الوقت- عقب الهجمات الإسرائيليّة التي خلفت عدداً كبيراً من الجرحى الفلسطينيين في القدس المحتلّة، وبالأخص في باحة المسجد الأقصى، نتيجة استخدام العنف من قبل قوات الاحتلال ضد المحتجين الفلسطينيين على النشاط الاستيطانيّ المتصاعد للكيان، دعت الولايات المتّحدة إلى "وقف العنف" في العاصمة الفلسطينيّة، لكنها لم توجّه حديثها لتل أبيب التي تدعمها بكل ما أوتيت من قوة، حيث تسببت الهجمات العدوانيّة للصهاينة ليل الجمعة فقط بإصابة أكثر من 175 فلسطينيّاً مقابل بضعة إصابات بين قوات المُحتل الغازي، التي تمادت في استخدام العنف المفرط.
وبالتزامن مع محاولات قوات العدو الصهيونيّ الباغي مصادرة منازل الفلسطينيين في حي "الشيخ جراح" بالقدس المحتلة من خلال كل الوسائل وبالأخص هدم بعض المنازل فيه، زعم المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، في بيان، أنّ "بلاده قلقة للغاية إزاء المواجهات الجارية في القدس"، والتي أسفرت عن سقوط عشرات بل مئات الجرحى في صفوف أصحاب الأرض نتيجة الاعتداءات الصهيونيّة، المتزامنة مع اقتحام مجموعات من المستوطنين الصهاينة لباحات المسجد الأقصى المبارك، تحت حماية شرطة العدو وقيامهم باستفزاز الفلسطينيين وإزعاجهم أثناء تناولهم وجبة الإفطار.
وفي ظل استمرار السياسة الأمريكيّة المعهودة المتعلقة بتسليح الكيان الصهيونيّ الإرهابيّ والدفاع عن مصالحه في المنطقة بشكل لا متناهٍ، على حساب الحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ، بما يخدم أهدافها، ويفصل شرق الوطن العربيّ عن مغربه، تحدث المسؤول الأمريكيّ أنّ "العنف لا عذر له، لكنّ إراقة الدماء التي تحصل الآن مقلقة بشكل خاص" ولا سيّما أنها تحصل في الأيام الأخيرة من شهر الصوم، متناسيّاً حجم الدعم الذي تقدمه بلاده لطفلها المُدلل باعتباره يمثل المعسكر الغربيّ والأمريكيّ والحامي لمصالحه في الشرق الأوسط، وما من أحد يجهل حجم الدعم العسكريّ والسياسيّ والاقتصاديّ الذي يتلقاه العدو المُستبد على كافة المستويات من الإدارات الأمريكيّة منذ نشأة الدولة المزعومة في 14 مايو/ أيار 1948 بعد انتهاء الانتداب البريطانيّ على فلسطين.
والمثير في الأمر أنّ حرص الولايات المتحدة المزعوم على الأوضاع في القدس، رافقه دعوة للمسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى "العمل بحزم لتهدئة التوتّرات ووقف العنف"، لكن واشنطن لم تُعط أهميّة لأعداد الإصابات التي تُظهر بما لا شك فيه حجم العربدة الصهيونيّة الرافضة لاعتراض الفلسطينيين على سرقة منازلهم عبر مخططات الاستيطان والضم التي لا تتوقف عن قضم ونهب أراضي الفلسطينيين وبالأخص في العاصمة الفلسطينيّة التي تعد أكبر مدن فلسطين التاريخيّة المحتلّة، من حيث المساحةً وعدد السكان وأكثرها أهميّة دينيّاً واقتصاديّاً.
كذلك، فإنّ واشنطن شدّدت على "الأهمية البالغة" لتجنّب أيّ خطوات قد تؤدّي إلى تفاقم الوضع، مثل "عمليات الإخلاء في القدس الشرقية، والنشاط الاستيطانيّ، وهدم المنازل، والأعمال الإرهابية"، وكل هذه الأعمال موسومة بكيانها المُستبد، لكنها في الوقت عينه لم ولن تأخذ أيّ موقف عمليّ أو تحرك مهم أو ضغط سياسيّ على العدو لوقف جرائمه بحق الأبرياء الفلسطينيين في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المباركـ وكأنّها تعطي ضوءاً أخضر لتل أبيب لارتكاب أشنع وأبشع الجنايات.
يُذكر أنّ رئيس أمريكا السابق دونالد ترامب، اعترف بالقدس عاصمة موحدة للكيان الغاصب في 6 ديسمبر/ كانون أول عام 2017، فيما أعلنت إدارته قطع كل المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في 3 آب من العام 2018، بعد أن كانت على مدى سنوات طويلة المانح الأكبر للوكالة، وقد حصلت تل أبيب، وفق ما تقوله المعطيات، على دعم كبير من أمريكا ترامب خلال 4 سنوات، من ضمنها مكاسب سياسية عديدة على حساب العرب والفلسطينيين تفوق ما حصلت عليه من أيّ رئيس آخر في تاريخ أمريكا، حيث أعلن ترامب في 28 كانون الثاني عام 2020، ما تعرف بـ"صفقة القرن"، وهي خطة أمريكيّة لتسوية سياسيّة تتضمن تصفية القضية الفلسطينيّة.
ولا يخفى على عاقل، أنّ الدعم الأمريكيّ المُطْلق، يدفع الكيان الصهيونيّ القاتل لتغييب كافة القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته للدم الفلسطينيّ والعربيّ وخرقه الفاضح لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مخطط الضم امتداداً لعملية التوسع على حساب الأرض والحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ الأعزل، في إصرار واضح من حكومة العدو على قتل آخر رمق للسلام الذي يتحدث عنه البعض وبالأخص الولايات المتحدة التي أدخلت العديد من الدول الخليجيّة والعربيّة في حظيرة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ رغماً عنها.
بناء على ما تقدم، إنّ الولايات المتحدة تسعى لتهدئة الفلسطينيين بالخداع وهي غير جادة في رفض ممارسات سلطات العدو وعنفها الهمجيّ، وما يؤكّد ذلك الشلل الكامل الذي يصيب تلك الإدارة عندما يتعلق الأمر بتل أبيب، لهذا يجب إدراك حقيقة أنّ اليد الأمريكيّة التي توجّه الدعوة للسلام، يقابلها يدٌ أخرى تمُد الكيان السفاح بأحدث وأقوى الأسلحة التي تُمطر الفلسطينيين بالرصاص وتحاول تهجيرهم من ديارهم.