الوقت - ثمنت حركة المقاومة الإسلامية حماس، مواقف الجزائر الراسخة الداعمة للقضية الفلسطينية، والرافضة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، كما أعربت عن تقديرها عاليا للجهود التي تبذلها الدولة الجزائرية في مختلف المحافل الرسمية لطرد الكيان الصهيوني من الاتحاد الأفريقي.
ودعت حماس كل الدول العربية والإسلامية إلى الوقوف عند مسؤولياتهم باتخاذ خطوات مماثلة تنسجم مع مواقف شعوبهم الرافضة للتطبيع مع العدو الصهيوني، والمناصرة للشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة، وبذل الجهود المطلوبة لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه، واتخاذ القرارات الرادعة بحقه، ودعم حق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال.
بدوره قال الناطق الاعلامي باسم حركة الجهاد الاسلامي طارق سلمي إن الموقف القومي الحر للجزائر ورفضها منح الكيان الإسرائيلي صفة عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي يعبر عن أصالتها.
وأوضح سلمي في تصريح أن "اتفاق الجزائر مع عدد من الدول الافريقية لطرد العدو الصهيوني من الاتحاد الأفريقي هو موقف يعبر عن أصالة الجزائر وشعبها وهو موقف يجسد الانتصار للقضية الفلسطينية".
ودعا الدول العربية والإسلامية والصديقة الأعضاء في الاتحاد الأفريقي لدعم الموقف الجزائري والانضمام للدول المؤيدة لموقف الجزائر والدول الأخرى التي اتفقت معها لطرد الكيان الإسرائيلي.
وكانت وزارة الخارجية الجزائرية، أصدرت في 25 تموز الماضي، بياناً بشأن انضمام "إسرائيل" إلى الاتحاد الأفريقي، قالت فيه إنّ "القرار الأخير لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بشأن قبول مُراقب جديد، والذي يدخل ضمن صلاحياته الإدارية، ليس من شأنه أن يؤثّر في الدعم الثابت والفعّال للمنظمة القاريّة تجاه القضية الفلسطينية العادلة، والتزامها تجسيد الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقّه في إقامة دولته المُستقلة وعاصمتها القدس المُحتلة".
وأضاف البيان إنّ هذا "القرار لا يَحمل أيّ صفة أو قُدرة على إضفاء الشرعية على ممارسات المُراقب الجديد وسلوكياته، والتي تتعارض تماماً مع القيم والمبادئ والأهداف المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي".
وذكّر البيان بأنّ "نُظُم عمل الاتحاد الأفريقي لا تمنح أيّ إمكان للدول المراقبة الـ 87 من خارج أفريقيا للتأثير في مواقف المنظمة القاريّة، والتي يُعَدّ تحديدها اختصاصاً حصرياً للدول الأعضاء".
وأشار البيان إلى أنّه، بناءً على ما سبق، فإنَّ الضجّة الإعلامية بشأن هذا الموضوع الذي لا يَعدو عن وصفه بأنه "لا حدث" أكثر من كونه اختراقاً ذا بُعد استراتيجي، "لا يمكنها الإضرار بالمتطلبات الأساسية لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، على النحو الذي كرّسته أفريقيا والمجتمع الدولي بأسره، وعلى النحو الذي نصّت عليه المُبادرة العربية للسلام والتي أقرّتها القمّة العربية المُنعقدة عام 2002 في بيروت، والتي حظيت بالدعم الكامل من جانب الاتحاد الأفريقي".
وختمت الوزارة بيانها بالقول إنّ "الجزائر، التي ساهمت على نحو كبير في إرساء الشراكة الاستراتيجية وتعزيرها بين أفريقيا والعالم العربي، ستواصل جهودها من أجل الاستمرار في تقوية التضامن بين المجموعتين لمصلحة جميع شعوبهما".
وقالت قناة “الواقع” الجزائرية، إنّ الجزائر بدأت رسميا بتشكيل طاقم أفريقي لرفض قرار إدخال إسرائيل في الاتحاد حفاظا على مبادئه ودعم الدولة الفلسطينية، مؤكدة أنّ هذه الدول هي جنوب أفريقيا، وتونس، وإريتريا، والسنغال، وتنزانيا، والنيجر، وجزر القمر، والغابون، ونيجيريا، وزمبابوي، وليبيريا، ومالي، والسيشل. وباركت هذه الدول أي خطوة تتخذها الجزائر ضد إسرائيل، حسب تقرير القناة عبر”يوتيوب”.
وشدد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، على أنّ الدبلوماسية الجزائرية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الخطوة التي قامت بها إسرائيل والاتحاد الأفريقي دون استشارة الدول الأعضاء. وأضاف انّ قبول الاتحاد الأفريقي لإسرائيل عضوا مراقبا يهدف لضرب استقرار الجزائر التي تقف مع فلسطين والقضايا العادلة.
وكانت الجزائر قد أعلنت رسميا، أن الوزير لعمامرة بدأ جولات ابتداءً من الثلاثاء الماضي، لزيارة دول أفريقية تشمل: تونس، ومصر، وإثيوبيا، والسودان، بهدف “محاصرة” المدّ الإسرائيلي في مؤسسات الاتحاد الأفريقي، كما ورد في الخبر الرسمي.
وفي تغريدة له على حسابه الخاص على “تويتر”، كتب لعمامرة: “تحادثت مع أخي عثمان الجرندي، وزير خارجية جمهورية تونس الشقيقة، وتشاورنا حول أهم قضايا الساعة على مستوى الاتحاد الأفريقي”، والإشارة هنا واضحة إلى انضمام إسرائيل للاتحاد كعضو مراقب.
ونبهت الخارجية الجزائرية إلى أن “القرار الذي اتخذ دون مشاورات مسبقة، لا يحمل أي صفة أو قدرة لإضفاء الشرعية على ممارسات وسلوكيات المراقب الجديد، التي تتعارض تماما مع القيم والمبادئ التي ينص عليها القانون الأساسي للاتحاد الأفريقي”.
موقف الجزائر الرسمي كان منفردا دائماً، أما على المستوى الشعبي، فلا تجد جزائريا يفكر في قيام السلطة الجزائرية بخطوة نحو كيان الاحتلال اذ ان موقف الجزائر هذا مُتوقع ومسنود بمواقف تاريخية لطالما دعمت القضية الفلسطينية دوليا ووطنيا وعلى المستويين الرسمي والشعبي.
من دون مبالغة فالموقف الجزائري كان استثنائيا، حيث تؤكد أنها لن تحيد قيد أنملة عن موقفها التاريخي الثابت تجاه المسألة الفلسطينية، لأنها تبقى في سياستها الخارجية قضية مبدئية لا ترتبط بالأشخاص والمنظمات مهما كانت أخطاؤها.
وعلى مدار عقود بقيت الجزائر متمسكة بموقفها الداعم لفلسطين والرافض للاحتلال الإسرائيلي والتطبيع معه، منذ الحركة الوطنية الجزائرية (1918-1954)، ثم ثورة التحرير ضد المستعمر الفرنسي (1954). وعقب الاستقلال عام (1962) شاركت الجزائر في حروب الشرق الأوسط ضد إسرائيل عامي 1967 و1973. وخلال السبعينيات كانت عبارة الرئيس الراحل هواري بومدين، "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة" عنوانا للموقف الجزائري.
ولم تنخرط الجزائر في مسارات التسوية التي سارت فيها بعض الدول العربية الأخرى، بداية من معاهدة كامب دايفيد بين مصر وكيان الاحتلال، وصولاً إلى موجة التطبيع المستجدّة.
وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، لم يقتصر الموقف الجزائري على الجانب الرسمي، بل تحرَّك الشعب الجزائري، عبر فعّالياته الأهلية والنقابية والسياسية، فأطلق الجزائريون مبادرات تضامن ودعم للشعب الفلسطيني، وأعلنوا حملة "يداً بيد القدس"، وعبَّروا عن غضبهم في وجه ممارسات كيان الاحتلال، الأمر الذي ثمّنه السفير الفلسطيني لدى الجزائر أمين مقبول، الذي اعتبر أن الفلسطينيين تعوّدوا المواقفَ التاريخية المشرِّفة للجزائر، دفاعاً عن حق الشعب الفلسطيني.