الوقت_ بعد أن وسعت عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين والكيان الصهيونيّ بشكل سريع من مستوى التعاون الثنائيّ عقب عام من توقيع اتفاقية التطبيع دون قراءة أيّ بند من بنوده أو تُصغْ سطراً من سطورها، أعلنت العاصمة البحرينيّة المنامة مؤخراً، عودة الصلاة والتراتيل للكنيس اليهوديّ لأول مرة منذ عام 1947، بحسب المستشار الدبلوماسيّ لملك البحرين ووزير الخارجية السابق خالد بن أحمد، حيث وصف تلك العودة بأنّها “لحظة تاريخيّة لأبناء البحرين اليهود"، والمشكلة ليس هنا بل في أنّ الهدف الواضح من الكنيس هو سياسيّ لا أكثر، عبر نشر الأفكار والمفاهيم الصهيونيّة ومحاولة تغيير مفاهيم وثقافة أبناء الشعب البحرينيّ المعادي للكيان، تمهيداً لبسط النفوذ والتغلغل الصهيونيّ في المجتمع الخليجيّ.
وبالتالي إنّ حديث عضو مجلس الشورى البحرينيّ، نانسي خضوري، عن أن أعداد اليهود البحرينيين تراجعت من عدة مئات إلى 36 شخص حاليّاً، لا يمكن أن يبرر إعادة افتتاح الكنيس بالعاصمة البحرينيّة، وهذا الأمر لا يمكن أن يؤخذ فقط من نواحي دينيّة لأنّ الهدف الأساس لتل أبيب هو سياسيّ يبدأ من زعزعة المجتمع البحرينيّ وتوسيع الفجوة بين الحكومة االبحرينيّة ومواطنيها يوماً بعد آخر، والتي ازدادت بشكل كبير منذ إعلان حكام البلاد عن رضوخهم للتطبيع مع العدو الصهيونيّ.
وفي الوقت الذي أعطت فيه حكومة المنامة بقرارها الأخير، الضوء الأخضر للتغلغل الصهيونيّ السريع في مجتمعهم، لا يُنظر إلى عودة الصلاة والتراتيل للكنيس اليهوديّ في المنامة بأنّها مشكلة في بلد مسلم، ولكن إذا كان هذا المركز الدينيّ سيستخدم كما هو جليّ لأهداف سياسيّة بحتة، فالبحرينيين لم يعد لديهم أدنى ثقة بحكومتهم التي اتخذت قراراً خارج إرادة الشعب ولم تنجح على كافة المستويات في تبرير تحالفها مع "إسرائيل" بذرائع واهية، والدليل أنّ ما يسمى "اتفاق السلام"، الذي أبرمته مملكة آل خليفة مع العدو الغاصب، جاء بالاستناد إلى مزاعم استعادة حقوق الشعب الفلسطينيّ وتجسيد ما يقال إنّه "مبادرة عربيّة"، لكن اتضح للقاصي والداني كذب وافتراء تلك التبريرات.
"إن لم تستحِ فاصنع ما شئت"، قالها شعب البحرين لحكومته على مواقع التواصل الاجتماعيّ، لأنّه يأبى أن تكون أرضه موطئ قدم ومُنطلق للصهاينة الذين يسعون للتغلغل في المجتمعات العربيّة وبالأخص الخليجيّة حاليّاً عبر طريق الخضوع الذي عبّدته الإمارات لتحقيق غاياتهم ومشاريعهم القذرة التي تؤمن أوكسجيناً إضافيّاً لدولتهم العنصريّة المزعومة على أرض فلسطين، لكن التعويل كان وما زال على الشرفاء والأحرار الذين اختاروا المقاومة نهجاً رابحاً مهما كثرت الضغوط، كُرمى عيون المظلومين والمقهورين في فلسطين المقدسة وغيرها.
ويشدّد أبناء البحرين على أنّ خطوات سلطات بلادهم لن تُغيّر صحة التاريخ واتجاهه، ولن تصنع ذلك قبولاً للكيان في وعي البحرينيين، وستبقى قضيّة إنهاء الاحتلال الصهيونيّ البغيض وتحقيق حرية الشعب الفلسطينيّ منهجاً استراتيجياً بالنسبة لهم، وأنّ تعاظم الخيانة لن يفلح في قلب العقائد أو تزييف الحقيقة أمام الشعوب العربيّة عامة، وشعب الخليج على وجه التحديد.
يُذكر أنّ الملك البحرينيّ، حمد بن عيسى، في 30 مارس/آذار الماضي، أصدر مرسومين بإنشاء بعثة دبلوماسيّة لبلاده في الأراضي التي يحتلها العدو الغاشم، وعيّن خالد الجلاهمة، كأول سفير للبحرين بتل أبيب، والذي زار الكنيس في 15 يوليو/تموز المنصرم، وكانت الإمارات والبحرين وقعتا اتفاقيتين لتطبيع العلاقات مع الكيان المجرم، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، في احتفال بالبيت الأبيض، بمشاركة ورعاية وأوامر الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب.
في النهاية، لا بد من التذكير بما قاله وزير الداخليّة في حكومة العدو في فترة موجة التطبيع، أرييه درعي، والذي شدد على أنّ الحكام العرب كحمار موسى في "التوراة" الذي يجب أن يُركب فقط ليصل إلى وجهته النهائيّة المطلوبة، موضحاً أنّه من الضروري تقديم "علف" عالي الجودة و "سروج" باهظة الثمن، لركوب تلك البهائم أي حكام العرب المُطبعين، مبيّناً أنّ الحكام العرب هم دوابّ عند كيان الاحتلال ويسخرون للوصول إلى الوجهة المطلوبة منهم.
وفي برهان قاطع على أنّ عقائد العصابات الصهيونيّة تعادي بشدة العرب والمسلمين والأحرار، وتعتبر أنّ أرض فلسطين العربيّة هي العاصمة الأبديّة لدولتهم المزعومة، أشار درعي وقتها إلى أنّه لا يمكن تحقيق سلام إستراتيجيّ بين اليهود والمسلمين، مُضيفاً أنّ الأمّة الإسلاميّة ستبقى عدواً لليهود ما دام القرآن كتابهم، بيد أنّ الشعب العربيّ وبالأخص الخليجيّ مؤمنٌ بالكامل بأنّ حدود دولة فلسطين العربيّة التاريخيّة هي من البحر إلى النهر، وأنّ ذلك حق مقدس لا يمكن التنازل عنه بأيّ شكل من الأشكال، مهما ارتفعت حدة الخيانة والعمالة لدى بعض الحكومات العميلة.