الوقت_ يحتفي الكيان الصهيونيّ بالذكرى السنويّة لتوقيع اتفاق التطبيع مع الإمارات والبحرين والتي ضمت لاحقاً كلاً من المغرب والسودان إلى حلفها الخانع، وفي ظل تفاخر تل أبيب بخيانة الإمارات التي عبّدت طريق الرضوخ والخنوع من جديد في المنطقة، باعتبار أنّها كانت الدولة العربيّة الأولى التي توقع اتفاقية للاستسلام مع العدو العنصريّ، منذ أن وقع الأردن في عام 1994 معاهدة مماثلة، يؤكّد الكاتب الإسرائيليّ، ليعاد أوسمو، أنّ مرور عام على توقيع اتفاقيات التطبيع شهد زيارة عشرات الآلاف من الصهاينة إلى دولة الإمارات رغم أنّ العرب أنفسهم ممنوعون من زيارتها، معتبراً بدء التجار من البلدين بإقامة علاقات وتبادل الطلاب بينهما يوحي بأنّ الجانبين أمام ما أسماه "سلاماً دافئاً"، أما بالنسبة للعلاقة مع البحرين فإن الأمور تسير بوتيرة أبطأ بحسب تعبيره.
تطبيع إماراتيّ مُلفت
نوّه الكاتب الإسرائيليّ في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبريّة، إلى أنّ العلاقات بين تل أبيب وبلدان التطبيع دارت خلف الكواليس خلال السنوات المنصرمة، رغم المكانة الخاصة للإمارات التي أعجب الآلاف من الإسرائيليين بما يقدمه “صديقهم” الجديد، باعتبار أن هذا التطبيع يحقق ما وصفها بـ "المصلحة المشتركة"، وتنتهي بالمصلحة الاقتصاديّة لأن إمكانات التعاون الاقتصاديّ بينهما ضخمة، أما الجانب الأمنيّ بالكامل في أيدي القادة والقوى الأمنيّة من الجانبين.
ومع تصاعد خيانة الإمارات لفلسطين والعرب عبر ما يعُرف بالتطبيع مع الكيان المجرم، بعد أن تحالف حكام البلاد مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كافة القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، في ظل تعزيز العلاقات مع محتل الأرض العربيّة في كافة المجالات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والتكنولوجيّة والطبيّة والثقافيّة والدينيّة والإعلاميّة والاستخباراتيّة والسياحيّة، بيّنت المُستشرِقة الإسرائيليّة والنائبة السابقة في الكنيست الصهيونيّ، كاسنيا سيفاتلوفا، أنّ التطبيع مع الإمارات يحمل آفاقا واسعة، وأنّهم مازالوا في بداية قمة جبل الجليد بعد، وأنّ السلام بينهما دافئ ولديه القدرة على أن يصبح بدرجة أكبر.
وأشارت السياسيّة الإسرائيليّة إلى أنّ الإمارات لديها اهتمام باليهوديّة والشعب اليهودي، لدرجة دمج مثل هذا المحتوى في مناهجها الدراسيّة داخل المدارس والجامعات، ودراسة "الهولوكوست" أو الإبادة الجماعيّة التي وقعت خلال الحرب العالمية الثانية وقُتِل فيها ما يقارب ستة ملايين يهوديّ أوروبيّ على يد النظام النازيّ، لأدولف هتلر والمتعاونين معه، وقد احتفت أبوظبي في الأشهر القليلة المنصرمة بالمحرقة، كما أنّها فتحت مؤسساتها الإعلاميّة للصهاينة بعد أن افتتحت مدارس دينيّة لنشر الأفكار والمفاهيم الصهيونيّة ولمحاولة تغيير مفاهيم وثقافة أبناء الشعب الإماراتيّ والعربيّ المعادي للكيان، كما فتحت فنادقها للسياح الصهاينة في كافة أرجاء البلاد إضافة للمطاعم اليهوديّة، بعد أن تحولت إلى أرض تستقبل تجار المخدرات الصهاينة الفارين من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ناهيك عن ملف منح الجنسيات لآلاف الصهاينة وقضيّة تبادل زرع الكلى البشرية بين إماراتيين موالين للحكومة وآخرين صهاينة وسط ذهول كبير من وصول العلاقات والتطبيع مع العدو القاتل إلى حد التجنيس والتبادل بالدم والأعضاء.
وعقب الخطوة الإماراتيّة لتُعزّيِز وتُعميِّق تطبيعها مع الكيان الصهيونيّ، عبر منح ترخيص البث لقناة "i24News" العبريّة، والسماح لها بافتتاح مكتب لها في مدينة دبي للإعلام بعد توقيع مذكرة تفاهم مع مؤسسة دبي المختصة في هذا المجال، شدّدت سيفاتلوفا على أنّه بعد عام كامل من التطبيع الإماراتيّ - الصهيونيّ، فقد باتت التغطية الإعلاميّة الإماراتيّة أقل تحيزًا ضد "إسرائيل"، مؤكّدة وجود اهتمام كبير بالمجتمع الإسرائيليّ، حيث أطلقت وكالة الأنباء الإماراتيّة الرسميّة موقعاً باللغة العبريّة، وتحتفظ سفارتها الجديدة في تل أبيب بحساب على تويتر للحديث عن الأنشطة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة.
أيضاً وبحجة التطبيع، ذهب النظام الإماراتي أكثر من حد التعاون الشامل مع العدو العنصريّ، عقب منحه السيطرة الكاملة على بعض المجالات الحيويّة والحساسة في البلاد ما أدى إلى تغلغله فيها رغم خطورة ذلك، وقد مهدت العلاقة المتناميّة بشدّة بين تل أبيب وأبو ظبي لمثل هكذا اختراق، بعد أن شكلا تحالفاً جديداً يزداد نمواً بشكل سريع للغاية، حيث قامت الإمارات في الفترة الأخيرة برفع حجم التعاون الأمنيّ مع الكيان، لتحقيق أحلام الدولة العبريّة المزعومة وداعميها في المنطقة.
وتيرة أبطأ
بعد أن أصبحت الإمارات والكيان الصهيونيّ "جسداً واحداً"، بالطبع لن تكون تل أبيب راضيّة عن علاقاتها الأقل شأناً مع البحرين، ويتحدث الكاتب الصهيونيّ أنّ وتيرة التطبيع مع المنامة أبطأ من أبو ظبي، رغم أنّ شركة طيران الخليج البحرينية ستطلق خطها المباشر للأراضي الفلسطينيّة التي يحتلها العدو قريباً، وفي الوقت نفسه هناك زيارات متبادلة من القادة وممثلي الحكومتين، فيما يدرك العدو جيداً أن شعب البحرين غير معنيّ بخيانة حكامه الخانعين.
أما بما يخص السودان، الذي دخل حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع الكيان الصهيونيّ الغاصب في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ثمناً لدخول القرار الأمريكيّ برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب حيز التنفيذ، بعد أن عرضت إدارة الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، ما يصل إلى 850 مليون دولار لضحايا الهجمات الإرهابيّة وأجبرت الخرطوم على دفعها، فإن تل أبيب تنتظر استقراره السياسيّ للاستمرار بإحراز تقدم في الاتصالات الثنائيّة، بيد أنّ السودانيين يرفضون بالمطلق التطبيع مع الكيان الصهيونيّ المُحتل يرونه عدواً للمسلمين والعرب والفلسطينيين لأنّه من أكثر الكيانات إجراماً في العالم، فيما يرون أنّ خيانة حكومتهم محض صفقة مذلة معزولة تمت في الظلام، وتم استدراج بلادهم إليها رغم أنفهم، في خيانة حكوميّة تحقق نصراً معنوياً وسياسياً لكيان محتل ظالم، وخذلاناً قاسياً لشعب مظلوم.
وحول التطبيع مع المغرب، الذي تم مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الرباط على الأراضي التي تحتلها في الصحراء الغربيّة التابعة لجبهة "البوليساريو"، فمختلفة بعض الشيء، حيث ينبع الدافع لتوقيع اتفاق العار من مصالح الملك المغربيّ، محمد السادس، لكن يرى الكاتب أن هذا لا يعني أن الاتفاق لا يمكن تسخينه، خاصة أن السياح الإسرائيليون يزورون المغرب منذ عقود، ويصلون له عبر دولة ثالثة، ومنذ فترة افتُتح خط مباشر بين مطار بن غوريون ومراكش، فيما يدرك الشعب المغربيّ جيداً حجم التكالب على فلسطين وداعميها من خلال الانجرار نحو اتفاقات العار لتمرير "صفعة القرن" التي تهدف إلى تصفيّة قضيّة الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، والغوص في مشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة.
وبخصوص ما تُسمى "اتفاقيات السلام" التي وقّعتها "إسرائيل" مع دولة مصر العربية عام 1979، ومع المملكة الأردنيّة عام 1994، فيشير الكاتب إلى أنّ الاتفاقية لم تنفذ بعد، ما خلق إحباطًاً لدى الكيان المجرم، لأنّ هناك مجموعة صغيرة جداً من الأردنيين على استعداد للتعاون مع الصهاينة باعترافهم، ما يبرهن من جديد أنّ الرفض الشعبيّ العربيّ للإساءات التي قامت بها بعض الحكومات كان ولا يزال وسيبقى قائماً، ليمنع تحقيق المخططات الصهيونيّة العدوانيّة.