الوقت- أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن، صباح الاثنين، للمرة الثانية منذ توجهه إلى البيت الأبيض، بشن غارات جوية على قوات الحشد الشعبي في العراق وسوريا، إضافة إلى التهديد بشن غارات جوية ضد الهجمات الانتقامية بل حتى ضد مصادر النيران التي توجه إلى الطائرات الأمريكية؛ وقد أثارت هذه الأوامر مخاوف داخل الولايات المتحدة لبعض أعضاء الكونغرس بشأن الإفراط في استخدام الرئيس للأوامر العسكرية.
والسؤال المطروح الآن، من أو ما الفائدة من مهاجمة الحشد الشعبي وفرض قيود إعلامية عليها؟ الإجابة على هذا السؤال ليست بهذه الصعوبة لأننا إذا نظرنا إلى فلسفة وجود هذه القوات يتضح أن هذه القوة ظهرت فور صدور فتوى المرجعية العراقية بمواجهة داعش بعد اجتياحها للموصل، ووصلت بسرعة الى ابواب بغداد. على الرغم من أن التحالف الدولي قد تم تشكيله تحت ذريعة مناهضة داعش وفي بعض الحالات تقديم الدعم الجوي للجيش العراقي في القتال ضد داعش، إلا أن الواضح للجميع أنه لولا قوات الحشد الشعبي، لما تم القضاء على تهديد داعش في العراق والمنطقة، ولربما أصبحت أجزاء أخرى من العراق وحتى دول أخرى في المنطقة ولايات جديدة لداعش، بينما كان المتورطون في ظهور داعش حاضرين تحت مسمى مكافحة داعش.
لذلك، فإن الإجابة الأولى التي يمكن إعطاؤها لسؤال من الذي يستفيد أكثر من مهاجمة أهداف الحشد الشعبي.. هي نفس جماعة داعش، وبالرغم من أنها فقدت سطوتها لكن الخطر لم يختف تماما، وخلاياه نشطة في العراق وسوريا ودول مجاورة أخرى، بانتظار ظهور فرصة جديدة. بالطبع، لا تنتهي القصة هنا، وبالنظر إلى أن داعش والجماعات التكفيرية الأخرى هي نفسها من صُنع بعض الحكومات الإقليمية والدولية. لذلك يمكن القول إن هذه الحكومات والجهات الفاعلة نفسها هي المستفيد الثاني من الهجمات على أهداف الحشد الشعبي، لأنها لم تكتمل خططها مع هزيمة الجماعات التكفيرية وإضعافها، لذا فهم، مثل داعش، يبحثون على فرصة لإحياء هذه المجموعات. على الرغم من الاعتقاد بأن الجماعات التكفيرية استلهمت عقائدها من الفكر الوهابي في السعودية، إلا أنها تأثرت تنظيميًا بالتدريب الاستخباراتي والأمني للكيان الصهيوني وعملياته في العراق وسوريا، الذين دفعوا كلا البلدين إلى حافة التفكك، وهو ما ينسجم تمامًا مع أهداف ومصالح الكيان الصهيوني. نظرا لصغر مساحة الاراضي المحتلة وعدم وجود عمق استراتيجي فقد فكر في تفكيك وتقليص باقي الدول وهو يقوم بتنفيذ هذا المشروع بمساعدة المافيا الصهيونية المؤثرة في الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
ولذلك فإنه ليس من دون سبب يتم تنفيذ الأمر الثاني بمهاجمة أهداف للحشد الشعبي في العراق وسوريا، أو إزالة 33 شبكة إعلامية قبلها تابعة لمحور المقاومة معظمها متعلقة بالحشد الشعبي، يحدث ذلك في وقت اجتمع فيه عدد كبير من المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين في واشنطن للتشاور مع حكومة بايدن، وكانت نتيجة هذه الجهود مهاجمة أهداف الحشد الشعبي وفرض قيود إعلامية عليهم أو إحباط الولايات المتحدة من مفاوضات الاتفاق النووي واختلاق الأعذار لعرقلته.