الوقت- بعد ثلاثة أسابيع من الانتخابات النيابية العراقية، تتأثر الأجواء السياسية بتواجد محتجين ضد النتائج المعلنة في جميع أنحاء البلاد، خاصة في شوارع بغداد، والقوى الأمنية تواجهها، ويبدو أن هؤلاء المحتجين لا يهتمون بالمفاوضات بين المجموعات السياسية للاتفاق على الحكومة.
في غضون ذلك ، زاد القلق حول التظاهرات يوم أمس وأحداث هجوم قوات الأمن عليهم ليسفر عن مقتل وجرح عدد كبير من المواطنين، من خطر اندلاع مزيد من الاشتباكات في الأيام المقبلة وزيادة الالتهاب في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة العراقية، مقتل شخص وإصابة 125 آخرين ، بينهم 27 متظاهرا، خلال اشتباكات أمس في المنطقة الخضراء ببغداد.
تشكيل لجنة تحقيق
بعد أحداث الجمعة في المنطقة الخضراء ببغداد ، أمر مصطفى الكاظمي ، رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة العراقية ، بإجراء تحقيق شامل في الاشتباكات بين القوات الأمنية والمتظاهرين، مؤكدا أنه يراقب حقوق الضحايا وهم جميعا مواطنون عراقيون. ودعا الكاظمي ، الذي تعرض أداء حكومته خلال الانتخابات لانتقادات من قبل العديد من الجماعات السياسية، إلى الهدوء والحوار، ودعا المتظاهرين إلى اعتماد الطابع السلمي في الاحتجاجات ونبذ العنف بكل أشكاله وتجنب أي استعمال أي أداة. كما قالت قيادة العمليات المشتركة العراقية في بيان إن القائد العام أوضح أنه لا ينبغي إطلاق الذخيرة الحية تحت أي ظرف من الظروف. في غضون ذلك ، قال هادي العامري، زعيم تحالف الفتح، بصفته أحد أهم المتظاهرين ضد نتائج الانتخابات: "ندينها بأكبر قدر ممكن ونتابع الموقف بغضب شديد". وأضاف "ندين حملة القمع التي ينفذها مسؤولون حكوميون ضد مظاهرات سلمية تحتج على سرقة الأصوات وتزوير النتائج". وأصدر العامري بيانا دعا السلطات القضائية إلى التدخل لمعاقبة من أمر بإطلاق النار على المتظاهرين، وألقى باللوم على الحكومة في الحفاظ على الأمن ودماء المتظاهرين. وحصلت حركة الفتح على 14 مقعدا فقط بحسب النتائج الأولية بينما كانت قد حصلت على 48 مقعدا في انتخابات 2018 السابقة. وتعتبر حركة الفتح مظلة سياسية للفصائل الشيعية المؤثرة بما في ذلك عصائب أهل الحق وكتب حزب الله وحركة النجباء.
تشكيل لجنة تنظيم المظاهرات، الخيام تنصب مرة أخرى
المتظاهرون لم يتراجعوا بعد القمع العنيف من قبل قوات الأمن، ويبدو أنهم جمعوا عزمهم على مواصلة الاحتجاجات السلمية حتى تلبية مطالبهم. ونصب المتظاهرون خيام اعتصام قرب المنطقة الخضراء في بغداد يوم السبت احتجاجا على نتائج الانتخابات المبكرة. المتظاهرون باحتجاجات سلمية وهتفوا "نعم نعم للشعب" و"الموت لأمريكا" مع لافتات "كلا كلا للتزوير". كما قامت القوات الأمنية بإغلاق مدخل المنطقة الخضراء بالكامل، وأمر الكاظمي بتشكيل قوة مشتركة لإدارة قوة حماية الاغلاق. ووصف المتظاهرون النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية المبكرة بأنها "وهمية" وطالبوا بإعادة فرز الأصوات يدويا، بينما لم يتم الإعلان بعد عن النتائج الرسمية والنهائية لانتخابات 10 أكتوبر. في الأسبوع الماضي ، أطلقت مفوضية الانتخابات العراقية إعادة فرز أصوات 200 محطة اقتراع استجابة لحوالي 1400 نداء من المرشحين والفصائل السياسية. دون الإعلان عن موعد انتهاء العد اليدوي الكامل لأوراق الاقتراع ، أعلنت اللجنة أنه في المحطات التي تم فيها العد اليدوي لأوراق الاقتراع ، كانت نتائج إعادة الفرز اليدوي مطابقة تمامًا للنتائج الإلكترونية. وهددت "لجنة تنظيم التظاهرات" في العراق، الخميس، بتصعيد الاحتجاجات في المرحلة المقبلة في حال عدم حصول تغييرات على النتائج المعلنة. واصدرت اللجنة بيانا دعت فيه الى تظاهرة سلمية تحت شعار (الجمعة الفرصة الاخيرة) قبل بدء المرحلة المقبلة. وجدير بالذكر أن لجنة تنظيم الاحتجاج تشكلت الأسبوع الماضي مع بدء اعتصام في الشارع على مداخل المنطقة الخضراء وسط بغداد.
دعوات لضبط النفس
مع أحداث الأمس، أدى الشعور بخطر انعدام الأمن وتصاعد الصراع في الأيام المقبلة بأبرز الشخصيات السياسية العراقية إلى اتخاذ موقف من ضرورة ضبط النفس من جميع الأطراف وحق المتظاهرين السلميين في التظاهر. ووجه عمار الحكيم رئيس "ائتلاف قوى الدولة الوطنية" في العراق رسالة الى المتظاهرين والقوى الامنية دعا فيها الجميع الى "ضبط النفس ومنع تصعيد الموقف الى عواقب لا يمكن تصورها". وأضاف: "نتابع بقلق بالغ الأحداث المؤسفة التي وقعت في المنطقة الخضراء ونؤكد أيضًا على ضرورة عدم خروج الاحتجاجات عن الإطار السلمي لنتائج الانتخابات". وتابع: "على جميع الأطراف إعطاء الأولوية للمصالح الوطنية العليا في هذا الوضع الحساس، وطالب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والقضاء بأخذ الموضوع بجدية". من جهته دعا نوري المالكي القيادي في ائتلاف دولة القانون، إلى رفض كل "محاولات الشغب"، مستشهدا بالتوترات السياسية في البلاد بشأن نتائج الانتخابات.
وغرد مقتدى الصدر للمتظاهرين المحتجين على نتائج الانتخابات البرلمانية ، بأن التظاهرات السلمية للاحتجاج على نتائج الانتخابات لا ينبغي أن تؤدي إلى عنف أو توهين للحكومة، وأن على الحكومة ألا تلجأ إلى العنف ضد المتظاهرين السلميين. وأضاف أن "الحشد الشعبي قوة جهادية وأتمنى ألا تشوه سمعتها"، وينبغي أن يتم الدفاع عن حقوق المنضبطين فيها، وقد ضحى شهداؤهم ضد الإرهاب بدماء عزيزة ونزيهة لن ننساها ". وقال الصدر "حكومة الأغلبية الوطنية ستحمي تاريخك وستدافع عنك بعيدًا عن مشاريع السياسة الداخلية والخارجية التي تسعى لإضعافك بسبب انحيازاتها الحزبية والطائفية". وشدد على أن "الاشتباك بين قواتنا الأمنية مكروه، لأنكم من أتباع مجاهدي الحشد وهم حراس الوطن". وفي متابعة لردود الفعل: دعا قيس الخزعلي أمين عام عصائب أهل الحق المتظاهرين إلى "ضبط أنفسهم وعدم التسرع وعدم إتاحة الفرصة لمن يريد استغلال الأحداث وانتهاك حقوقهم المشروعة". كما حذر بعض الأطراف المتورطة مع أجهزة المخابرات الأجنبية من قصف المنطقة الخضراء وإلقاء اللوم على فصائل المقاومة. مثل هذه القضية في العراق، الذي أصبح مركز نفوذ لأجهزة المخابرات الأجنبية في السنوات التي أعقبت الاحتلال العسكري من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، هي مثال واضح على التدخل الأجنبي خلال احتجاجات 2019 لتصعيد التوتر الأمني.
وأعلن قيس الخزعلي أن الشعب لم يستمع إلى نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة بإشراف الكاظمي وتنفيذ الهيئة المتعاونة مع الإمارات الشريرة، حتى أنهم أظهروا أنهم يعارضون المظاهرات السلمية بإطلاق النار المباشر على المتظاهرين العزل في بغداد. وحمل الكاظمي ونائبه عبد الوهاب الساعدي وحميد الزهيري المسؤولية المباشرة عن عشرات الشهداء والجرحى نتيجة المعاملة الوحشية لأبناء الشعب الذين يريدون توضيح الحقيقة. وأضاف: "شعبنا العزيز لن يرضخ أبدًا لمؤامرة التزوير والأدوات الإجرامية ولن تكون رادعًا لنا، و [الشعب] لديه الإرادة والتصميم على استعادة ما سرق منهم بكل الوسائل المتاحة".