الوقت- ناقلة النفط " صافر " التي تم التخلي عنها في مضيق باب المندب منذ عام 2015، أصبحت الآن مدعاة للانتقادات الأردنية هذه الأيام.
وفي هذا الصدد، أعلن مدير عام المنظمة البحرية الأردنية، مؤخرًا، أن الناقلة "صافر" التي رست في باب المندب قبل سنوات، تعتبر قنبلة موقوتة نظرًا لخطر الانسكابات النفطية. وأضاف إن الانسكاب النفطي سيكون له تداعيات على البيئة البحرية والدول المطلة على البحر الأحمر وسيهدد مراكزها السياحية والاقتصادية. وحذر "السلمان" من أنه في المنطقة التي تتوقف "صافر"، يتم استبدال مياه "ثقل الموازنة" للسفن الداخلة إلى ميناء العقبة، لأن المواد المتسربة من صافر تلتصق بجوانب هذه السفن أو تحملها، وتدخل هكذا الى ميناء العقبة. إن انتقاد الأردن بشأن ناقلة صافر هو أكثر أهمية لأنها في الواقع تحمل مسؤولية هذه الحالة على السعودية، التي لم تسمح للناقلة بإفراغ حمولتها في الموانئ اليمنية على مدى السنوات الخمس الماضية. إذن، من خلال انتقاد وضع الناقلة صافر انتقد الأردن أيضًا تصرفات المملكة العربية السعودية ضد اليمن. في هذا السياق، يبدو أن العلاقات بين الأردن والسعودية تواجه في هذه الأيام سلسلة من التحديات، ربما يعود سببها إلى سلسلة من التطورات التي حدثت في العلاقات بين البلدين خلال السنوات القليلة الماضية.
زيادة المسافة بين الأردن والسعودية
تظهر نظرة على التطورات الأخيرة في المنطقة أن الأردن يزيد من تباعده عن السعوديين، ويرجع ذلك إلى بعض القضايا التي أثيرت في العلاقات بين البلدين خلال العام الماضي:
دور السعودية في الانقلاب الفاشل في الأردن: أثناء اكتشاف الانقلاب الأخير في الأردن، ذكرت مصادر إخبارية أسماء عدة أشخاص على صلة مباشرة بالسعودية. كان منهما "عوض الله" والأمير "حمزة بن الحسين"، الأخ غير الشقيق للملك الأردني، ويقال إن للمعتقلين علاقات قوية بالمملكة العربية السعودية، ويعتقد الكثيرون في الأردن أنهم يحملون الجنسية السعودية أو جوازات سفر سعودية. عوض الله، وزير التخطيط السابق في الأردن، قيل سابقًا أن له علاقة وثيقة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. حتى أنه تردد أنه كان أحد المخططين الرئيسيين لمشروع "نيوم" الطموح في المملكة العربية السعودية، والذي تقدر تكلفته بأكثر من 500 مليار دولار. كما ورد ذكر عوض الله كشخص، إضافة إلى اتصالاته العديدة برجال الأعمال السعوديين البارزين، عمل أيضًا في بنك العربي الوطني السعودي. لدى عوض الله أيضًا علاقات مع الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك كونه عضوًا في مجلس إدارة كلية دبي في عام 2008. وكان أيضًا أحد النشطاء الذين حضروا اجتماع دافوس الصحراء، وقد ظهر مرارًا وتكرارًا على شاشات التلفزيون إلى جانب محمد بن سلمان. وكانت تلك الروابط بين عوض الله والقادة السعوديين كافية لإثبات آثار الرياض في الانقلاب الفاشل الأخير على العاهل الأردني الملك عبد الله، وبعد هذه الحادثة كشف مصدر مطلع أن العاهل الأردني بعث برسالة شديدة اللهجة إلى "محمد بن سلمان" ولي عهد السعودية حول دور عوض الله في التخطيط للانقلاب الفاشل في الاردن.
تباين مواقف الأردن والسعودية تجاه صفقة القرن: من ناحية أخرى، خلال التطورات التي شهدتها فلسطين العام الماضي وإعلان صفقة القرن من قبل الإدارة الأمريكية السابقة، اتخذ الأردن وبطريقة ما مواقف معارضة من هذه القضية. وأظهر للكيان الصهيوني عدم رضاه عنها. وقد أعلن العاهل الأردني الملك عبد الله معارضته الكاملة للصفقة، في نفس الوقت الذي تم فيه الكشف عن الخطة الأمريكية لصفقة القرن، على الرغم من اعتقاد العديد من الخبراء أن هذه المعارضة لم تكن لأجل دعم فلسطين والقضية الفلسطينية، بل خرجت من الخطر الذي كان يهدد مصلحة العائلة المالكة في الأردن من تبعات هذه الصفقة. خطط الأمريكيون والصهاينة في صفقة القرن بجعل الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين، وهذا بالضبط ما عارضه عبد الله الثاني بسبب مخاوفه من احتجاجات داخلية. وعليه، فإن عناد ملك الأردن ضد الخطة الأمريكية لصفقة القرن جعل الصهاينة غير راضين عنه، وحتى إعلام الكيان الصهيوني اعترف بأن "نتنياهو" كان على علم بأحداث الانقلاب الأردني. وقد كشفت صحيفة "هيوم" الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان على علم بالأحداث الأخيرة التي كانت تجري خلف الكواليس في الأردن. كانت معارضة الأردن الصريحة لصفقة القرن مخالفة لمواقف القادة السعوديون، والذين كان صمتهم إشارة إلى اتفاق ضمني مع الخطة الأمريكية لفلسطين. حتى أن البعض يعتقد أن دور السعودية في الانقلاب الأردني الأخير كان بسبب معارضة قادة عمّان لصفقة القرن وفشل هذه الخطة.
الخلاف على إدارة القدس: عقب توقيع اتفاقية التطبيع الإماراتية البحرينية مع النظام الصهيوني، استأنف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مساعيه لإزاحة الأردن كصانع قرار في مجلس أوقاف القدس، وحاول بمساعدة الصهاينة تحقيق هدفه هذا. وفي هذا السياق، قال عضو في مجلس النواب الأردني إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يحاول الاستيلاء على الأضرحة الفلسطينية والسيطرة عليها. وأضاف "طارق الخوري": "ولاية الأردن على المسجد الأقصى والأضرحة المقدسة قضية تاريخية، ولا يمكن إهمالها واستبدالها بالسعودية أو أي دولة أخرى". جاءت تصريحات النائب الأردني هذه بعد أن كشفت صحيفة هيوم الصهيونية الإسرائيلية أن السعودية وإسرائيل تجريان محادثات سرية لوضع المبعوث السعودي كمسؤول للوقف الإسلامي للمسجد الأقصى بدل الأردني. بعد استئناف الجهود السعودية لإخراج الأردن من دائرة الوقف الإسلامي للمسجد الأقصى تماشياً مع الخطط الإسرائيلية، أحبطت وزارة الخارجية واللاجئين الأردنية ضمناً هذه الجهود في بيان صدر في كانون الأول / ديسمبر من العام الماضي دون تسمية البلد أو الفرد. وأكد أنه وفقا للقانون الدولي والوثائق التاريخية والقانونية الموجودة، فإن الأردن هو السلطة الوحيدة التي لها المسؤولية الحصرية لأوقاف القدس والمسجد الأقصى وإدارة جميع شؤون الحرم. وأضافت الوزارة: "إن المسجد الأقصى، الذي تبلغ مساحته الإجمالية 144 هكتارًا، شاملاً جميع أسواره وبواباته، مكان عبادة مقدس للمسلمين، وأكدت أن الأردن انطلاقًا من ولايته الهاشمية ملتزم بحماية وحراسة المزارات الإسلامية والمسيحية في مسجد القدس، سيستمر بالحفاظ على حقوق جميع المسلمين فيه. وكانت بعض وسائل الإعلام قد تحدثت في وقت سابق عن جهود سعودية بعد تتويج "محمد بن سلمان" لإزاحة الأردن واستبداله بالسعودية لرئاسة مجلس أوقاف القدس بمساعدة إعلام النظام الصهيوني. أن الإمارات والسعودية تعتزمان إنشاء مكاتب في مدينة القدس بالقرب من المسجد الأقصى لمنافسة الأردن، وتولي الوصاية على القدس. وعليه، فإن الخلاف بين السعودية والأردن حول إدارة القدس مستمر، والسعوديون يبذلون جهودًا كبيرة للقضاء على الأردن في القدس.
الانتقام من المملكة العربية السعودية في اليمن وسوريا: أدت الاختلافات الواسعة النطاق في العلاقات بين الأردن والمملكة العربية السعودية على مدى السنوات القليلة الماضية إلى قيام الأردن بالنظر بصورة انتقادية للمملكة العربية السعودية في حالة التطورات الإقليمية. من بين الانتقادات التي وجهها المسؤولون الأردنيون مؤخرًا بشأن تعليق الناقلة صافر لعدة سنوات موجهًا النقد في المقام الأول إلى قادة الرياض، الذين منعوا إخلاء الناقلة من خلال محاصرة اليمن. وحذر وزير الخارجية الأردني، مؤخرا، في لقاء مع المبعوث الأممي إلى اليمن، من ضرورة حل الأزمة من خلال حل سياسي، محذرا من التبعات الإنسانية للأزمة اليمنية. على عكس السعودية، حاول الأردن أيضًا منع انهيار علاقاته مع سوريا خلال السنوات القليلة الماضية، وكان من بين المعارضين للعقوبات الأمريكية ضد سوريا. في العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء الأردني آنذاك أن العلاقات التجارية مع دمشق ستستمر على أعلى مستوى، على الرغم من خطة العقوبات الأمريكية المعروفة باسم "خطة قيصر" ضد سوريا. وكانت إعادة فتح المعابر الحدودية مع سوريا خطوة أخرى اتخذتها السلطات الأردنية لتطوير العلاقات مع الدولة الجارة، وكل هذه التوجهات والمواقف تتعارض تمامًا مع المواقف العدائية التي يتخذها السعوديون ضد سوريا.