الوقت- انتشرت مؤخراً عدة تقارير حقوقية تشير إلى أن الناشط الحقوقي محمد الربيعة المعتقل في السجون السعودية تعرض للتعذيب الوحشي أثناء الاحتجاز، بما في ذلك الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق رأساً على عقب وهو يواجه حالياً محاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة وخطر عقوبة السجن الطويلة، بعدما طالبت النيابة العامة بعقوبة السجن لمدة 25 عاماً بتهم تتعلق بنشاطه السلمي.
و بعد اعتقاله في 15 مايو 2018، تعرض الربيعة للتعذيب الوحشي لعدة أشهر وهو رهن الاعتقال. الربيعة، الذي يعاني من انزلاق غضروفي، تعرض للضرب بالعصي والجلد والصعق بالكهرباء، والإيهام بالغرق، واحتُجز في خزانة ملابس صغيرة لعدة أيام غير قادرٍ على الجلوس أو النوم، وعلق رأساً على عقب، وضرب وركل ولكم حتى أغمي عليه.
كما كان يواجه التجويع إذ قدمت له صواني طعام فارغة، واقتصر غذاؤه لمدة سنة على الوجبات الخفيفة التي سمح له بتناولها في غرفة الزيارة عندما تمكنت عائلته أخيراً من زيارته مرة واحدة في الشهر.
وفي 21 مارس 2021، أحيلت قضية الربيعة إلى المحكمة الجزائية المتخصصة (SCC)، وهو حالياً معرض لخطر السجن لمدة طويلة، مع مطالبة النيابة العامة بعقوبته عقوبة تعزيرية وسجنه لمدة 25 عاماً ومنعه من السفر. بناءً على مواد قانونية مختلفة منها المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية والمواد 55 و 53 من نظام مكافحة جرائم الإرهاب.
تهم دون أدلة
تتعلق التهم الموجهة إليه بنشاطه السلمي ودفاعه عن الحقوق والتي أفاد المدعي العام بأنه بها "حث على السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي وإضعاف اللحمة الوطنية وتماسك المجتمع"، و"إثارة الفتنة وتنفيذ أجندات خارجية فيما من شأنه الإخلال بأمن الوطن واستقراره"، و"تأليف ونشر كتاب يحوي توجهات مشبوهة."
يذكر أن اعتقال الربيعة جاء خلال حملة اعتقالات للمدافعات عن حقوق الإنسان والعديد من الرجال الذين دافعوا عن حقوق المرأة. وتلا ذلك اعتقالات أخرى بين مايو ويوليو 2018. وكان الربيعة قد استهدف في السابق من قبل السلطات لدعمه حق المرأة في القيادة.
وبعد عدة أشهر من حملات الاعتقال انتشرت تقارير تفيد بأن العديد من المدافعات عن حقوق الإنسان تعرضن للتحرش الجنسي والتعذيب وأشكال أخرى من سوء المعاملة أثناء الاستجواب، بما في ذلك تجريدهن من ملابسهن، ولمسهن، وضربهن، وصعقهن بالكهرباء.
إن هذه السلسلة من الانتهاكات بحق الربيعة تظهر مدى وحشية وقسوة السلطات السعودية. وعلى الرغم من وعودها بالإصلاح، فإن مثل هذه الحالات هي اختبار حقيقي لنوايا السلطات وإذا كان لديها أي تفكير جاد بالإصلاح، فيجب عليها إطلاق سراحه على الفور.
السبب الحقيقي وراء اعتقال الربيعة
في مايو 2018 كشفت مصادر حقوقية سعودية، عن السبب الحقيقي الذي دفع السلطات السعودية لاعتقال الناشط، محمد الربيعة.
وأوضح حساب “معتقلي الرأي” على “تويتر”؛ والمهتم بكل ما يتعلق بالمعتقلين داخل السعودية أن والد “الربيعة” من عائلة ثرية وساهم مادياً في تأسيس جمعية خيرية مدنية مرخصة رسمياً.
وأضاف الحساب إن تلك الجمعية المشهورة رسمياً كان من ضمن أعضائها الناشطات “عزيزة اليوسف”، و”إيمان النفجان”، و”هتون الفاسي”.
وأشار الحساب في تغريدته إلى أن هذه هي “التهمة” الرسمية التي سيتم إصدار حكم على “الربيعة” في حالة إدانته، وربما على الناشطات المذكورات كذلك.
وكانت السلطات السعودية قد شنت حملة اعتقالات كان من ضمنها الناشط “محمد الربيعة”، في مايو 2018، ووجهت له ولآخرين معه، تهم التواصل المشبوه مع جهات خارجية فيما يدعم أنشطتهم، وتجنيد أشخاص يعملون بمواقع حكومية حساسة، وتقديم الدعم المالي للعناصر المعادية في الخارج بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة وسِلمها الاجتماعي والمساس باللُّحمة الوطنية.
بايدن وكذبة حقوق الانسان
طوال حملته الانتخابية، كرّر الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، في أكثر مناسبة، التزامه بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير في العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص. وأكّد أكثر من مرة أنه سينهج سياسة أكثر صرامةً من سلفه تجاه الديكتاتوريات العربية، عبر الضغط عليها لاحترام حقوق الإنسان في بلدانها، وسيعاقب الدول المتورّطة في جرائم حرب اليمن، بالحدّ من صفقات الأسلحة معها. وتوعد بالاسم السعودية التي تقود هذه الحرب، وحمّل حاكمها الأمير الشاب، محمد بن سلمان، مسؤولية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، فهل سيعطي بايدن الأولوية لالتزاماته بقضايا حقوق الإنسان في منطقتنا العربية أو هل سينفذ كل وعوده وشعاراته التي أطلقها طوال حملته الانتخابية؟
الجواب هو بالطبع لا، لأن أمريكا لا تريد أن تتضرر مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني، ومن هنا نجد أن قرارات بايدن ليست سوى شعارات رنانة لإيهام ان استراتيجية أمريكا في المنطقة قد تغيرت، وخاصة علاقاتها مع السعودية "البقرة الحلوب" للمال، صحيح ان إيقاف الدعم المباشر للسعودية في الحرب على اليمن يشكل ضربة للجيش السعودي الذي يعاني بالرغم من وجود الدعم الأمريكي، الا أن هذا الدعم سيتحول الى غير مباشر، اي في الواقع لا شيء قد تغير في هذا المجال.
في السابق كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يلعب من فوق الطاولة مع الجميع، مع الأعداء والحلفاء، إلا أن الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، ذكرنا بباراك أوباما، الذي كان يقول شيئاً من فوق الطاولة وينفذ عكس ذلك من تحتها، وهذا ليس غريباً فبايدن كان نائبا للرئيس آن ذلك. ومن هنا فإن إيقاف الحرب في اليمن ومحاسبة بن سلمان ليست من أولويات بايدن فأولويته كما سابقه ترامب، وهو استمرار حلب اموال الشعب وضخ أمواله في السوق الأمريكية التي تتعرض لخسائر كبيرة أمام السوق الصينية.
لذلك يمكن القول إنه علينا ألا ننخدع بالشعارات الرنانة للإدارات الأمريكية فكلها تتبع السياسة نفسها ولتحقيق الأهداف نفسها و الكرة اليوم هي في ملعب الشعوب العربية التي تعاني من انتهاكات حقوق الانسان والمضايقات من قبل حكامها المستبدين، فمن أسقط ترامب وهزم سياساته العنصرية هو الشعب الأمريكي. وعلى الشعوب العربية أن تتعلم الدرس، حتى لا تلدغ من الجحر مرتين. عليها أن تعتمد على نفسها، إذا أرادت أن تحدد مصيرها بيدها، وعليها ألا تنخدع بوعود الإصلاحات الشكلية وخطابات الانفراج السياسي والانفتاح على الحقوق والحريات التي ارتفعت بورصتها مجدداً في قاموس الخطابات الرسمية العربية، وفي تقارير النخب الخائنة لمبادئها ومواقفها، لأن الهدف من كل هذه "المناورات" التي ستنطلق كرنفالاتها قريبا سيكون مجّد شراء وقت إضافي، تستفيد منه أنظمتها السلطوية لتمديد عمرها وتغيير جلدها إلى حين!.