الوقت - لم تكن عمليات زرع الكلى التي جرت في يوليو الماضي بين مواطنين إسرائيليين وإماراتيين إلا إزاحة للستار عن مشاركة أبو ظبي وتل أبيب في تجارة الأعضاء البشرية. تجارة تشكل أجساد الفقراء والضعفاء نواتها الرئيسية لتزداد جماعات الضغط الإماراتية والصهيونية التي تعمل بالربح غير المشروعة ثراءً من خلال بيع أعضاء هؤلاء الأشخاص.
حيث جرت أول عمليات زرع الكلى بين مستوطن إسرائيلي ومواطن إماراتي في 28 تموز، فحصلت فتاة إسرائيلية على كلية من متبرع إماراتي، وبالعكس حصل مواطن إماراتي على كلية متبرع اسرائيلي وتم إجراء العمليات الجراحية الأربعة في ثلاثة مستشفيات إسرائيلية.
تاريخ إسرائيل في الاتجار بالأعضاء
تلعب إسرائيل دورا رئيسا في الاتجار بالأعضاء البشرية خاصة في مجال زراعة الكلى غير القانونية، وذلك لأن المستوطنين الإسرائيليين لا يرحبون كثيرا بزراعة الأعضاء البشرية من الدول الغربية. فعلى مدى العقد الماضي، تم اعتقال العديد من شبكات الاتجار بالأعضاء البشرية في كوسوفو وكوستاريكا وكازاخستان، وفي عام 2018، تم اعتقال "موشه هارل"، الرجل الأول والعقل المدبر لإحدى هذه الشبكات.
وفي هذا الصدد قالت نانسي شيبر هاجز، الأستاذ المساعد في جامعة كاليفورنيا، ومؤسسة معهد أوركان واتش، إن الإسرائيليين لديهم هيكلية منظمة بشكل مذهل في شراء وبيع الأعضاء في جميع أنحاء العالم. ولديهم حسابات مصرفية في جميع أنحاء العالم ووظفوا أشخاصا في هذا المجال حتى جلبوا معهم مترجمين وشركات سياحية.
وأضافت إن "إسرائيل هي أكبر مستهلك للكلى في العالم وأكبر مورد للكلى لإسرائيل هي دولة مولدوفا، بحيث يعيش معظم رجال هذا البلد بكلية واحدة.
وباستثناء دول أوروبا الشرقية، يلجأ الإسرائيليون إلى بلدان آسيا الوسطى وأمريكا الوسطى الفقيرة لإجراء عمليات زرع الكلى. يدفعون أكثر من مائة ألف دولار للحصول على كلى من سماسرة ناشطين في هذا المجال، فيما يتراوح سعر بيع الكلى في هذه الدول بين 5 و 20 ألف دولار.
لكن النقطة المهمة هي أن عددا كبيرا من بائعي الكلى يتم استغلالهم من قبل هذه الشبكات الإسرائيلية، بحيث يحصلون إما على جزء من سعر بيع الكلى أو لا يحصلون على أي مبلغ على الإطلاق، و بعد اخراج إحدى الكليتين من أجسادهم، يعودون إلى المنزل خالي الوفاض.
وأثار تقرير لإحدى الصحف السويدية في عام 2009 الكثير من الجدل، مما تسبب بأزمة دبلوماسية بين تل أبيب وستوكهولم. حيث كشف هذا التقرير عن محاولة إسرائيل المتعمدة لقتل فلسطينيين لسرقة أعضائهم.
للإسرائيليين تاريخ طويل في هذا المجال، ففي عام 2002 أعاد الجيش الصهيوني جثامين ثلاثة شبان فلسطينيين إلى عائلاتهم بعد استشهادهم دون أعضاء داخلية.
وأكد تقرير صدر عام 2015 عن لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي أن الأطباء الإسرائيليين هم في طليعة عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية في جميع أنحاء العالم ، بما في ذلك في أوروبا الشرقية. لأن نمط الحياة في أوروبا الشرقية بشكل بات فيه الفشل الكلوي والكبد أمراً شائعاً جدا في بلدان هذه المنطقة، ونتيجة لذلك، فإن الطلب على زراعة هذين العضوين مرتفع للغاية.
وفي عام 2016، اكتشفت الشرطة الفيدرالية الأمريكية عصابة لتهريب الأعضاء البشرية يديرها ثلاثة حاخامات صهاينة. وأظهرت التحقيقات التي أجريت مع الحاخامات الثلاثة أنهم كانوا يقنعون الناس عبر إساءة استخدام بعض روايات التوراة. ويتبرعون بأحد أعضائهم مقابل 10 ألاف دولار، بينما يقومون هم ببيع الكلى بأكثر من 150 ألف دولار.
وجرت أول عملية زرع قلب ناجحة في الأراضي المحتلة عام 1968 نتيجة سرقة قلب إسرائيلي توفي، بحسب أحد أفراد الأسرة، في ظروف غامضة ومبهمة.
ملف الإمارات الأسود في الاتجار بالأعضاء البشرية
من جهة أخرى، تمتلك الإمارات سجلا أسود في الاتجار بالأعضاء البشرية في دول مثل اليمن وسوريا وليبيا التي تشهد حروبا وصراعات عسكرية.
ففي حزيران2020، كشفت جمعية رعاية الأيتام السورية المعروفة باسم اوركيد، عن تورط الإمارات في تهريب الأعضاء البشرية في سوريا، مؤكدة أنه بحلول عام 2020، كان 36 طفلاً سورياً قد وقعوا ضحية هذه التجارة الإماراتية.
وتضيف اوركيد ان الصليب الأحمر الإماراتي نقل 36 طفلاً سوريا إلى الإمارات لتقوم أسر إماراتية برعايتهم بعد خضوعهم لفحص طبي شامل، بما في ذلك تحديد فصيلة الدم لللاجئين السوريين ومخيمات اللاجئين في سوريا.
كما نشرت الجمعية وثائق تثبت ان قوات كردية سورية تعرف بقوات سوريا الديمقراطية الكردية او "قسد" تختطف أطفالاً من مخيمات اللاجئين السوريين في مناطق سيطرة هذه القوات في شمال وشمال شرق سوريا، تحت غطاء برامج رعاية الأيتام وتزعم أنهم سيعيشون في كنف عائلات إماراتية غنية، وتقوم ببيعهم للصليب الأحمر الإماراتي.
واللافت في النشاطات المشترك للإمارات وإسرائيل في مجال الاتجار بالأعضاء البشرية، هي وجود تقارير تفيد بسرقة أعضاء ضحايا الحرب في دول المنطقة، بما في ذلك سوريا والعراق. حيث اعترفت صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير لها أن "سماسرة وجراحي تل أبيب ينتظرون وصول ضحايا هذه الحروب، وخاصة من سوريا".
واشارت الصحيفة الى اثنين من كبار السماسرة في هذا المجال وهما، يوسف سونميز، وهو مواطن تركي، وموشه هارل، وهو إسرائيلي، وتقول، "بعد اعتقاله في كوسوفو، نقل هاريل نشاطه إلى أنقرة، وهذه المرة ليعمل مع شريكه التركي سونميز، وهو جراح والرجل الثاني لمافيا تهريب أعضاء اللاجئين السوريين.
سونميز، المتهم بسرقة أكثر من 2200 كلية، اعتقلته الشرطة التركية داخل عيادته، وعلى الرغم من الحكم عليه بالسجن، لكن تحت الضغط الإسرائيلي، أطلق سراحه في البداية بكفالة وثم فر من تركيا.
كما كشفت صحيفة "دير شبيجل" الألمانية في تقرير لها أن تجار البشر تعمدوا ثقب القوارب المطاطية لطالبي اللجوء وإغراقهم، وخلال ست ساعات قبل تلف أعضائهم الداخلية، قاموا بإخراجها من أجسادهم. وبيعها بأعلى الأسعار في السوق السوداء.
فيما ذكرت بعض وسائل الإعلام الإقليمية أن أحد أهداف إسرائيل في بناء وتشغيل مستشفيات ميدانية في المناطق الحدودية مع سوريا في هضبة الجولان المحتلة ليس معالجة جرحى الجماعات التكفيرية الإرهابية المتورطة في الحرب مع الدولة السورية، بل سرقة أعضائهم.