئها المنادية بالحرص على مضاعفة الجهود لحماية الشعب الفلسطيني من الانتهاكات"، تأكيد جزائريّ جديد على اختيار عدم الصمت عن الفوضى التي اجتاحت الشرق الأوسط على خلفية التطبيع والجدل الذي انتشر في الشارع العربيّ، وتعرب الجزائر من جديد في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني عن دعمها للمبادرات الصادقة والمساعي الجادة الهادفة إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط على أساس الشرعية الدولية.
ولأنّ الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عود العرب والغرب على تصريحاته الداعمة لقضية فلسطين العادلة، أوضح أنّ الجزائر تأمل أن يشكل الوضع الإنساني في الأراضي المحتلة دافعاً ومنبهاً قوياً لمنظمة الأمم المتحدة، للاضطلاع بمسؤوليتها من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من حقه المشروع في استرجاع أرضه وإقامة دولته المستقلة، كاملة السيادة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشريف.
ختاماً، إنّ فلسطين هي "قبلة الجزائر السياسية" وفقاً لمسؤوليها، وإنّ ما قامت وتقوم به الجزائر يُعد موقفاً وطنيّاً عروبيّاً بامتياز، في ظل الهجوم القذر على القضية الفلسطينيّة وداعميها، ما يشي بأنّ أصحاب الضمائر الحية في العالم العربيّ لا يمكن أن يستكينوا للخانعين والمُستسلمين والراضخين وأسيادهم، وسيبقى الكيان الصهيونيّ المجرم يعاني حتى النهاية من هذه الموقف التي تؤكّد كل يوم عدم شرعيته وعدوانه، في كافة المناسبات واللقاءات السياسيّة والاقتصاديّة والرياضيّة.