الوقت- أخيراً، وبعد أشهر من الانتظار، أصدر البيت الأبيض التقرير السري للمخابرات الأمريكية حول اغتيال الصحفي السعودي الناقد جمال خاشقجي، كما وعد جو بايدن، وكما كان متوقعًا، يقر التقرير بالدور المباشر لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الأمر بالاغتيال.
وفقًا للتقرير الصادر عن مكتب مدير المخابرات الوطنية، فإن ولي العهد(السعودي) له سيطرة كاملة على أجهزة الأمن والاستخبارات(السعودية) منذ عام 2017، ومن غير المرجح أن ينفذ المسؤولون السعوديون مثل هذه العملية دون إذن ولي العهد.
لكن على الرغم من أن الرأي العام المحلي والعالمي کان ينتظر ليرى ما هي العقوبة التي ستلحقها واشنطن بولي العهد السعودي بعد صدور هذا التقرير وتأكيد مسؤوليته عن الأمر باغتيال خاشقجي، لكن ابن سلمان أفلت من العدالة وسلم من أي عقاب وسط دهشة دولية، وعملياً سلكت إدارة بايدن المسار نفسه الذي سلكته إدارة ترامب في التستر على العدالة في مقتل خاشقجي.
وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلى بيان وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن بعد نشر التقرير، والذي أعلن فيه فرض قيود على التأشيرات على 76 مواطناً سعودياً، لكن تم تحييد محمد بن سلمان من أي عقوبات أو قيود وملاحقات قانونية في الولايات المتحدة.
كما كرر بلينكين التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن السعودية، وأوضح أن المسؤولين الأمريكيين لا يريدون التخلي عن تعاملاتهم مع ابن سلمان.
ابن سلمان يتنفس الصعداء
من الواضح أن مقتل خاشقجي كان مخططاً له مسبقاً. حتى أن المحكمة السعودية وبعد أن حكمت على خمسة متهمين بالإعدام دون ذکر الأسماء، وثلاثة آخرين من فريق الاغتيال بالسجن لمدد طويلة، ولكن بعد تسعة أشهر ألغت أحكام الإعدام وخففت أحكام السجن إلى 20 عامًا، وحتى سجنهم فلا يمكن التحقق منه.
وبهذا يمكن اعتبار الموقف الذي اتخذه المسؤولون الأمريكيون تجاه ابن سلمان نفس سياسة إدارة ترامب، وبهذا الموقف تنفس محمد بن سلمان والبلاط السعودي الصعداء لأنهم عرفوا أن تهديدات البيت الأبيض ليست سوی عرض مسرحي.
لقد ضغطت الرياض بشدة لإفلات ابن سلمان من العقاب، ويبدو أنها حققت هذا الهدف. ومن الواضح تماماً أن رد فعل البيت الأبيض محاولة لاسترضاء السعودية، بعد إزالة أنصار الله من قائمة الجماعات الإرهابية وإعلان انتهاء الدعم الأمريكي للحرب اليمنية.
في الواقع، سعى بايدن إلى استعادة الصورة الدولية المفقودة للولايات المتحدة بعد تماشي ترامب مع الاغتيال الوحشي للصحفي السعودي-الأمريكي، وإظهار أنه ملتزم بشعاراته الانتخابية فيما يـتعلق بحقوق الإنسان في السياسة الخارجية الأمريكية.
ومع ذلك، أظهرت تبرئة ابن سلمان أن الديمقراطيين، مثل الجمهوريين، بين الاختيار بين الحصول على الفوائد الاقتصادية من استمرار العلاقات مع الأسرة السعودية المجرمة أو متابعة قضية حقوق الإنسان، يعطون الأولوية للحفاظ على المصالح المالية أحادية الجانب ومبيعات الأسلحة.
وعليه، وصفت جماعات حقوق الإنسان أداء بايدن بأنه تحرك "سخيف" بعد أسابيع من التغطية الإعلامية للبيت الأبيض.
کما يری المنتقدون أن تحرك إدارة بايدن في فرض عقوبات علی 76 مواطناً سعودياً آخر لا يكفي لإجبار السعودية على إجراء إصلاحات سياسية وتقليل الضغط والقمع على النشطاء السياسيين والاجتماعيين، ولن يوفر الرادع اللازم.
في الواقع، بإمکان محمد بن سلمان الآن أن يأمل في الوصول إلى العرش من خلال قمع المعارضة، وهو أكثر ارتياحاً واسترخاءً.