الوقت_ في سياق المنهج الصهيونيّ المتطاول على حقوق الشعب الفلسطينيّ ومقدساته، اقتحم عشرات المستوطنين الصهاينة المسجد الأقصى، الأحد المنصرم، بحراسة مشدّدة من شرطة العدو، وذكرت دائرة الأوقاف الإسلاميّة في بيان، أنّ الشرطة الإسرائيليّة عاودت السماح للمستوطنين باقتحام المسجد المبارك بعد نحو 3 أسابيع على إغلاقه أمامهم، في اعتداء سافر على مطالب الفلسطينيين التي جرى الاتفاق عليها قبل وقف الحرب الشعواء التي شنّها الكيان الصهيونيّ المُجرم على الفلسطينيين في غزة والتي استمرت لأكثر من 10 أيام، ورافقها إطلاق آلاف الصواريخ من القطاع على الأراضي الفلسطينيّة الخاضعة لسلطة العدو.
"50 مستوطناً اقتحموا المسجد الأقصى بحماية اسرائيليّة"، عنوان يشي بمدى كذب ونفاق هذا العدو الذي لا يحترم أي اتفاق أو قانون، وكيف لقاتل الأطفال أن يُنفذ البنود التي وافق عليها قبيل الهدنة التي وُقّعت بعد الاتفاق على مجموعة مطالب من ضمنها وقف الانتهاكات الصهيونيّة بحق المسجد الأقصى والاعتداءات المتكررة من جانب المستوطنين المتطرفين وإنهاء التضييق على المصلين والمرابطين في المسجد.
لكن كالعادة، نقضت تل أبيب عهودها التي تم إبلاغها للوسطاء من مصر والولايات المتحدة أثناء مباحثات وقف إطلاق النار، حيث منعت الشرطة الإسرائيلية الشباب المقدسيين من الدخول الى المسجد الأقصى فجر الأحد، ومن ثم فرضت قيوداً على دخول المصلين بما فيها حجز هوياتهم على أبواب المسجد، كما اعتقلت حارسه فادي عليان، وأحد المصلين الذين لم تعرف هويته.
وقد جاءت تلك الاقتحامات عقب إبعاد شرطة العدو المصلين من منطقة المصلى القبلي المسقوف، نتيجة للهزيمة النكراء التي مُني بها كيان الاحتلال خلال محاولته القضاء على فصائل المقاومة الإسلاميّة، التي زلزلت صواريخها قُبة الكيان الخشبيّة والسياسيّة، حيث إنّ دفع "إسرائيل" بالمتشددين الصهاينة لاقتحام المسجد المبارك، لا يعدو عن كونه محاولة لإثبات عدم هزيمتها في الحرب على قطاع غزة، بحسب خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري، الذي أشار إلى أنّ هذه الاقتحامات التي بدأت صباح الأحد الفائت تؤكد أطماع الاحتلال بالمسجد الأقصى.
ومع تصاعد تجاوزات قوات الاحتلال الغاصب بحق المقدسات الإسلاميّة في فلسطين التاريخيّة، ومن ضمن تلك الانتهاكات، العدوان على المسجد الأقصى المبارك بشكل خاص إضافة إلى قبة الصخرة المباركة والمدينة المقدسة، حمّل صبري، سلطات العدو مسؤولية التوتر الذي سينجم عن استئناف الاقتحامات اليوميّة للمسجد الأقصى المبارك، والتي تُعد محاولة لفرض أمر واقع بشكل يوميّ، حيث يخطط العدو الصهيونيّ لبناء ألف وحدة استيطانيّة، لعزل القرى الفلسطينيّة شرق مدينة القدس بالكامل، ضمن ما يسمى بمشروع "القدس الكبرى".
وفي الوقت الذي يشهد فيه المسجد الأقصى المبارك اقتحامات يوميّة من متطرفين يهود، بدعم لا محدود من شرطة الاحتلال الصهيونيّ في أنحاء متفرقة من باحات الأقصى، لأداء "طقوس تلموديّة" في ساحات المسجد المبارك، تؤمن قوات العدو الحماية الكاملة لاقتحامات المستوطنين المتشددين، في محاولة لتقسيمه وفرض الهيمنة الكاملة عليه، وقد طالبت الرئاسة الفلسطينيّة على لسان الناطق باسمها، نبيل أبو ردينة، الإدارة الأمريكية بالتدخل السريع منعاً لسياسة الاستفزازات والتصعيد الذي تحاول حكومة العدو جر المنطقة إليها من جديد.
ووفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينيّة (وفا)، حذر أبو ردينة، حكومة العدو من مغبة العودة إلى مربع التصعيد والتوتر، من خلال عودة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، واستمرار حصار حي الشيخ جراح في العاصمة الفلسطينيّة القدس، وسياسة الاعتقالات المستمرة ضد الفلسطينيين، وحمل الكيان مسؤولية تخريب جهود وقف العدوان، وخاصة جهود واشنطن والقاهرة المستمرة مع الأطراف كافة لتثبيت وقف العدوان، مشدّداً على أنّ المعركة الأساسية كانت ولا تزال في القدس، وأنّ الاحتلال يتحدى الجهود العربيّة والدوليّة التي بُذلت لوقف العدوان، من خلال دعمه المُستمر للمتطرفين.
خلاصة القول، تحاول تل أبيب "استعراض عضلاتها"، بعد الهزيمة السياسيّة والعسكريّة التي لحقت بها، حيث إنّ صواريخ المقاومة التي أمطرت الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، وجهت صفعة قويّة للكيان ولقّنته دروساً جديدة في العسكرة والاقتصاد، وهي جاهزة دوماً لصد أي مساعٍ إسرائيليّة لسلب حقوق أصحاب الأرض والمقدسات، وخاصة أنّ قوات العدو القاتل ماضية في حملتها الإجراميّة المنظمة لتهجير ما تبقى من أبناء الشعب الفلسطينيّ، ونهب أرضهم وممتلكاتهم ومنازلهم، إضافة إلى استماتة العدو لتغيير معالم المدينة المقدسة وتهويدها، بهدف بسط السيطرة الصهيونيةّ الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، والمقدسات التاريخيّة للشعب الفلسطينيّ.