الوقت- ضجت المواقع الإخباريّة بنبأ اللقاء السريّ الذي جمع بين وزير الحرب الصهيونيّ بيني غانتس، والملك الأردنيّ عبدالله الثاني، قبل بضعة أيام، حيث أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبريّة، الأحد الفائت، إلى أنّ غانتس قال لأعضاء حزب "أزرق أبيض" الذي يرأسه، أنّه يأمل في أن تتحسن العلاقات مع الدولة المجاورة للكيان الصهيونيّ الذي يحتل الأراضي العربيّة، مدعياً أنّ رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، كان شخصاً غير مرحب به في المملكة الأردنيّة.
في 25 فبراير/ شباط، قال الملك عبدالله خلال كلمة له في معهد "بروكنغز" الذي تأسس عام 1916، ويعد أحد أهم مراكز الأبحاث المؤثرة في دوائر صنع القرار في العالم، ويختص في شؤون السياسات الدوليّة، والدراسات والأبحاث، وموضوعات الاقتصاد العالميّ والتنمية، أنّ بلاده ستبقى مستعدة بشكل دائم للمساهمة في أيّ جهود لإعادة إطلاق ما تسمى "مفاوضات السلام".
لقاء سريّ
أثار اللقاء السريّ الأخير بين وزير الحرب الصهيونيّ بيني غانتس، والملك الأردنيّ عبد الله الثاني، الكثير من التساؤلات، خاصة من ناحية توقيت انعقاده، حيث أوضحت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن اللقاء بين الجانبين جرى في الأردن، دون أن تحدد تاريخاً لذلك، مؤكدة أنّ غانتس ألمح خلال حديث مع نشطاء بحزب "أزرق - أبيض" الذي يتزعمه، إلى اللقاءات السريّة التي يجريها مع مسؤولين أردنيين كبار.
وفي الوقت الذي كانت فيه العلاقات الأردنيّة - الصهيونيّة تتجه نحو المجهول في ظل اتجاه تل أبيب نحو ضم أجزاء من الضفة الغربية والتلويح بضم غور الاردن، الأمر الذي أثار حفيظة الملك الأردنيّ ودفعه للحديث عن "صدام كبير" بين بلاده والكيان الصهيونيّ الغاصب في حال أقدم على مثل هذه الخطوة، نوه وزير الحرب الصهيونيّ إلى أنّ العلاقات مع الأردن تمثل "ثروة عظيمة"، وكان من الممكن أن تكون أفضل بألف مرة، بحسب تعبيره.
وعقب تفاقم الأزمة بين عمّان وتل أبيب، منذ وصول رئيس الوزراء الصهيونيّ بنيامين نتنياهو إلى السلطة، وما تبعها من أزمات سياسيّة ودبلوماسيّة متلاحقة، أوصلت الأمور الى الحد الذي وصف فيه الملك عبد الله العلاقة مع "اسرائيل" بأنها في "أسوء حالاتها " وامكانيّة أن تتفاقم الأزمة في حال قام العدو بتشريع قانون ضم غور الأردن وأجزاء من الضفة الغربيّة، أوضح غانتس أنّ لديه اتصالات مستمرة ومتواصلة مع الملك الأردنيّ والمسؤولين في البلاد.
وفي ظل الخلافات بين نتنياهو وغانتس، استدرك الأخير بقوله: "إنّ رئيس الوزراء الصهيونيّ بنيامين نتنياهو، يمثل شخصية غير مرغوب فيها بالأردن"، معتبراً أنّ وجوده يتعارض مع تقدم العلاقات الثنائيّة، بيد أنّ بعض التحليلات ذكرت أنّ غانتس ونتنياهو "وجهان لعملة واحدة"، وهمهما الأول والأخير هو أن يقع الأردن في الفخ الصهيونيّ.
ومن الجدير بالذكر أنّ وزير الخارجيّة في حكومة الاحتلال، غابي أشكنازي، التقى هو الآخر خلال الأشهر الأخيرة مع نظيره الأردنيّ، أيمن الصفدي مرتين، وبحث معه دفع عدة مشاريع، دون الإدلاء بأيّ معلومات إضافيّة، ولم يتسن الحصول على أي تعليق من السلطات الأردنيّة حول ما أوردته الصحيفة العبريّة.
يشار إلى أنّ الأردن وقع ما يصفها "اتفاقية سلام" مع العدو الصهيونيّ المجرم عام 1994، فيما يعرف باتفاقية "وادي عربة"، ليصبح ثاني دولة عربيّة تقدم على هذه الخطوة بعد مصر عام 1979.
وما ينبغي ذكره أنّ الأردن فشل في توحيد الجهود العربيّة لمساندته، حيث إنّ العام المنصرم شهد اجتماعاً لم يؤتي أُكله، لوزراء خارجيّة الأردن والسعوديّة والإمارات، ومصر والمغرب وفلسطين، أيّ الدول الأعضاء في الوفد الوزاريّ العربيّ المنبثق عما يسمى "لجنة مبادرة السلام العربية"، إضافة إلى وزراء سلطنة عُمان -الذي كان رئيس دورة مجلس الجامعة العربيّة على المستوى الوزاريّ"، وتونس "العضو العربيّ في مجلس الأمن"، ودولة الكويت العضو العربي السابق في مجلس الأمن، والأمين العام لجامعة الدول العربية، لبحث مستجدات القضيّة الفلسطينيّة، لكنه لم يفرز عن أيّ نتائج تُذكر.
العلاقات الأردنيّة - الصهيونيّة
على ما يبدو، فقد عادت المياه إلى مجاريها بين الكيان الصهيونيّ والأردن، بعد تفاقم الأزمة بينهما لعدة أسباب أبرزها الاتفاق الذي حصل بين رئيس نتنياهو و وغانتس، على عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية بما يشمل غور الأردن وجميع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، وأشارت تقديرات فلسطينيّة إلى أن الضم سيصل إلى أكثر من 30% من مساحة الضفة المحتلة.
كذلك، اعاقة وتعطيل الكيان الصهيونيّ لتنفيذ مشروع "ناقل البحرين" لنقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت ويعد هذا مشروعاً استراتيجياً هاماً للأمن المائيّ الأردنيّ، وخصوصاً لإنقاذ البحر الميت الذي يعاني سنوياً من الجفاف المستمر، بالإضافة إلى تدشين مطار "رامون" في مدينة إيلات المتاخمة لمدينة العقبة رغم الاعتراض الأردنيّ، وعليه تم تقديم اعتراض رسميّ دولياً للمنظمات ذات الصلة، سيما أنّ هذا المطار لا يبعد عن مطار "الملك حسين" سوى مئات من الأمتار.
بالإضافة إلى ما ذُكر، تسويق مدينة البتراء الأردنية من قبل العدو الغاصب وكأنها لهم، مستغلاً التسهيلات بالتنقل عبر الحدود والمعابر ومستفيداً من التغاضي الحكوميّ الأردنيّ عن كل تلك التجاوزات، كذلك حادثة إطلاق النار من السفارة الإسرائيلية في عمان تجاه المواطنين الأردنيين، وقيام بنيامين نتنياهو باستقبال مطلق النار بشكل ملفت وكأنه صانع مجد.