الوقت- أصبح السعوديون غير قادرين على إدارة أزمة الحرب اليمنية، حيث إن تصعيد هجمات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" على المواقع الاستراتيجية داخل العمق السعودي، تشير إلى المستوى العالي الذي وصلت لها المقاومة اليمنية خلال السنوات الماضية. وعلى الرغم من اعتبار الرئيس الأمريكي الجديد "جو بايدن" الحرب اليمنية أنها تعتبر أول قضية خارجية أمريكية ودعوته لإنهاء الحرب اليمنية بإعلانه تعليق مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، إلا أن الحقائق على الأرض تتناقض مع تصريحات هذا الرئيس الأمريكي الجديد.
قوات "أنصار الله" اليمنية توجه صدمة كبيرة للسعوديين
كثفت قوات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، منذ الأسبوع الماضي، ضرباتها الصاروخية على منشآت سعودية، كما أنها عمقت عملياتها العسكرية داخل الأراضي السعودية ردا على استمرار عدوان تحالف العدوان السعودي على مواقع مدنية يمنية. حيث قامت طائرة مسيرة تابعة لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" من طراز "قاصف K2" يوم الخميس الماضي بشن هجوم على "هدف مهم" داخل قاعدة الملك "خالد" الجوية في منطقة "خميس مشيط" ولقد أصابت الهدف بدقة عالية.
وحول هذا السياق، قال العميد "يحيى سريع" المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، في مؤتمر صحفي أذاعته وسائل إعلام يمنية، عقب قصف تحالف العدوان السعودي على مواقع مدنية في صنعاء، إن "الطائرة دون طيار والوحدة الصاروخية اليمنية نفذتا عملية مشتركة بـ22 صاروخا وطائرة دون طيار داخل العمق السعودي". وأضاف "سريع"، إن "العملية التي أطلق عليها اسم معادلة الردع 6، استخدمت ثمانية صواريخ باليستية و 14 طائرة مسيرة هجومية بعيدة المدى، وتم استهداف في هذه العملية شركة النفط الوطنية السعودية (أرامكو) في ميناء رأس التنورة النفطي وأهدافا عسكرية أخرى في مدينة الدمام (شرق المملكة العربية السعودية) بـ 10 طائرات دون طيار من طراز صماد 3 وصاروخ ذو الفقار". وقال "سريع"، إن "أربع طائرات مسيرة من طراز قاصف 2 وسبعة صواريخ بدر، استهدفت أيضا مناطق في عسير وجيزان غربي السعودية وجاءت هذه العمليات رداً على استمرار الهجمات السعودية والحصار المفروض على أبناء الشعب اليمني".
وفي الوقت نفسه، حذرت السفارة الأمريكية في الرياض المواطنين الأمريكيين من استمرار الضربات الجوية، وخاصة بعد الهجمات على الظهران والدمام، ودعتهم إلى اتخاذ الاحتياطات الصارمة. وعلى صعيد متصل، قال "محمد البخيتي"، عضو المجلس السياسي لحركة "أنصار الله" اليمنية، اليوم أيضا: "إنهم يريدون من اليمن وقف العمليات العسكرية من جانب واحد، ولكنهم يمنحون أنفسهم الحق الحصري في التقدم على الأرض، وخاصة في مأرب. سنكون جاهزين على جميع الجبهات وسنكثف هجماتنا في عمق المملكة العربية السعودية، وسنواجه هجماتهم بتكثيف هجماتنا".
تبددت الآمال السعودية في مأرب
من ناحية أخرى، فإن التقدم الخاطف لقوات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" في مدينة مأرب الإستراتيجية وضع الجانب اليمني في موقع قوة في هذه الحرب ووجه صدمة كبيرة للسعوديين. ولقد كشفت العديد من التقارير الاخبارية في الأيام الأخيرة عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين في تحالف العدوان السعودي، بينهم العميد الركن "ناصر سعيد البرحتي" قائد اللواء 26 والعقيد "عبد الوافي هاني زبرق" نائب قائد اللواء الثالث، مع عشرات آخرين في كمائن دقيقة وهجمات صاروخية لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، ولقد لحقت أيضا أضرار جسيمة بالمعدات العسكرية السعودية. ومن وقت إلى آخر، تقترب المسافة بين قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية أكثر فأكثر من عاصمة محافظة مأرب. حيث تقدم الجيش اليمني واللجان الشعبية في الساعات الثماني والأربعين الماضية من اتجاهات مختلفة، وتمكنوا من الوصول إلى منتصف سلال جبال "البلق الأوسط" والضفاف الجنوبية والجنوبية الشرقية لسد بحيرة مأرب. وبالتوازي مع التقدم إلى جبل "البلق"، فشل القصف العنيف للطائرات المقاتلة السعودية حتى الآن في تعطيل تقدم قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية. وخسر المرتزقة السعوديون عددًا من المواقع في جبهة "الكسارة"، ووصلت المعركة إلى وادي "نخلا" قرب البوابة الغربية لمأرب.
ما هو هدف "أنصار الله" من تكثيف الهجمات على السعودية؟
في خضم الجدل الأمريكي حول إنهاء الحرب في اليمن، تحاول واشنطن وحلفاء السعودية الآخرون إحداث أقل قدر من الضرر على السعودية والحصول على تنازلات من حكومة صنعاء. وبينما يزعم الأمريكيون أنهم دعوا إلى إنهاء الحرب اليمنية وأعلنوا ذلك للسعوديين، يستمر قصف وهجوم قوات تحالف العدوان الذي تقوده السعودية على مواقع المدنيين اليمنيين، وهذا الأمر أجبر العميد "يحيي سريع" المتحدث باسم قوات صنعاء على الاعلان عن العملية الأخيرة التي نفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" ضد الرياض والتي جاءت كرسالة واضحة للعدو أن قوات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" ليست فقط قادرة على الرد بل هي في حالة ردع كامل، وإذا لم يتم وقف الحصار والعدوان، فسيكون لدى اليمنيين حافز أكبر لمقاومة العدو وشن العديد من الهجمات داخل المملكة.
ومع ذلك، فإن اليمنيين الذين نجحوا في الآونة الأخيرة، لا سيما في ضوء التطور الكبير في مجال الصناعات العسكرية والصاروخية وتحقيق مستوى مقبول من الردع، ولهذا فإن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" لن يتنازلوا عن حقوقهم القانونية أمام تحالف العدوان السعودي. وحول هذا السياق، أكد وزير خارجية حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية، "هشام شرف"، أن هجمات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" على السعودية ستتوقف فقط عندما يوقف تحالف العدوان السعودي هجماته على اليمن، وأن أي هجمات وحصار اقتصادي يجب أن يتوقف قبل ذلك وأنه لن يمكن إجراء أي مفاوضات سياسية إلا عقب رفع الحصار عن المطارات والموانئ اليمنية.
وفي وقت سابق قال مصدر يمني، إن هجمات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" على مطار "أبها" حدثت لعدة أسباب:
أولاً: الرد على الضربات الجوية لتحالف العدوان السعودي ضد قوات حكومة صنعاء، التي تشن الآن هجوماً شرسًا للسيطرة على مدينة مأرب، آخر قاعدة للحكومة التابعة للرئيس المستقيل "منصور هادي"، والتي تعتبر المنبع النفطي الرئيسي لليمن.
ثانياً: ينقسم مطار "أبها" إلى قسمين، مدني وعسكري، حيث تطير الطائرات العسكرية لقصف اليمن، ولأن هذا المطار هو أكبر وأقرب مطار للحدود اليمنية، فإن طائرات "أنصار الله" بدون طيار تستهدف المنطقة العسكرية لهذا المطار ولقد دمرت بالفعل عددا من الطائرات العسكرية السعودية.
ثالثًا: توصل قادة حركة "أنصار الله" إلى استنتاج نهائي مفاده أن الطائرات المقاتلة التابعة لتحالف العدوان السعودي من طراز "إف 16" التي تقصف اليمن يوميًا لم تكن قادرة على القيام بذلك دون مساعدة الأمريكيين وأخذ الضوء الأخضر منهم، وأن القصف السعودي لليمن تم بموافقة أمريكية، والأحاديث حول وقف الحرب مجرد كلام ولأغراض دبلوماسية.
رابعاً: زيادة إرسال الطائرات بدون طيار الانتحارية من قبل أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" في الأيام الأخيرة، تعتبر وسيلة ضغط لإنهاء حصار اليمن وإعادة فتح المطارات اليمنية بما في ذلك مطار صنعاء الدولي، ووقف احتجاز سفن الوقود والبضائع الأخرى في ميناء الحديدة من قبل قوات تحالف العدوان السعودي.
خطة "أنصار الله" للردع والارتباك السعودي.. ما هي الخطة الأمريكية الخفية لليمن؟
يرى مراقبون أنه منذ أن شن "أنصار الله" هجمات بصواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة انتحارية على الأراضي السعودية، تحّول ميزان الحرب لصالح اليمنيين من الدفاع إلى الهجوم ثم الردع. وفي غضون ذلك، توصّل الأمريكيون مؤخراً إلى نتيجة مفادها أنه لا يوجد حل عسكري للحرب اليمنية. ومن ناحية أخرى، تعتبر اليمن الدولة الوحيدة في منطقة الخليج الفارسي التي لا يوجد فيها وجود عسكري أمريكي وعليه، قررت واشنطن التوسط بين السعودية وحركة "أنصار الله" لتحقيق هدف أمريكا في المنطقة، حيث يعتزم الأمريكيون إقامة وجود عسكري في اليمن، لا سيما في مدينة مأرب الاستراتيجية، والسيطرة على الموارد النفطية الهائلة في المنطقة، ولهذا فإنها تعمل كوسيط بين طرفي الحرب اليمنية الرئيسيين وفي شكل مراقب و حارس السلام ووقف إطلاق النار في هذا البلد؛ أي أن هذا السيناريو هو نفس السيناريو الذي طبقوه في سوريا ونهبوا احتياطياتها النفطية.
إن السعودية أصبحت الآن في مرحلة لا تملك فيها السلطة لتقرير ما إذا كانت ستواصل الحرب أو تنهيها، وذلك لأن الأمريكيين هم من يقودون العملية عمليا، كما أن المسؤولين السعوديين وشخص ولي العهد "محمد بن سلمان" لا يجرؤون على التعليق على هذه الحرب إضافة إلى عجزهم عن اتخاذ اي قرارات تخص هذه الحرب بدون الرجوع إلى البيت الابيض، والآن إذا تحدث ولي العهد السعودي الشاب عن السلام والمفاوضات مع حركة "أنصار الله"، فإنه من المؤكد أصبح يخاف على مستقبله السياسي عقب فشله في هذه الحرب العبثية.