الوقت- ضجت المواقع الإخباريّة بالتحذيرات التي أطلقها ناشطون أمريكيون متضامنون مع الشعب الفلسطينيّ، بشأن خطورة ما يهدف له مشروع قانون أمريكيّ يدعمه اللوبي الصهيونيّ في الولايات المتحدة، لإلزام وزارة الخارجية الأمريكيّة بفرض عقوبات على الدول العربيّة والعالميّة التي لديها قوانين تمنع مؤسساتها أو مواطنيها من تطبيع علاقاتهم مع العدو الإسرائيليّ المجرم، أو إقامة أيّ علاقات معه، في انتهاك صارخ للقانون الدوليّ، تتوجب محاربته بقوة من العرب والمسلمين والفلسطينيين، ومن قبل مختلف الحكومات والمنظمات الدوليّة، وخاصة تلك التي تدعي حرصها على الديمقراطيّة وحريّة التعبير.
وفي الوقت الذي يشنّ اللوبي الصهيونيّ الموجود في أمريكا حملة شعواء على الموالين للقضيّة الفلسطينيّة في البلاد ويدعم اتخاذ أيّ إجراء لمصلحة تل أبيب، قال الناشط الفلسطينيّ الأمريكيّ، سنان شقديح، إن خطورة مشروع القانون تكمن في أنّه يشرع لواشنطن فرض عقوبات على الدول التي لا تقيم علاقات دبلوماسيّة مع عدو العرب والمسلمين الأخطر، إضافة إلى معاقبة الدول على نشاطاتها وقوانينها المناهضة التطبيع فيها، حيث إنّ اللوبي الصهيونيّ المهيمن على السياسات الأمريكيّة وبالأخص "السياسة الخارجيّة"، فهو يضم عشرات الشركات والمصانع ذات رؤوس أموال ضخمة في أمريكا، وهي منظمات يهوديّة سياسيّة تقوم بجهود منفردة ومشتركة من أجل مصالحها ومصالح الكيان الصهيونيّ الإرهابيّ.
ويسعى مشروع القرار إلى تحويل وزارة الخارجية الأمريكيّة لأداة لفرض التطبيع العربيّ مع قاتل العرب والفلسطينيين والتغطية على جرائمه بحقهم ومنع مواطني الدول العربيّة وحكوماتها من اتخاذ اجراءات لرفض الجرائم الإسرائيلية حتى، في هجمة شرسة من اللوبي الصهيونيّ الداعم الأكبر والأهم للعدو المعتدي، كان آخرها إجبار مجلة Scientific American العلميّة الأمريكيّة على حذف مقالة تدعو للتضامن مع الشعب الفلسطينيّ من موقعها الإلكترونيّ بعد ضغوط هائلة منه.
ومنذ أن أقرت لجنة العلاقات الخارجيّة في البرلمان الأمريكيّ "الكونغرس"، مشروع هذا القانون الذي يحمل الرقم" s1061"ويحظى بدعم 57 نائباً، أطلق ناشطون بالتعاون مع مؤسسات مؤيدة للحق الفلسطينيّ حملة لإسقاط المشروع الذي يطالب وزارة الخارجية بوضع خطة خلال مدة زمنية محددة هدفها تعزيز تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيونيّ الساديّ ودول العالم بالأخص الدول العربيّة.
ولا يتوانى المسؤولون الأمريكيون الموالون للصهيونيّة عن دعم الكيان الباغي، ومساندة جرائم الصهاينة اليومية وتزكيتها، ولم يحدث في تاريخه أن صوتت أمريكا في مجلس الأمن الدوليّ على قرار يدين جرائم العدو الباغي، بل العكس تكون بالمرصاد بالفيتو ضد أي قرار تأديبي ضده، ناهيك عن تقوية الآلة العسكريّة الصهيونيّة التي تبيد الفلسطينيين على مرأى ومسمع من العالم ولا أحد يحرك ساكناً، إضافة إلى بناء المستوطنات وتحصينها بأحدث التكنولوجيات الممكنة والمطورة.
وبينما يوجّه المسؤولون الأمريكيون الداعمون للصهيونيّة السياسات الأمريكية نحو الدعم المُطلق للعدو، وينفدون أجندة اللوبي من خلال التصويت على قرارات تكون في مصلحتهم وفي مصلحة الكيان العنصريّ، يطالب مشروع القانون الجديد وزارة الخارجية تطوير استراتيجيّة لتوسيع وتعزيز "اتفاقيات الاستسلام" وإدخال مزيد من الدول في حظيرة التطبيع الأمريكيّة بعد توقيع اتفاقيات خنوع مع الصهاينة دون حق قراءة بند من بنودها، مثلما فعلت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، مع تحقيق مصالح ضيقة لا تُقدم ولا تؤخر في المعادلات الصهيونيّة الأمريكيّة.
وباعتبار أنّ العصابات والمؤسسات الصهيونيّة الداعمة لسياسة الكيان وتؤثر بشكل كبير في الموقف الأمريكيّ، يفرض مشروع القانون أن تتضمن الاستراتيجيّة وصفًا للكيفية التي ستشجع بها حكومة جو بايدن المزيد من التطبيع للعلاقات مع تل أبيب وتقديم تقرير عن خيارات الجهود الدوليّة للولايات المتحدة لتعزيز العلاقات مع أشد الكيانات احتلالاً وإجراماً وعنصريّة ودمويّة، كما يفرض على وزارة الخارجية الإبلاغ عن حالة تطبيع علاقات الدول مع الاحتلال بما في ذلك معلومات عن القوانين التي تعاقب الأفراد على العلاقات بين مواطني الدول والإسرائيليين وعن اي قوانين مناهضة التطبيع، فيما يطالب القانون أن يشمل تقرير الخارجية الأدلة والخطوات التي اتخذتها الحكومات العربيّة نحو السماح أو تشجيع تطبيع العلاقات بين مواطنيها أو المقيمين فيها والصهاينة المُحتلين.
ختاماً، لم تعد كذبة "الديمقراطيّة الأمريكيّة" تنطلي على أحد في عصرنا الحالي، وخاصة أنّها باتت تُصنف ضمن حالات الحكم الطغيانيّ القائم على مجموعة من المصطلحات والشعارات الزائفة ومن بينها شعارات الحريات وحقوق الإنسان والأقليات، وفي هذا المقال حاولنا إظهار الديمقراطية الأمريكيّة على صورتها القبيحة الحقيقية التي لا تعدو عن مجموعة عبارات كاذبة، وفي حال أقرت واشنطن هذا القانون بالفعل، ستصبح وبكل جدارة أهم أنموذج قذر للحكم الطغيانيّ - الاستبداديّ المليء بالعنصريّة.