الوقت – في تصريحات تحمل الكثير من المعاني والدلالات قال ممثل الرئيس الافغاني في شؤون الاصلاحات وادارة الحكومة احمد ضياء مسعود خلال مراسم تكريم الصحافيين والمراسلين في كابول ان مفاوضات السلام بين الحكومة الافغانية وجماعة طالبان هي فرصة لتأمين المصالح الباكستانية ولأن طالبان تتلقى الدعم من الحكومة الباكستانية فإن حرب افغانستان ليست مع طالبان بل مع باكستان، واضاف مسعود ان السلام مع طالبان غير معقول لان طالبان تقاتل من اجل المصالح الباكستانية وان اسلام آباد لاتريد السلام والامن ابدا في افغانستان ولذلك فإن التكلم عن مفاوضات سلام غير مجدي وان باكستان سوف لن تترك هذه الحرب حتى تحقيق اهدافها.
وتأتي تصريحات مسعود الذي ربط بين الحرب في افغانستان وبين مصالح الدول الاجنبية بعدما كانت حكومة اشرف غني تسعى للسلام مع طالبان بشكل حثيث والسؤال المطروح الان هو ما حقيقة الخلافات بين افغانستان وباكستان وما هو سبب دعم اسلام آباد لطالبان؟
ان العلاقات الافغانية الباكستانية كانت متوترة منذ استقلال باكستان في عام 1947 وان اهم اسباب هذا التوتر هو الخلاف حول خط "ديورند" الحدودي بين البلدين، ان افغانستان تتهم باكستان وجهاز استخبارات الجيش الباكستاني دوما بدعم طالبان وباقي الجماعات الارهابية الموجودة في افغانستان ويمكن القول ان جوهر الخلاف هو حول خط ديورند الحدودي فلا قبائل البشتون الافغانية ولا الحكم الشيوعي ولا حكم طالبان ولا حكومة حامد كرزاي في افغانستان لم يعترفوا بخط ديورند الحدودي.
اما الموقف الامريكي والبريطاني من هذا الخط هو واضح لأن البريطانيين الذين فرضوا الاتفاق بين باكستان وافغانستان حول هذا الخط يؤيدونه ويعترفون به كما ان الامريكيين الذين تربطهم علاقات قوية مع باكستان يعترفون بهذا الخط الحدودي وقد اعلن السفير الامريكي السابق في افغانستان جيمس كينغهام والمندوب الامريكي السابق في شؤون افغانستان مارك غروسمن ان واشنطن تعترف بخط ديورند كخط حدود دولية بين افغانستان وباكستان.
لكن وزارة الخارجية الافغانية في زمن الرئيس السابق حامد كرزاي قد ردت على هذه التصريحات وقالت ان قضية خط ديورند هي قضية تاريخية هامة للشعب الافغاني ولذلك ترفض الحكومة الافغانية كل التصريحات الاجنبية بشأن هذا الخط.
لم يتحدث اي مسؤول رسمي افغاني او باكستاني او غربي بهذه الصراحة عن قضية خط ديورند الحدودي بعد سقوط طالبان في عام 2001 وفي الحقيقة يمكن القول ان احد اهداف باكستان من دعم طالبان هو اجبار افغانستان على الاعتراف بخط ديورند، ويعتقد المحللون الافغانيون البارزون امثال محمد اكرم انديشمند وبرتو نادري وصاحب نظر مرادي والباقون ان الخلافات الافغانية الباكستانية ودعم باكستان لطالبان وانعدام الامن في افغانستان ووجود الارهاب في افغانستان واشياء من هذا القبيل سوف لن تنتهي الا بعدما يتم حل قضية خط ديورند الحدودي وتعترف افغانستان بهذا الخط.
وبغض النظر عن قضية خط ديورند الحدودي يجب القول ان العلاقات الافغانية الباكستانية تتاثر بالمحيط الاقليمي المتازم للبلدين والذي يجبرهما على التعاون فيما بينهما او عدم التعاون والابتعاد عن بعضهما البعض، وتتهم كل من افغانستان وباكستان الآخر بدعم طالبان والارهاب وحتى اذا اعترف البلدان بشرعية خط ديورند الحدودي فإن التدخلات الاجنبية في افغانستان ودخول لاعبين متعددين الى هذا البلد والذين تتعارض مصالح كل منهم مع مصالح الآخرين واشعال حروب بالوكالة في افغانستان سوف لن يترك مجالا لتحسن الاوضاع في هذا البلد مع العلم بأن افغانستان تفتقر ايضا الى الوحدة بين القوميات والطوائف وان حكومة الوحدة الوطنية قد فشلت في ايجاد مثل هذه الوحدة.
واخيرا يجب القول ان الجماعات التي تريد القضاء على استقرار افغانستان مثل طالبان وباقي الجماعات المعارضة للحكومة هي لاتزال نشطة وان الشعب الافغاني والاحزاب والمؤسسات التي تتطلع الى الامن والاستقرار قد اصيبوا بخيبة أمل جراء الأداء الضعيف لحكومة الوحدة الوطنية وهذا ما سيؤدي الى استمرار الازمة والتدخل الاجنبي في المنطقة وفي افغانستان لأن الجهات الاجنبية تسعى الى تحويل افغانستان والمناطق المحيطة بها الى بؤرة للارهاب والتطرف من جديد.