الوقت- أعلن البنك الدولي على لسان مديره الإقليمي ساروج كومار جيها أنه قد يعلق تمويله البالغ ملايين الدولارات لحملة التطعيم للوقاية من مرض كوفيد-19 في لبنان إذا ثبت عدم التزام السياسيين بالنظام الخاص لتوزيع اللقاحات و الذي تم التفاهم عليه مع الحكومة اللبنانية. وجاءت تصريحات مسؤول البنك الدولي مع تزايد الإحباط وخيبة الأمل بين اللبنانيين من أن حملة التطعيمات تسير ببطء وربما يتم ارتكاب مخالفات كبيرة في آلية توزيعها.
ما الخرق الذي حدث؟
أعلن بعض السياسيين و عدة وسائل إعلام محلية أن بعض أعضاء مجلس النواب حصلوا على اللقاح في مقر مجلس النواب على الرغم من عدم وجود ضرورة تجعل لهم أولوية في تلقي اللقاح.
حيث أكد الأمين العام لمجلس النواب، عدنان ضاهر، أن 16 نائباً، إضافة إلى 4 موظفين في البرلمان، ممن يتجاوز عمرهم الـ75 عاماً ، تلقوا اللقاح داخل مقر المجلس.
وهذه التسريبات جعلت من كومار جيها يكتب على تويتر أنه في حال التأكد من حدوث هذه المخالفة، فإن البنك الدولي قد يوقف تمويل اللقاحات ودعم التصدي لكوفيد-19 في جميع أنحاء لبنان وأضاف قائلاً إن هذه الأمور من شأنها أن تخرق الخطة الوطنية المتفق عليها مع لبنان للتطعيم العادل. كما قال : "أناشد الجميع، أعني الجميع، وبغض النظر عن منصبكم، أن تسجلوا أسماءكم وتنتظروا دوركم".
خطة التطعيم العادل
باشرت منتصف الشهر الحالي حملة التطعيم ضد فيروس كورونا في لبنان، بعد أن استقبل الدفعة الأولى من لقاح " فايزر – بيونتيك "، والتي تضمنت نحو 28 ألف جرعة، بموجب دعم قدمه البنك الدولي بقيمة 34 مليون دولار لمساعدته على الحصول على اللقاحات، وكان البنك الدولي قد اشترط التوزيع العادل والمنصف وفق جدول الأولويات.
ووفق خطة الحكومة اللبنانية والتي وافق عليها البنك الدولي، تخصص المرحلة الأولى من التلقيح للطاقم الطبي، ومن هم فوق 75 عاماً. وبناء عليه أنشأت وزارة الصحة موقعاً الكترونياً ليسجل الراغبون بتلقي اللقاح أنفسهم عليه، على أن يتم التواصل معهم تباعاً لتحديد موعد ومكان التلقيح، ولا يمكن الحصول على اللقاح من دون المرور بهذه الآلية.
وأعلن البنك الدولي أنه سيراقب طرح اللقاح وآلية التوزيع وحذر من المحسوبية في بلد تسببت فيه عقود من الهدر الحكومي والفساد في انهيار مالي شديد.
موجة انتقادات رسمية
أثار تلقي نواب اللقاح المضاد لفيروس كورونا في مقر البرلمان اللبناني، موجة انتقادات واسعة لما اعتبره البعض " خرقاً " لخطة التطعيم المتفق عليها مع البنك الدولي ، ما دفع البنك الدولي إلى التلويح بتعليق تمويله للحملة.
وبدوره أعلن رئيس اللجنة الوطنية للقاح فيروس كورونا في لبنان، عبد الرحمن البزري ، في مؤتمر صحافي " ما حصل اليوم خرقاً لا نستطيع السكوت عنه، إنه محاولة لتمييز مجموعة من الأشخاص.. ولا يجوز لأحد أن يتجاوز الخطة مهما كان ".
رد البرلمان و الرئاسة اللبنانية
ردت الأمانة العامة للبرلمان على تلقيح بعض النواب اللبنانين في بيان قالت فيه إن " النواب الذين تلقوا اللقاح عددهم 16 ، وأسماؤهم موجودة على الموقع المخصص لتسجيل الأسماء وفق الفئة العمرية ، وقد حان دورهم. وهذا ما فعلناه باعتبار أن النواب هم الأكثر عملاً ".
ومن جهته قال أحد أعضاء البرلمان إن النواب الحاليين والمتقاعدين الذين تزيد أعمارهم على 75 عاماً ، إضافة إلى بعض الموظفين الإداريين ، قد تلقوا التطعيم الخاص بفيروس كورونا في قاعة البرلمان. وقال " ما كل هذه الضجة؟ أعمارهم فوق 75 عاماً ، وهم مسجلون! ".
أما الحساب الرسمي للرئيس اللبناني ميشال عون على تويتر أعلن أن الرئيس عون واللبنانية الأولى تلقيا اللقاح ضد " كورونا " مع 10 من أعضاء الفريق اللصيق والملازم للرئيس، الذين سجلوا أسماءهم وفقاً للأصول على الموقع الخاص بالتلقيح.
غضب شعبي على مواقع التواصل الاجتماعي
مع انتشار الخبر على وسائل الإعلام بدأ العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بشن حملة رافضة لتلقي عدد من النواب اللبنانيين لقاحات ضد فيروس كورونا دون انتظار دورهم.
وتصدر وسم ( #NoWasta - لا للواسطة ) قائمة الأكثر تداولاً في لبنان، وهي العبارة التي قالها فريد بلحاج ، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في 14 شباط تزامناً مع وصول أول دفعة من اللقاحات إلى لبنان، وفق الاتفاقية الموقعة مع البنك الدولي.
وكتب أحد النشطاء على موقع "تويتر"، " إن والدتي في 84 من العمر، ومسجلة على الموقع الخاص باللقاح، لكنها لم تتبلغ بأنه حان دورها ، فيما السياسيون وعائلاتهم وأصدقاؤهم سيتلقون اللقاح قبلها" .
کما أطلق بعض الناشطين وسم #مجلس_العار الذي تصدر قائمة ترند تويتر في لبنان ، وذلك تنديداٌ بمجلس النواب.
فيما اتجه البعض إلى انتقاد رئيس الجمهورية ميشيل عون بسبب تلقيه اللقاح "بالخفاء" وبعيداٌ عن وسائل الإعلام ، معتبرين أنه كان يجب عليه أخذ اللقاح علناٌ ، لتشجيع الناس على تلقيه مثل ما يفعل الرؤساء في باقي الدول.
أما الحزب القومي السوري طلب من نوابه، الذين تلقوا اللقاح، الاعتذار ودفع الغرامات لمخالفتهم آلية التوزيع.
وفي المقابل انتشرت بعض الآراء التي اعتبرت أن " تطعيم الرؤساء والنواب والوزراء والقيادات العسكرية الأساسية لأي دولة في المرحلة الأولى للتلقيح في وباء خطير، يعد أمناٌ قومياٌ".
يذكر أن لبنان سجل منذ مطلع العام معدل إصابات ووفيات قياسية بوباء كوفيد-19، وتجاوز إجمالي الحالات 355 ألف إصابة بينها 4340 وفاة على الأقل منذ بدء انتشار الوباء في البلاد قبل عام.
كما تم حتى الآن تلقيح 17 ألف شخص منذ وصول الدفعة الأولى من اللقاح الأمريكي ويشرف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على تخزين وتوزيع اللقاحات، في وقت تتعرض الطبقة السياسية بأكملها في لبنان لاتهامات بالفساد واستغلال النفوذ.