الوقت- بدأت الأحداث بتسارع شديد على المستويات كافة داخل السعودية بعد وصول محمد بن سلمان إلى منصب ولاية العهد في حزيران 2017، بعد انقلابه على ابن عمه محمد بن نايف. ومنذ بداية وصوله إلى كرسي ولي العهد عمل ابن سلمان على إعطاء الشرعية لوصوله السريع وبهذه الطريقة إلى السلطة من خلال خطوات كثيرة على الصعيد الداخلي السعودي، وكان ابن سلمان يريد من خلال ذلك ترك أثر على المسارين السياسي والاجتماعي للمملكة السعودية.
المؤسسة الدينية هي العدو لـ "ابن سلمان"
ويبدو أن المؤسسة الدينية ممثلة بشخصياتها أو بسبب تأثيرها الكبير على المجتمع السعودي، كانت الجهة الأبرز التي وجد فيها ولي العهد الشاب «العدو» المحتمل الذي يهدد وجوده والذي يمكن من خلالها إبراز شخصيته وفرض سطوته على المجتمع السعودي، وذلك من خلال كسر النمط الذي كانت المؤسسة الدينية تسير عليه خلال العقود السابقة، وكان ابن سلمان يدعي بذلك قربه من حاجات المجتمع السعودي العصرية، على حساب علاقة العائلة الحاكمة التاريخية بالمؤسسة الدينية.
محاولات ابن سلمان كانت دائماً تصطدم بحواجز عديدة، تمنعه من تلميع صورته بالصورة التي كان يريدها، والتغطية على سياسات القمع التي كان ينتهجها منذ وصوله إلى الحكم، فحاجات المجتمع السعودي باتت تتجاوز «انفتاح» ولي العهد، ويمكن ببساطة اعتبار هذه الحاجات أمراً مفروغاً منه في القرن الواحد والعشرين، ولا يمكن اعتبارها في خانة «التطور» التي يتكرم بها الأمير الشاب على الرعية، كالسماح للمرأة بقيادة السيارة مثلاً، أو فتح دور السينما، وغيرها من الأمور التي ظن من خلالها ابن سلمان أن بإمكانه التعمية على سياساته الداخلية.
ما وراء كواليس المؤسسة الدينية
محمد بن سلمان كان يوحي للمجتمع السعودي أنه استطاع لجم المؤسسة الدينية وتطويعها، ولكن هناك معطيات عديدة تاريخية وحديثة تشير إلى أن المؤسسة الدينية ليست كياناً حامياً للمعتقدات والأفكار الدينية السائدة في المملكة، بقدر ما هي مؤسسة مستعدة للتكيف مع حاجات العائلة المالكة في لحظة معينة، مقابل أن تتعهد الأخيرة بالحفاظ على نفوذها ومصادر تمويلها.
وهذا ما ظهر في الفتاوى التي كانت تصدر تباعاً من علماء تلك المؤسسة، التي تتناقض في جوهرها مع فتاوى سابقة، لكنها تنسجم مع التغيرات التي أرادها ابن سلمان، فسقطت شعارات وظهرت مكانها شعارات أخرى مختلفة كلياً، وذلك تماشياً مع «الأوامر الملكية» الجديدة، مع احتفاظ المؤسسة الدينية بسيطرتها على المؤسسات والوسائل التي تفرض من خلالها وجودها، كالمدارس والجامعات والمساجد ووزارات وكيانات خارجية ومنصات إعلامية، إذ إن ما يهم تلك المؤسسة هو حماية وجودها، لا أفكارها ومعتقداتها، فيما يتفق الطرفان على عدم الاصطدام، أو محاولة أي طرف عزل الآخر، لما سيسببه ذلك من تدمير لكليهما.
المؤسسة الدينية في السعودية منذ سبعينيات القرن الماضي، أصبحت تابعة للسلطة السياسية، وغير قادرة على اتخاذ أي موقف مغاير لسياسات الدولة. وما يحصل داخل المملكة في عهد ابن سلمان بالنسبة للعلاقة مع المؤسسة الدينية ليس تجربة جديدة، إذ إن الأخير ساهم كما ساهم الذين من قبله في تهميش دور تلك المؤسسة، فهم لا يريدون منها إلا أن تصدر فتاوى تؤيد وتبارك وتعطي شرعية دينية لسياسات العائلة الحاكمة.
ومؤخراً أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خططاً لإقرار مجموعة من مشاريع القوانين الجديدة التي تهدف إلى "تعزيز كفاءة ونزاهة النظام القضائي" في المملكة وفقاً لقوله، في خطوة من شأنها أن تؤدي إلى نظام قانوني مدون بالكامل في المملكة التي تفتقد قانوناً مكتوباً.
التخلص من المعارضين خوفاً من المجهول
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يقوم بإجراءات متسارعة من اجل التخلص من المعارضين لأنه يخاف المجهول في فترة حكم بايدن لذلك يبدو أن ابن سلمان قد يعمل على تصفية بعض كبار الأمراء من خلال إعدامهم أو اغتيالهم والادعاء أنهم انتحروا بأنفسهم تجنباً للفضيحة. كما حصل مع قائد قوات العدوان السعودي على اليمن فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود الذي كان كبش الفداء حيث تم اخراجه من وزارة الدفاع بطريقه مهينة واحالته على التقاعد والتحقيق معه بتهم الفساد المالي. وربط الفشل باليمن بشخص تركي وتلميع صورة ولي عهدها محمد بن سلمان الذي يحاول التنصل من هذا الفشل.
وكشفت مواقع متخصصة بالشأن السعودي، تفاصيل استدعاء كبار رجال الأعمال في المملكة بأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان بغرض ابتزازاهم، مشيراً إلى أن بين هؤلاء تجار موالون للدولة تاريخياً، مضيفا انه "تتم بين الفينة والأخرى استدعاء مجموعة من كبار رجال الأعمال بغرض ابتزازهم، بما فيهم التجار الموالون للدولة تاريخياً، ويكون التهديد أحياناً بإعداد ملف أمني عن الشخص المستدعى، وعن دعمه للأعمال الخيرية بالداخل والخارج، حتى إن بعضهم يُسأل عن مساعدته لأسر (سعوديين) داخل البلاد"، موضحا أن طلبات محمد بن سلمان من هؤلاء التجار تصل إلى مليارات الريالات نقداً، وإلى شراكة في الأصول تتجاوز النصف أحياناً.
لذلك يبدو أن محمد بن سلمان بدأ يخاف من الكرسي الذي جلس عليه بانقلاب صريح وبدأ يشعر باهتزاز أرجل الكرسي من تحته ويحاول متخبطاً أن يثبت هذه الكرسي تارة باستهداف المعارضين وتارة باستهداف المستثمرين ورجال الأعمال وأخيراً بتضعيف وتهميش المؤسسات الدينية وتطوير المؤسسات القضائية وذلك لاستعطاف جيل الشباب السعودي الذي عانى من الكبت لسنوات طويلة لعل هذا الجيل يكون المنقذ لكرسي بن سلمان ولكن يبدو أن ابن سلمان ينام ويستيقظ وفكرة سقوطه من كرسي الحكم تدور في رأسه ولا تفارقه وأصبح مصاباً بمرض يسمى مرض الكرسي.