الوقت- أكثر فأكثر، تتصاعد خيانة أبو ظبي عبر ما يعُرف بالتطبيع مع العدو الصهيونيّ المجرم، بعد أن تحالف حكام الإمارات مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كافة القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، واستمراراً لخطوات لتعزيز العلاقات مع محتل الأرض العربيّة في كافة المجالات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والتكنولوجيّة والطبيّة والثقافيّة والدينيّة والإعلاميّة والاستخباراتيّة، ذهب النظام الإماراتي أكثر من حد التعاون الشامل مع تل أبيب إلى منحها سيطرة كاملة على الخدمات الأمنيّة في البلاد والتغلغل فيها رغم حساسيتها.
تعاون أمنيّ
استكمالاً لنهج التعاون الإماراتيّ الشامل مع العدو الصهيونيّ الباغي، بعد الخيانة التي ارتكبها حكام الإمارات بحق فلسطين والعرب، أُعلن عن تعاقد الإمارات مع شركة إسرائيليّة متخصصة في الطائرات المسيرة، بدواعي خفض زمن استجابة الأجهزة الأمنية لحالات الطوارئ، وذكر موقع “إسرائيل ديفنس” العبريّ، أن شرطة دبي استعانت بشركة (Aerobotics) الصهيونيّة المتخصصة بالطائرات المسيرة، للدمج المنتظم للطائرات المسيرة في الأنشطة الأمنيّة، واختير معرض "إكسبو" العالمي، ليكون الحدث الافتتاحيّ لهذا التعاون، وهو معرض دوليّ يقام مرة كل أربع سنوات.
وسبق ذلك الإعلان، تغريدة لحاكم دبي، محمد بن راشد، قال فيها: “خلال زيارتي اليوم لمقر القيادة العامة لشرطة دبي، دشنت منصة Drone Box، وهي عبارة عن منصات لإطلاق الطائرات بدون طيار موزعة في الإمارة لخفض زمن الاستجابة للبلاغات الجنائية والمرورية من 4.4 دقائق إلى دقيقة واحدة فقط، وسيتم إطلاق الخدمة خلال معرض إكسبو القادم”، المقرر انعقاده في أكتوبر/ تشرين أول القادم.
ولا يخفى على أحد أنّ التعاون الأمنيّ هو أساس اتفاق إعلان التطبيع بين حكومة الإمارات وتل أبيب وأخطر ملفاته، إذ أن العلاقات بين جهاز الاستخبارات الصهيونيّ "الموساد" والأجهزة الأمنيّة الإمارتيّة تكرست منذ تسعينيات القرن المنصرم، وشمل ذلك إقدام العدو على اغتيال القياديّ الفلسطينيّ في حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"، محمود المبحوح، في أحد فنادق دبي عام 2010.
وقد شكلت الاتفاقيات التي أدخلت الولايات المتحدة فيها العديد من الدول العربيّة في حظيرة التطبيع، وأعلنها الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، في 13 أغسطس/ آب 2020، نقطة تحول في العلاقات الخليجيّة – الصهيونيّة، ومع وجود علاقة دبلوماسيّة رسميّة بين أبوظبي وتل أبيب، فإن العدو الصهيونيّ المجرم يستغل بكل ما أوتي من قوة تطبيعه مع النظام الإماراتيّ بالذات، لتحقيق مآربه العدوانيّة في المنطقة، والدليل حصول 5 آلاف إسرائيليّ على جنسية الإمارات والإقبال من الإسرائيليين تحت غطاء الاستثمار فيها، وبالأخص في إمارتَيْ دبي وأبو ظبيّ.
علاقات استخباراتيّة متناميّة
مهدت العلاقة الأمنية المتناميّة بشدّة بين الإمارات والعدو الصهيونيّ، الطريق لصفقات مربحة لشركات الاستخبارات والأمن السيبرانيّ الصهيونيّة في أبوظبي، حيث يَعتبر الكيان الصهيونيّ نفسه لاعباً قويّاً في مجال الحرب الإلكترونيّة التي تشكل جزءاً اساسياً من “قوته الناعمة” ضد الدول الرافضة لاحتلاله، حيث الإسرائيليون يدعمون الإمارات في هذا المجال بقوة، حتى قبل اتفاقية التطبيع، فقد قامت عدة شركات تابعة للعدو مثل “أيروناتيكس” بتزويد الإماراتيين بالمنتجات والخدمات لتعزيز قدراتهم الاستخباراتيّة والإلكترونيّة، وتتحدث تقارير إعلاميّة أن شركات إماراتية مثل “دارك ماتر” جلبت خبراء إنترنت سابقين في جيش العدو من الوحدة السرية للجيش “8200” للعمل في الإمارات، وأوردت أنّ ت أبيب وأبو ظبي تخططان لتطوير قاعدة تجسس مشتركة في جزيرة "سقطرى" اليمنيّة المطلة على بحر العرب.
كذلك، فإنّ الإمارات والعدو الصهيونيّ شكلا تحالفاً استخباراتيّاً ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة الداعم الكبير للمقاومة الفلسطينيّة، كما أنّه سيصبح من السهل بالنسبة للعدو تنسيق الشؤون الأمنيّة الإقليمية مع مملكة آل سعود، حتى في غياب العلاقات العلنية، ويمكن للإماراتيين أيضاً تقديم دعم ضمني لتل أبيب في منطقة شرق البحر المتوسط، ومن المرجح أن يتعاون الطرفان بشكل وثيق مع اليونان وقبرص وأعضاء آخرين في الاتحاد الأوروبيّ لاتخاذ موقف قويّ ضد طموحات تركيا الجيوسياسيّة.
إضافة إلى ما ذُكر، فإنّ منطقة القرن الأفريقي تتحول إلى مسرح للتعاون الأمنيّ الإماراتيّ - الصهيونيّ المتصاعد، حيث إنّ سقطرى وبونتلاند وإريتريا هي مناطق “يمكن لأبو ظبي تسهيل وجود العدو القاتل فيها، لأنّ المحور الاستراتيجيّ الجديد بين الكيان الصهيونيّ والإمارات يتنامى بقوة منذ اتفاق تطبيع العلاقات في منتصف أغسطس/ آب المنصرم، وقد تضاعفت الاتفاقيات الثنائيّة في كافة المجالات التكنولوجيّة والإعلاميّة والرياضيّة والاستخباراتيّة، لدرجة أنّ الصهاينة باتوا يشعرون الآن بأن الإمارات تمثل "جنة جديدة" لهم.
ختاماً، لا تزال تفاصيل التنسيق الأمنيّ الإماراتيّ – الإسرائيليّ مجهولاً رغم كل ما ذكر، والأشهر والسنوات المقبلة ستشهد على ذلك، لأنّ حكام الإمارات يعلمون جيداً حجم التهديد السياسيّ الداخليّ والخارجيّ الذي يواجههم في بلاد لا تعرف من الديمقراطيّة حتى اسمها، ولأجل ذلك يدفعون الغالي والنفيس ولو كان لأكثر الكيانات إجراماً في العالم، للتخلص من ذلك التهديد، دون أن يضعوا في الحسبان خطورة ذلك وتأثيره السلبيّ الكبير على بلادهم ودول المنطقة.