الوقت- ازدادت الأنشطة الإرهابية لداعش في العراق وسوريا بشكل حاد هذه الأيام. وفي أعقاب التفجير المروع الذي وقع في بغداد الأسبوع الماضي وأسفر عن مقتل العديد من المواطنين العراقيين الأبرياء، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن عدة عمليات أخرى ضد قوات الأمن العراقية. حيث أثارت هذه الإجراءات مرة أخرى مخاوف في وسائل الإعلام العراقية والرأي العام حول إمكانية عودة الجماعة الإرهابية بقوة. وفي غضون ذلك، أثار البعض أيضا مسألة تورط بعض الأطراف الأجنبية في إدارة هذه الأحداث. لذلك، لمتابعة هذه التطورات والعوامل التي تقف وراءها، استطلع موقع "الوقت" التحليلي آراء مجيد قنادباشي الخبير في شؤون العالم العربي.
مساعي أمريكا لإحياء داعش
في تقييمه لما وراء كواليس الزيادة في هجمات وتحركات داعش في العراق في الآونة الأخيرة، يعتقد مجيد قنادباشي أن عاملين مهمين يساهمان في الوضع الحالي. العامل الأول هو رغبة الديمقراطيين وبايدن في إحياء داعش. الحقيقة هي أن داعش نشأت في عهد إدارة أوباما، وكان بايدن يشغل أيضا منصب نائب الرئيس. حيث دفع الاستثمار الأمريكي في داعش والمكاسب التي حققتها من أنشطة التنظيم إلى التفكير في استعادة قوة التنظيم في المنطقة. فمن ناحية فهم قد كشفوا للعالم ان للاسلام جوانب قاسية ومتطرفة، ومن ناحية أخرى دمروا البنية التحتية للعراق وسوريا.
وأضاف: إن "العامل الثاني يمكن تقييمه فيما يتعلق بداعش نفسها". حيث تسعى فلول داعش والأنظمة العربية الرجعية والكيان الصهيوني إلى تمهيد الطريق لاستمرار الوجود الأمريكي في المنطقة. حيث ان الهم المشترك لداعش والسعودية والكيان الصهيوني هو أن بايدن والديمقراطيين سيكونون منشغلين بالشؤون الداخلية لامريكا، وهذا سيجعلهم غير مدركين للقوة المتنامية لقوى المقاومة، لذلك ينصب تركيزهم الان على جذب الأنظار لمحاربة داعش ظاهرياً مرة اخرى. وأضاف "في الحقيقة يسعى الجانبان إلى تمهيد الطريق لاستمرار وجود القوات الأمريكية وتأجيل تنفيذ قرار البرلمان العراقي بسحب القوات الأجنبية من البلاد".
كذب أمريكا في الحرب ضد داعش
وقال هذا الخبير في الشأن العربي إن "الأمريكيين اتبعوا سياستين رئيسيتين منذ البداية"، في إشارة إلى بعض الهجمات الأمريكية على مواقع داعش في العراق. الأولى هي الإرسال السري للأسلحة والدعم اللوجستي غير العلني لتنظيم داعش الارهابي في شكل توفير المعدات والدعم الاستخباري ونقل القوات، والآخرى هي المحاولة المستمرة لاستهداف القوات المخالفة لداعش تحت ذرائع مختلفة. "لقد استهدفوا الحكومة السورية والحشد الشعبي بأعذار مثل الاستهداف للمواقع الخاطئة".
موانع اعادة احياء داعش
وقال قنادباشي "في الوضع الحالي، هناك العديد من العقبات أمام تكثيف أنشطة داعش مقارنة بالماضي"، في إشارة إلى مزاعم امريكا بأن داعش ستعيد احتلال أجزاء من العراق إذا انسحبت قواتها. في البداية، أشار إلى أن المواطنين العراقيين أصبحوا يقظين في هذا الخصوص. فقد أصبح المجتمع السني مدركًا، على عكس مزاعم داعش، أن هذه المجموعة الإرهابية لا تدافع عنهم حقًا.
كما أن تجارب الحشد الشعبي لمواجهة جماعة داعش الإرهابية هي قضية مهمة أخرى يجب أخذها في عين الاعتبار. حيث ان الحشد الشعبي، كمنظمة لها تأثير وموقع واتصال كبير في المنطقة اليوم، يمكن اعتبار طبيعة وقدرات هذه المجموعة مختلفة تماما عن السنوات الأولى لبدء نشاطها. فاليوم تتمتع هذه المجموعة بخبرة كبيرة وقيادة وقوية في مكافحة الإرهاب. اما القضية الثالثة فهي وصمة العار والحط من مصداقية الأمريكيين والأوروبيين في تعاونهم مع داعش في الرأي العام العالمي. وهذا منعهم من المساعدة في إحياء هذه المجموعة الإرهابية بذريعة مساعدة الشعبين السوري والعراقي".
وأضاف: "على مدى العقود القليلة الماضية، لم يعد الأمريكيون قادرين على القتال بسبب الهزائم المهينة في المنطقة، وخاصة في أفغانستان والعراق وسوريا، لذلك لجؤوا الآن إلى استراتيجية بناء جيش سري. وأضاف أن "الجيش السري هو قوات داعش نفسها التي تقوم أجهزة التجسس الأمريكية بتقويتها وتنظيمها عقائدياً ومالياً".