الوقت – اجريت الانتخابات البرلمانية في تركيا في وقت كانت تشير فيه كل التكهنات واستطلاعات الرأي ان اصوات حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري (اكبر احزاب المعارضة) قد ازدادت فيما انخفض عدد اصوات حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطية، لكن الاستطلاعات لم تشير الى ان حزب العدالة والتنمية سيفوز بشكل حاسم في هذه الانتخابات والسؤال المطروح الان هو "كيف استطاع حزب اردوغان تسجيل الانتصار وسط تصاعد السخط الشعبي عليه بسبب سياسات اردوغان وحزبه في الداخل والخارج؟"
اسباب انتصار حزب العدالة والتنمية
شكل انتصار حزب العدالة والتنمية في الانتخابات مفاجئة للكثيرين بسبب وجود النقمة الداخلية ضده وضد الحكومة التركية فكيف يحصل هذا الحزب على عدد اصوات اكبر من الانتخابات السابقة رغم ازدياد النقمة الشعبية؟
تصحيح الاخطاء الماضية
لقد اتخذ حزب العدالة والتنمية اجراءات وقام بخطوات لتصحيح الاخطاء التي ارتكبها في الجولة السابقة من الانتخابات وان اهم هذه الاجراءات والخطوات هي :
1- تغيير استراتيجية انتشار المرشحين الانتخابيين خاصة في شرق وجنوب شرقي تركيا
ان المناطق الشرقية وجنوب الشرقية من تركيا فيها نمط اجتماعي قبلي وعشائري ولذلك قام حزب العدالة والتنمية بترشح اشخاص غير محليين في هذه المناطق لكي يكون هؤلاء غير معروفين لسكان المناطق الشرقية وجنوب الشرقية.
2- تقليل الاهتمام بموضوع النظام الرئاسي
لم يركز حزب العدالة والتنمية هذه المرة على موضوع تغيير الظام السياسي التركي من نظام برلماني الى نظام رئاسي ورغم ان هذا الموضوع يشكل اولوية لهذا الحزب لكنه حرص على عدم اظهار رغبته لأن هذه القضية التي طرحها اردوغان تسببت بخسارة الحزب لعدد كبير من الاصوات في الجولة الاولى من الانتخابات.
3- السعي لمد جسور العلاقات مع باقي الاحزاب
لقد اعتقد حزب العدالة والتنمية بانه قادر على الحصول على غالبية الاصوات في الجولة السابقة من الانتخابات ولذلك لم يبدي اهتماما بالعلاقات مع باقي الاحزاب ومنها الاحزاب الصغيرة لكن نتائج الجولة السابقة للانتخابات اثبتت لحزب العدالة والتنمية ان هذه الاحزاب الصغيرة يمكنها ايضا ان تغيير النتائج بشكل كبير.
على ماذا ركز حزب العدالة والتنمية في هذه الجولة من الانتخابات؟
لقد ساور حزب العدالة والتنمية قلق حيال نتائج الانتخابات ولذلك ركز قادة الحزب مساعيهم على عدة امور لتحسين موقع الحزب وكسب اكبر قدر ممكن الاصوات، وان أهم هذه الامور هي :
1- اصوات الناخبين في الخارج
لقد شارك 36 بالمئة من الناخبين الاتراك الذين يعيشون في الخارج في انتخابات الجولة السابقة لكن هذه النسبة ارتفعت في هذه الجولة الاخيرة الى 45 او 50 بالمئة وقد سعى حزب العدالة والتنمية الى الحصول على نصف هذه الاصوات أي حوالي مليون ونصف المليون من الاصوات.
2- اصوات المحافظين
لقد صوت قسم كبير من الناخبين المحافظين في تركيا ومنهم الاكراد لصالح حزب الشعوب الديمقراطية وهو حزب كردي خلال الانتخابات السابقة لكن مع تصاعد النبرة القومية والاضطرابات الامنية في شرق وجنوب شرقي تركيا عادت هذه الاصوات مجددا الى صندوق حزب العدالة والتنمية.
3- تراجع دعم غير الاكراد لحزب الشعوب الديمقراطية
لقد حصل حزب الشعوب الديمقراطية وهو من الاحزاب الكردية في تركيا على جزء كبير من اصوات الناخبين خلال الجولة السابقة من الانتخابات وقد تحدى هؤلاء الناخبون خطة اردوغان لتغيير النظام البرلماني الى النظام الرئاسي لكن الصراع الذي يدور الان بين الحكومة التركية وبين حزب العمال الكردستاني دفع هؤلاء الناخبون الى الوقوف الى جانب الحكومة وهكذا حصل حزب العدالة والتنمية على اصوات هؤلاء.
4- اصوات الناخبين الذين لم يشاركوا في الانتخابات السابقة
لم يشارك جزء كبير من الناخبين المؤيدين لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات السابقة وحينها لم يهتم الحزب لهذا الامر لأنه كان يظن بأنه يمكنه ان يسجل الانتصار من دون اصوات هؤلاء الناخبون لكن الحزب غير استراتيجيته هذه المرة وركز على كسب اصوات هؤلاء الناخبين بشكل كبير لأنه علم بأن الانتصار من دون هؤلاء ليس ممكنا وهذا الذي حصل.
ويمكن القول ان ازدياد الفوضى السياسية والاقتصادية والامنية قد دفع هؤلاء الناخبون نحو المشاركة في الانتخابات والتصويت لصالح حزب العدالة والتنمية.