الوقت- سيشهد يوم السبت القادم 7 نوفمبر 2015 يوما تاريخيا للصين وتايوان ففي سنغافورا سيعقد رئيسا الصين "تشي جين بينغ" وتايوان "ما يينغ جو" إجتماعا للمرة الأولى منذ إنفصال البلدين في العام 1949، أهمية هذا اللقاء تكمن في الرغبة الحقيقية للبلدين في تنمية العلاقات السياسية المشتركة عبر الإتصال المباشر بين المسؤولين وتعزيز الثقة عبر مضيق تايوان. نحن نبحث في هذا المقال أهمية هذا اللقاء التاريخي وتداعياته على العلاقات بين البلدين؟ وهل سينجح الرئيسان في إنشاء علاقات سياسية متينة تؤدي إلى نهاية صراع دام أكثر من 66 عاما؟
أولا: موقف تايوان
نبدأ من التصريح الذي أدلى به الرئيس التايواني "ما ينغ جيو" الخميس في 5 نوفمنبر 2015 في خطاب للأمة قائلا: إن القمة التاريخية المقررة السبت القادم بين تايوان والصين تهدف إلى تفعيل الإتصالات بين الجانبين وتنمية العلاقات، وهذه المحادثات في مثل هذا الوقت قد تساعد في تخفيف حدة العداء على المدى القصير، وأضاف أنه يأمل في أن يتمكن زعماء تايوان في المستقبل من عقد مثل هذه الاجتماعات وهذا اللقاء بينه وبين الرئيس الصيني في سينغافورا أهميته أنه الأول بين زعيمي البلدين منذ نهاية الحرب الأهلية في العام 1949.
وكان رئيس البرلمان وانغ جين- بينغ حينما أبلغ باللقاء في صباح يوم الأربعاء من قبل رئيس وزراء تايوان ماو شي- كو والأمين العام لمكتب الرئاسة تسينغ يونغ-شوان ورئيس مجلس شيون الصين اندرو هسيا قال: " إن البرلمان يدعم أي حوار يفيد جانبي المضيق والإستقرار الإقليمي".
أما أبرز حزب "الحزب التقدمي الديموقراطي" المعارض و الرافض لدور الصين، والذي يرجح محللون فوزه في الانتخابات الرئاسية في كانون الثاني المقبل، إنتقد اللقاء بشدة قائلاً إن "ما يينغ" يحاول التأثير على نتيجة الانتخابات. وقال في بيان: "اي تعامل بين الطرفين يمكن ان يحصل فقط حين يفيد تطور البلاد الحر والديموقراطي وكذلك الاستقرار الاقليمي".
ثانيا: موقف الصين
أما في الصين فقد دعا مسؤول كبير في "الحزب الشيوعي الصيني" رجال الأعمال في الجانبين إلى "معارضة استقلال الجزيرة". وطلب عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب، رئيس الغرفة الإستشارية الصينية "يو جينغ شينغ" من رجال الأعمال أيضا المساهمة في تعزيز العلاقات بين جانبي المضيق.
لكنه أضاف في ختام قمة حول التجارة الصينية التايوانية في مدينة نانكين الصينية "إن التطور السلمي للعلاقات بين القارة وتايوان لم يكن سهلا والعامل الأهم يجب أن يبقى الإلتزام بالأسس الأساسية، أي بقاء توافق 1992 حول مبدأ صين جديدة ومعارضة إستقلال تايوان". وأكد انه " اذا تم التخلي عن هذه الاسس فان العلاقات بين جانبي المضيق ستواجه صعوبات وسيتم المساس بمصالح شعبي الضفتين".
أما المسؤول في مكتب شؤون تايوان في البر الرئيسي الصيني فقد وصف اللقاء بالتاريخي وعبر عنه بالعلامة البارزة في تنمية العلاقات عبر مضيق تايوان، وإختراقا في التبادل والإتصال المباشر بين المسؤولين. وأضاف بأن اللقاء يأتي فيما تتزايد معارضة الرأي العام التايواني لتقارب العلاقات مع الصين مع مخاوف من تعاظم نفوذها.
ثالثا : موقف الولايات المتحدة
نذكر هنا الدور المهم الذي تلعبه أمريكا فتايوان بالنسبة لها حليفتها الإقليمية وهي الورقة الرابحة في صراعها مع الصين ولطالما سعرت النار بين الدولتين الجارتين لمصالحها الخاصة. وليس من السهل أن تتخلى عنها اليوم وقد أصبحت الصين دولة إقتصادية عظمى ومن المنافسين البارزين لها.
فأمريكا اليوم تراقب عن كثب القمة بين الصين وتايوان، وكان البيت الأبيض قد رحب بحذر باللقاء. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست: "سنرحب بالتأكيد بخطوات تتخذ من جانبي مضيق تايوان لمحاولة خفض التوتر وتحسن العلاقات بين ضفتي مضيق" فورموزا.
خلاصة القول أن يتزامن اللقاء مع تزايد المشاعر المناهضة للصين في تايوان قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. أما الصين فسياستها قائمة على المحافظة على قوتها وتعزيز نموها الاقتصادي، فهي لا تريد مواجهة الولايات المتحدة الاميريكية لأن أمريكا ستبقي على دعمها لتايوان طالما ظلت هذه الأخيرة بمثابة الورقة الرابحة للضغط على التنين الصيني وحصاره خلال العقد القادم.