الوقت - كلف الملك الأردني عبدالله الثاني، في العاشر من حزيران/يونيو الماضي، سمير الرفاعي، برئاسة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ومهمتها وضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكماً بالقانونين وآليات العمل النيابي.
وتتولى اللجنة، التي تضم أعضاء من مختلف القطاعات والأطياف السياسية والفكرية، تقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة.
وأعلن عن قيام اللجنة بإطلاق موقع الكتروني يعرف باللجنة الملكية واللجان الفرعية، يتضمن نافذة لإرسال المقترحات من قبل المواطنين والتواصل معهم بهدف الوصول إلى توصيات تحقق الرغبات الملكية السامية وتطلعات المواطنين.
كما تحدث عن توزيع مدونة سلوك على أعضاء اللجنة حول الالتزام بالأطر العامة للجنة والتي تضمنتها رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني.
وتعود الأردنيون على الظهور المتكرر للملك في مناسبات وأحداث مهمة خلال الأشهر الأخيرة التي شهدت تداعيات أزمة الأمير حمزة والوضع الاقتصادي العام وأزمة كورونا وطرحت مخاوف حول استقرار الحكم في الدولة التي تأسست قبل مئة عام.
وبدأت اللجنة الاستماع إلى أطراف من خارج أعضائها، كالهيئة المستقلة للانتخابات التي كانت على علاقة مباشرة مع القوانين السابقة وتدرك مواطن الخلل فيها.
ونفى الناطق الإعلامي باسم اللجنة الملكية مهند مبيضين مؤخرا ما تم تداوله من آراء وأخبار حول وجود تصور واضح لقانون الانتخاب.
وقال مبيضين لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) إن ما تم نشره من آراء وأخبار حول قانون الانتخاب، وتحديدا ما هو متعلق بعدد مقاعد أعضاء مجلس النواب وآلية توزيعها، لم يتم بحثه أو مناقشته في لجنة الانتخاب.
وأضاف أن اللجنة وقفت خلال الأيام الماضية على مناقشة الغايات وموجبات التحديث بما يحقق أهدافها المناطة بها بإنجاز برلمان فيه حضور للأحزاب بشكل برامجي، حيث لم تدرس إلى غاية الآن أي سيناريوهات لمشروع قانون انتخاب.
ونقل المحلل السياسي الأردني مالك العثامنة عن مبيضين تأكيده عدم مناقشة اللجنة أيًّا من الملفات المكلفة بها، وأن فرق اللجنة لا تزال في باكورة عملها رغم ضيق الوقت.
وترى أوساط سياسية أردنية أن هناك بطئا شديدا يسود عمل اللجنة، زاد منه غياب الملك. ويعود ذلك إلى خشية رئيسها، الذي هناك تحفظات عليه، من اعتماد قوانين قد تلقى اعتراضات شديدة من قبل القوى المختلفة.
واعتبرت مصادر سياسية أردنية أن الوتيرة التي تسير بها أعمال اللجنة تجعل من الصعب عليها الالتزام بالمهلة المحددة لعملها، أي الخريف المقبل، محذرة من أن مسار الأمور يشي بأن عمل اللجنة قد يستغرق عدة أشهر، وهذا من شأنه أن يعزز مخاوف البعض من أن يكون الأمر متعمدا رغبةً في امتصاص غضب الشارع من خلال الادعاء بوجود تمش إصلاحي هو ليس موجودا في واقع الأمر.
ويرى مراقبون أن أي حديث عن إصلاح في الأردن عادة ما يكون ناجما عن ردة فعل على هزة في الداخل، وما إن تمر حتى يتمّ التراجع عن تلك الوعود.
واعتبر المحلل السياسي الأردني مالك العثامنة أن ما يتسرب من أخبار من داخل اجتماعات اللجنة لا يسرّ الأردنيين، بحكم الجدل المتصاعد على رئيسها سمير الرفاعي، مشيرا إلى أن وجود الملك في إجازة لا يؤثر كثيرا على استمرار عمل اللجنة.
وعبر عن اعتقاده في أن الملك سيتدخل بعد عودته من إجازته أولا وبعد نهاية عمل اللجنة ثانيا، لأن خيار الإصلاح السياسي لم يعد ترفا أبدا، وهو مصلحة العرش والجالس على العرش.
وتساءل المحلل السياسي الأردني عن سرعة وجودة عمل لجنة الإصلاح وهي تحت ضغوط خارجية، وتعيش مأزقا داخليا بسبب تنافر أعضائها. وجاءت خطوة تشكيل اللجنة في ظل ارتفاع منسوب الاحتقان الشعبي، وانضمام العشائر إلى الأصوات الضاغطة والمطالبة بالإصلاح.
وليست هذه اللجنة الأولى التي جرى تشكيلها فقد سبقتها نحو تسع لجان منذ استلام الملك عبدالله الثاني العرش عام 1999، من بينها لجنة الأجندة الوطنية ولجنة "الأردن أولا" ولجنة "كلنا الأردن".
بدوره قال سليم البطاينة النائب الاردني السابق، يمكنُنا أن نقرأ بوضوح ومن دون عدسات مكبرة طبيعة المشهد السياسي الداخلي الحالي ولا أحد يُجادل كونه مشهد يعيش على إيقاع الفراغ، فأي مواطن أردني يستطيع أن يَسرد ما يسُر وما لا يسُر. فالدولة تبحثُ عن شعب يرضى بالواقع ، يجعل من الصمت التام فريضة ومن الطاعة العمياء سُنّة مؤكدة .. يسألُ عن كل ما يخطر بباله ولا يستطيع الاستفسار عن مصير بلاده!
ومضى بالقول: لا أستطيع أن أكتم غيظي أو أخفي مشاعري وأنا أُشاهد بعضاً من بالونات الاختبار والتغريد خارج السرب لمجموعة من أعضاء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية تُطلَق بين الحين و الآخر لِجَسّ النبض وقراءة الواقع العام.
وتصدر خلال الأيام الأخيرة تهديد أطلقته جماعة الإخوان المسلمين بالأردن، ملوحةً بالانسحاب من لجنة الحوار الوطني، إذا ما أصرت السلطات السياسية على التقدم بأية صيغة مسبقة لقانون نظام انتخاب جديد يحافظ على قواعد الصوت الواحد.
وكان الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي -الذراع السياسية لجماعة الإخوان بالأردن- مراد العضايلة، قد أعلن أن أية صيغة لها علاقة بقانون الصوت الواحد مرفوضة تماماً وبالمطلق ودون أي نقاش.
ويستبعد المستشار والمحلل السياسي والأمني الأردني محمد الملكاوي، أن تتوجه الدولة الأردنية إلى إدخال وإشراك الإخوان في الحكم؛ لأن وجودهم في "اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية" محدد بمجموعة من الأهداف الرسمية، وسوف ينتهي التفويض بمجرد انتهاء عمل اللجنة.
ويضيف الملكاوي، أن تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن وإشراك بعض القيادات السياسية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، يأتي من باب احتواء الإخوان المسلمين وقياداتهم بالأردن، مشيراً إلى أن الشخصيات التي تم اختيارها في اللجنة هي شخصيات مستقلة؛ الهدف منها إشراك قيادات إسلامية حتى تكون شريكاً في تحديث المنظومة السياسية والتي تأخذ مجموعة من الأبعاد والمحاور بعين الاعتبار.
وفي سياق متصل، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد أحمد الروسان، أن ثمة تفاهمات غير مكتوبة من تحت الطاولة بين الإخوان، وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والدولة تعرف ذلك، على أن يكون لإخوان الأردن من البرلمان القادم حصة أكبر يمكن أن تصل إلى الربع، وهذا ما يسعى إليه الإخوان، وبالتالي فوجودهم جاء رسالة من الدولة لواشنطن.
معظم مخاوف الأردنيين هو قانون الانتخاب القادم وهناك أجواء من الحذر تسود الشارع الأردني. فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن إلى أين ستأخذ لجنة تحديث المنظومة السياسية الأردب بمخرجاتها وما هي السيناريوهات القادمة ؟ فالأردنيون ينظرون إلى إصلاح وتغير يختارونه هم بأنفسهم لا أن يفرض عليهم وأن يكون مُلبياً لطموحاتهم حافظاً لهويتهم.