الوقت - أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون یوم الجمعة أنه لا يوجد أي جزائري سيقبل بتطبيع العلاقات مع فرنسا بعد التصريحات الخطيرة لرئيسها إيمانويل ماكرون.
وقال الرئيس عبد المجيد تبون، في مقابلة مع أسبوعية “المرايا” الألمانية، نشرت الجمعة، حول تصريحات إيمانويل ماكرون التي شككت في وجود الأمة الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، بأنها “خطيرة للغاية”.
ورد الرئيس تبون على تصريحات رئيس الدولة الفرنسية، قائلا: “لا يجب المساس بتاريخ الشعوب، لا لإذلال الجزائريين”، في إشارة إلى السؤال الذي طرحه رئيس الدولة الفرنسية -“هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ – خلال نقاش دار بقصر الإليزيه، مع شباب من مجموعات الذاكرة المرتبطة بالحرب الجزائرية.
وأثارت تصريحات ماكرون التي أوردتها صحيفة لوموند الفرنسية أزمة مفتوحة بين فرنسا والجزائر، والتي تلاها استدعاء سفيرها في باريس للتشاور وحظرت تحليق الطائرات الفرنسية في الأجواء الجزائرية في إطار عملية “برخان” في الساحل يؤكد الرئيس.
وقال تبون، الذي وصف ما وصلت إليه العلاقات الجزائرية الفرنسية بالأخطر منذ خمسة عشر عامًا بين البلدين، أن هذه الوضعية سبقتها سلسلة من الخلافات حول مسألة التأشيرات، وذاكرة الحرب الجزائرية، والعقود الاقتصادية، و”السياسة الفرنسية بشأن الصحراء الغربية التي تعتبرها الجزائر مؤيدة جدا للمغرب.
وأشار تبون في حواره مع الأسبوعية الألمانية إلى أن تصريحات الرئيس الفرنسي أجلت تسوية الخلاف بين البلدين، مؤكدا أن ما أقدم عليه هو إحياء للنزعة الكولونيالية وأنه اصطف بجانب من يبررون الاستعمار الفرنسي.
وأوضح تبون أنه على فرنسا الاعتراف بكافة جرائمها الاستعمارية وليس ما حدث في فترة قصيرة كما جاء في تقرير بنيامين ستور.
كما أكد الجزائري للأسبوعية الألمانية “لن أكون أول من يتخذ الخطوة لاستئناف الاتصالات وإلا سأخسر كل الجزائريين”.
وأضاف بأنها “مشكلة وطنية وليست مشكلة رئيس الجمهورية”، قبل أن يضيف: “لن يقبل أي جزائري أن أعود إلى التواصل مع من أهانوا الشعب”، مشيرا إلى أن “السيد ماكرون أضر بكرامة الجزائريين”.
وفي رده على سؤال حول عودة العلاقات بين البلدين على المدى القصير قال الرئيس الجزائري: “لا” مشيرا إلى أن الرأي العام المحلي في الجزائر يدعم هذه الرؤية، وقال صراحة ولا جزائري يقبل عودة العلاقات مع باريس على المدى القريب في إشارة إلى أن الرأي العام المحلي يدعم وجهة نظر السلطات الجزائرية ولن يقبل باستئناف العلاقات دون التزام فرنسا بالشروط التي وضعها الرئيس تبون الذي يرفض خسارة الالتفاف الشعبي حوله في مقابل بعث علاقات مع بلد رئيسه تجاوز الآداب والأعراف الدبلوماسية في سبيل استمالة بضعة أصوات من شباب أبناء الحركى لحملة انتخابية يبدو أن هواجسها ومخاوفها أفقدته صوابه.
وفي 2 أكتوبر الماضي، نقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية تصريحات لماكرون اتهم فيها النخبة الحاكمة في الجزائر بـ"تغذية الضغينة تجاه فرنسا"، ما قوبل باستنكار كبيرا في الجزائر وحتى داخل فرنسا، حيث وصفوه بـ "الجاهل بالتاريخ".
كما طعن في وجود أمة جزائرية قبل دخول الاستعمار الفرنسي إلى البلاد عام 1830م، وتساءل مستنكرا: "هل كان هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟".
وادعى ماكرون أنه "كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي" للجزائر، في إشارة لفترة التواجد العثماني بين عامي 1514 و1830م.
وعلى إثر هذه التصريحات، استدعت الجزائر، سفيرها لد باريس للتشاور، وأغلقت مجالها الجوي، أمام الطائرات العسكرية الفرنسية العاملة في مالي في إطار عملية برخان.
ويُفهم من تصريحات الرئيس تبون رفض رسمي لدعوات كان وجهها الرئيس الفرنسي لتهدئة الأزمة مع الجزائر، وتجاوز الخلافات بين البلدين، بمناسبة حضوره الرمزي لإحياء ذكرى مجازر 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961، التي نفذتها الشرطة الفرنسية بحق العمال الجزائريين في باريس.
ويرى محللون جزائريون أن خطاب الرئيس تبون واضح جداً ويبعث رسائل واضحة ومباشرة لفرنسا، اذ يتعين على الجانب الفرنسي ان یتلقاها وعليه ان يتعامل معها بايجدابية لان سیاسة الخداع الممارس من قبل الرؤساء الفرنسيين المتتالين فیما یتعلق بملف الذاكرة لم تعد مجدية فرسائل تبون اليوم هي رسائل واضحة ومتناغمة ومستجیبة لتطلعات الشعب نحو ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها قبل وبعد الاستقلال.
ويؤكد الجزائريون ضرورة ان تواجه فرنسا بكل شجاعة تاريخها الأسود وتعترف بكل جرائمها الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وكل ما اقترفته بحق الانسانية في الجزائرفي وقت ان فرنسا أسست محكمة نومبورغ ونددت بجرائم النازيين في فرنسا. لكن رئيس فرنسا اليوم يذهب ألى أبعد مما ذهب اليه رؤوساء فرنسا السابقين حيث انكار الضحية في وقوله الجزائر لم تكن أمة وهذا انكار ضحية الاستعمار الفرنسي التي تحملت ما لم تتحمله أمة على مر التاريخ.
لا شك ان ما يجري من محاولة لاعادة صياغة العلاقات بين البلدين والتي هي علاقات شائكة بين المستعمِر والمستعمَر فالطرفان تغيرا كثيرا خلال العقود الاخيرة لذلك يريدان علاقات متكافئة وفي هذا الاطار شروط الجزائر واضحة جلية. لكن العلاقات مرشحة لمواصلة التوتر إلى ما بعد انتخابات فرنسا لان الأخيرة وظفت هذا التوتر لمغازلة اليمين المتطرف.
وبالنسبة لمسارات العلاقة بين البلدين، فإن شعب الجزائر ليس محباً لفرنسا كما روج له ماكرون، الشعب الجزائري يشعر بالغبن من هذه العلاقة وحيث ُقحم باتفاقات صداقة وفرضت عليه مع عدو أبدي قتل من الجزائرين حيث ارتكب جيش من الوحوش المجازر واستعمل كل صنوف التعذيب بحق ابرياء الجزائر خلال 130 عاماً تقريبا من الاحتلال.
الجزائر اليوم ليست جزائر الأمس ولا يحق لفرنسا فرض اي وصاية على الشعب الجزائري او التدخل في خياراته لذا ينبغي على فرنسا ألا تشترط أي شيء فهي ليست بموقع الاملاء والفرض بل هي في موقف المدان أمام القانون الدولي وأمام الضمير العالمي. فعليها ان تتحمل مسؤوليتها تلك والتوقف عن الاحتيال السياسي.