الوقت_ دليل جديد يؤكّد أنّ الولايات المتحدة لا يمكن أن تتخلى عن دعم الصهاينة المحتلين على حساب الحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ، رغم علمها اليقينيّ أنّ الاحتلال قائم على الإرهاب المنظم، حيث كشف البروفيسور الفلسطينيّ، أيمن شحادة، أن عضوة الكونغرس المنتخبة حديثاً عن ولاية إلينوي، ماري نيومان، وعدته بوظيفه، ولكنها تراجعت عن العقد الموقع معه، بعد أن انتقد موقفها من كيان الاحتلال الصهيونيّ، وأوضح موقع “ميندوز” أنّ البروفيسور رفع دعوى خرق عقد قضائيّ ودعوى تمييز من أصل قوميّ ضد عضوة الكونغرس الأمريكيّ، في حين رفضت حملة نيومان هذه الاتهامات ووصفتها بأنها "غير صحيحة"، ويحدث ذلك في ظل حكم الإدارة الديمقراطيّة في أمريكا والتي لم تحمل أيّ بشائر بالنسبة للعرب بشكل عام والفلسطينيين على وجه الخصوص، واستمرت على السياسة الأمريكيّة المعهودة المتعلقة بتسليح الكيان الصهيونيّ المجرم والدفاع عن مصالحه في المنطقة، وخيّبت الكثير من التوقعات التي علقت آمالاً عريضة على الإدارة الأمريكيّة الجديدة، لكنها اصطدمت بالواقع السياسيّ الذي يقول إنّ واشنطن لا يمكن أن تتوقف عن دعم تل أبيب بشكل لا متناهٍ، بسبب أهميّته في فصل شرق الوطن العربيّ عن مغربه وتنفيذه للسياسات الأمريكيّة والغربيّة التي خُلق لأجلها.
ادعت النائبة الامريكيّة نيومان بأنها تقدمية للغاية، وخاصة فيما يتعلق بقضايا العدالة العرقيّة، إلا أنّها لم تثبت ذلك من خلال تعاملها العنصريّ مع الأستاذ الفلسطينيّ، رغم أنّها واحدة من رعاة التشريع التاريخيّ الذي تم تقديمه مؤخراً لمنع استخدام المساعدات الأمريكيّة للكيان الصهيونيّ لاحتجاز الأطفال الفلسطينيين أو هدم المنازل، ربما لأن إلينوي تضم ما يقارب 110.000 عربيّ أمريكيّ وذلك سعيّاً لإرضائهم.
وفي الوقت عينه، لا يمكن انكار أنّ الكيان الصهيونيّ المعتدي يمثل المعسكر الغربيّ والأمريكيّ في المنطقة، والحامي لمصالحه في الشرق الأوسط، وما من أحد يجهل حجم الدعم العسكريّ والسياسيّ والاقتصاديّ الذي يتلقاه العدو المُستبد من الإدارات الأمريكيّة منذ نشأة الدولة المزعومة في 14 أيار 1948، بعد انتهاء الانتداب البريطانيّ على فلسطين وحتى يومنا هذا.
ويبدو جلياً في الخطاب الرسميّ للسياسيين بشأن فلسطين، أنّ الإدارات الأمريكيّة تستميت في الدفاع الدائم عن مصالح الكيان الصهيونيّ، وحتى في أشد لحظات الخلاف بين واشنطن وتل أبيب، حيث إنّ الولايات المتحدة بقياداتها المتعاقبة لم تتجاوز "الخطوط الحمراء" أبداً، في رعاية المصالح الصهيونيّة على حساب العرب وتحديداً السوريين واللبنانيين والفلسطينيين أصحاب الأراضي العربيّة التي يحتلها العدو الغاشم.
وإنّ أساس الخلاف بين النائبة الأمريكيّة والبروفيسور الفلسطينيّ، يعود إلى الفترة التي كانت نيومان تستعد فيها للترشح للمرة الثانية عام 2020، وكان شحادة، أستاذ التاريخ والناشط والفنان، يستعد، ايضاً، لخوض الانتخابات، وبما أن الهدف الرئيس لشحادة كان الإطاحة بسياسيٍّ مناهض للفلسطينيين، فقد وافق على الانسحاب من الانتخابات ، لكي لا تنقسم أصوات اليسار، ولم يفعل شحادة ذلك، إلا بعد أن وافقت نيومان بعد اجتماعات عديدة على توظيفه في مناصب تشريعيّة بارزة كان من الممكن أن تؤثر على تشريعات سياستها الخارجيّة، ووافقت على توظيف شحادة كمستشار للسياسة الخارجية، في حين وافق منافسها القديم على الدفاع عنها في المجتمع الفلسطينيّ.
عقب ذلك، انكشفت المواقف الحقيقيّة لنيومان حيث رفضت دعم "حركة مقاطعة إسرائيل" التي تسعى لمقاومة الاحتلال الصهيونيّ وتوسعاته الاستيطانيّة، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولاً إلى حق تقرير المصير للشعب الفلسطينيّ داخل البلاد وخارجها، وتسعى حركة (BDS) لسحب الاستثمارات من الكيان الصهيونيّ وفرض العقوبات عليه، وتتناول مطالب وحقوق وطموحات كل مكونات الشعب الفلسطينيّ التاريخيّة.
علاوة على ما ذُكر، حذفت النائبة الأمريكيّة الإشارة إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 بشأن حق العودة كما اعترفت بكيان الاحتلال كـ "دولة ديمقراطيّة" ، وبذلك اتبعت لنيومان نهجاً مكنها من تقديم نفسها كطرف مساند لفلسطين، بيد أنّها تساعد الاحتلال الصهيونيّ بكل ما أوتيت من قوة على تحقيق أهدافه الاستراتيجيّة المرتبطة بمصالح واشنطن على حساب الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، حيث قالت لشحادة إنّها "لن تحترم عقد العمل الذي وقعته".
بناء على ذلك، فإنّ الولايات المتحدة متى شاءت تستطيع انتهاك القانون الذي أصبح حبراً على ورق في أيامنا هذه، حفاظاً على المصالح الصهيونيّة الاستراتيجيّة والتفوق العسكريّ النوعيّ للكيان الغاصب في الشرق الأوسط، ولا تكف الولايات المتحدة عن تكرار أنّ الكيان الصهيونيّ الحليف الاستراتيجيّ الأهم والطفل المُدلل عندها في المنطقة، وهذا ما أكّده وزير الدفاع الأمريكيّ الأسبق خلال لقائه نظيره الصهيونيّ، بيني غانتس، في وزارة الدفاع الأمريكيّة "البنتاغون" قبل أشهر، حيث اعتبر أنّ "حجر الزاوية" في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، هو الحفاظ على تفوق العدو الصهيونيّ العسكريّ في المنطقة، موضحاً أنّه لا يوجد "حليف بديل" عن الكيان الصهيونيّ للولايات المتحدة هناك.
وإنّ أسلوب النائبة الأمريكيّة تعلمته من البيت الأبيض، حيث تلتزم الإدارة الديمقراطيّة بتسليح كيان الاحتلال الصهيونيّ والدفاع عنه، دون أن توفر للفلسطينيين والعرب أيّ تغيير يذكر في هذا الشأن، وبذلك لا يمكن أن يحدث تغيير جوهريّ في هذه القضيّة، إلا عندما تحترم الولايات المتحدة ومسؤوليها القانون الدوليّ ومنطق الشرعيّة الدوليّة وحقوق الشعوب.
ختاماً، يُغيب الكيان الصهيونيّ القاتل، القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته للدم الفلسطينيّ والعربيّ وخرقه الفاضح لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مخطط الضم امتداداً لعملية التوسع على حساب الأرض والحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ الأعزل، بفضل الدعم الأمريكيّ المُطْلق، في إصرار واضح من حكومة العدو على قتل آخر رمق للسلام الذي يتحدث عنه البعض وبالأخص الولايات المتحدة التي أدخلت العديد من الدول الخليجيّة والعربيّة في حظيرة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ.