الوقت- قبل عدة أسابيع صرّح "مايك بومبيو" وزير الخارجية الأمريكي عزم بلاده تصنيف حركة "أنصار الله" اليمنية منظمة إرهابية. وزعم "بومبيو"، أن هذه الخطوة سيكون لها تأثير ملحوظ على الوضع الإنساني في اليمن، مؤكداً وجود خطة لتنفيذ إجراءات لتقليل تأثير التصنيف على بعض النشاط الإنساني وتوريد المساعدات إلى اليمن. ولقد جاءت هذه الخطوة الأمريكية في أخر أيام حكم الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب". وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، بأن تحالف العدوان السعودي الإماراتي تكبد خلال الفترة الماضية الكثير من الخسائر المادية والعسكرية ولهذا فقد قدم الكثير من الأموال لإدارة "ترامب" للمضي قدما وتصنيف حركة "أنصار الله" اليمنية كجماعة إرهابية وذلك من أجل كسب بعض الانتصارات الزائفة ومواصلة ارتكاب الجرائم في حق أبناء الشعب اليمني ولكن سرعان ما أدانت المنظمات الإنسانية والدبلوماسيون وأعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، هذه الخطوة، مبدين خشيتهم من أن يؤدي ذلك إلى زيادة تأجيج الوضع على الأرض، وتعطيل محادثات السلام للأمم المتحدة، وتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
وعلى هذا المنوال نفسه، اعتبر "سكوت باول" مسؤول السياسات الإنسانية لدى منظمة أوكسفام الأمريكية، القرار الامريكي ضد حركة "أنصار الله" اليمنية، وادراجها على قائمة الإرهاب الأمريكية، بانه سياسة خطرة وغير مُجدية، تابع قائلاً: انها ستُعرّض حياة الأبرياء للخطر؛ موضحا ان هذا التصنيف لن يساعد في حل النزاع القائم، ولا في تحقيق العدالة بخصوص الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت بحق الشعب اليمني اثناء الحرب؛ لن يؤدي ذلك إلا إلى تصعيد المعاناة بالنسبة لملايين اليمنيين الذين يصارعون من أجل النجاة. ومن جانبه، قال "تجادا دوين" الرئيس التنفيذي لشركة "ميرسي كروبس"، إن تصنيف إدارة ترامب لـ"أنصار الله" كمنظمة إرهابية أجنبية "سيقوض الاستجابة الإنسانية المرهقة في اليمن ، ويهدد حياة ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية". ومن جهته، وصف "ديفيد ميليباند" رئيس لجنة الإنقاذ الدولية القرار بأنه "تخريب دبلوماسي محض"، قائلا: "هذه السياسة ، باسم تقييد أنصار الله ، ستربط فعليًا مجتمع المساعدة والدبلوماسية الدولية. والعكس مطلوب - الضغط الفعال على جميع أطراف النزاع لوقف استخدام المدنيين كرهائن في مناوراتهم الحربية".
الجدير بالذكر أنه قبل عدة أيام تم تنصيب الرئيس "جو بايدن" كرئيساً للولايات المتحدة خلفاً للرئيس السابق "ترامب" وعقب هذا التنصيب وتولي "جو بايدن" زمام الامور في البيت الابيض، سارعت الإدارة الامريكية الجديدة إلى اتخاذ قرار بمراجعةقرار "ترامب" المتهور المتعلق بوضع حركة "أنصار الله" اليمنية على قائمة الجماعات الإرهابية وحول هذا السياق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة الماضي، إن "وزارته بدأت مراجعة قرار إدارة ترامب تصنيف انصار الله في اليمن كمنظمة إرهابية". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إنهم "لن يناقشوا علنًا أو يعلقوا على المداولات الداخلية المتعلقة بهذه المراجعة". وأكد أن الأزمة الإنسانية في اليمن، هي الدافع الأساسي للإسراع بما يمكن لإجراء المراجعة واتخاذ القرار. ورغم مراجعة القرار، أكد المتحدث أن الخارجية الأمريكية تؤمن بقوة بضرورة تغيير تحالف العدوان وحكومة "منصور هادي" وحركة "أنصار الله" سلوكهم، وحملهم مسؤولية كبيرة للكارثة الإنسانية والفوضة اللتين يشهدهما اليمن، لكنه أوضح قائلا: "في الوقت نفسه علينا أن نتأكد من أننا لا نعيق تقديم المساعدات الإنسانية". وأكد المسؤول الأمريكي أن بلاده ستدعم جهود المبعوث الأممي لليمن، "مارتن غريفيث"، لحث أطراف النزاع على التوصل لاتفاق سياسي لحل الأزمة.
وعلى صعيد متصل، أكد وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" في جلسة الاستماع يوم الثلاثاء الماضي إن إدارة "بايدن" تعتزم إنهاء دعمها للحملة التي تقودها السعودية في اليمن. وقال: "أوضح الرئيس المنتخب أننا سننهي دعمنا للحملة العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن. وأعتقد أننا سنعمل على ذلك في وقت قصير جدًا بمجرد أن يصبح الرئيس المنتخب رئيسًا للأسباب التي ذكرتها". وردا على سؤال حول شكل إنهاء هذا الدعم، قال: "يبدو أولاً وقبل كل شيء، التأكد من أننا نفهم بالضبط ما هو الدعم الذي نقدمه حاليًا والذي نحتاج إلى النظر فيه". ومن جانبه قال أيضا مستشار بايدن للأمن القومي، "جيك سلفيان"، إن قرار إدارة ترامب تصنيف حركة "أنصار الله" منظمة إرهابية لن يؤدي إلا الى مزيد من المعاناة، لافتا إلى الحاجة إلى محاسبة قادة الجماعة. وقال سلفيان في تغريدة عبر تويتر: "لن يؤدي هذا التصنيف إلا إلى المزيد من المعاناة للشعب اليمني وإعاقة الدبلوماسية الحاسمة لإنهاء الحرب."، مضيفا: "يجب محاسبة جميع القادة الذين ارتكبوا المجازر والجرائم في اليمن وليس تصنيف هذه جماعة أنصار الله بأنها إرهابية."
وعلى هذا المنوال نفسه، ذكر العديد من المراقبين والمحللين السياسيين، أن هذه الخطوة تهدد عرقلة محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة، بينما تستعد إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايدن" لتولي المهمة من إدارة الرئيس "دونالد ترامب" في 20 كانون الثاني الحالي. ووفق المراقبين، فإن هذه الخطوة من شأنها إيجاد معوقات قانونية في إشراك "أنصار الله" في محادثات السلام التي تسعى الأمم المتحدة إلى استئنافها بين الجماعة المسيطرة على العاصمة صنعاء وأغلب المراكز الحضرية الكبرى وتحالف العدوان بقيادة السعودية. وعلاوة على ذلك، قد تقطع "أنصار الله" على خلفية الخطوة الأمريكية أي قنوات اتصال خلفية مع السعودية بشأن وقف إطلاق النار، وقد تتزايد وتيرة العنف. ويقول اولئك المراقبين، إن "أنصار الله" هم السلطة الفعلية في الشمال ويتعين على المنظمات الإنسانية الحصول على تصاريح منهم لتنفيذ برامج المساعدات، إضافة إلى العمل مع الوزارات والأنظمة المالية المحلية. وتأثير آخر محتمل للخطوة الأمريكية يتعلق بقدرة اليمنيين على الوصول إلى الأنظمة المالية والتحويلات من الخارج، إضافة إلى تعقيد إجراءات الواردات ورفع أسعار السلع أكثر، وذلك في ظل التأثير المحتمل للتصنيف الأمريكي على زيادة العبء على البنوك فيما يتعلق بآليات الانصياع للقرار الأمريكي.
ويرى العديد من الخبراء السياسيين، أن التصنيف الأمريكي لجماعة "أنصار الله" كمنظمة إرهابية، لن يكون له تأثير على مجريات الأحداث، وهو تغطية على فشل إدارة "ترامب" قبل رحيلها. وأشار اولئك الخبراء، إلى أن "هذا الإجراء يعتبر محاولة أخيرة من إدارة ترامب الفاشلة التي مارست الإرهاب والحصار في حق الشعب اليمني دون مسوغ قانوني، كما أن دعمها للعدوان وبيعه الأسلحة المحرمة دوليا هو عين الإرهاب". وأوضح الخبراء، أن "صنعاء ترفع شعار "الموت لأمريكا" علنا ومنذ سنوات، وبالتالي لن يخيف حركة "أنصار الله" تصنيف أمريكا لها كمنظمة إرهابية ولا شطحات إسرائيل، وهذا القرار لن يكون له تأثير إلا على زيادة تعاطف خصوم أمريكا مع هذه الحركة اليمنية التي وقفت مدافعة خلال السنوات الماضية عن أبناء الشعب اليمني ضد تحالف العدوان ومرتزقته، وربما يكون البيت الأبيض أراد أن يُدخل المنطقة في صراع أكبر للتغطية على الإخفاقات التي شهدتها تلك الإدارة الراحلة، فالخسارة التي تكبدتها أمريكا كبيرة نتيجة عجزها السياسي والعسكري والاقتصادي وفرض أجندتها على الشعب اليمني. ويعتقد الخبراء السياسيون، أن المرحلة القادمة سوف تشهد وجود قوة إقليمية من محور المقاومة ومعترف بها رغما عن أمريكا وحلفائها، مشيرين إلى أن التصنيف الأمريكي ما هو إلا مجرد غطاء لطمس معالم الجرائم التي تم ارتكابها، وما تعرض له الشعب اليمني من جرائم وحصار يفوق أي تأثير لمثل هذه القرارات.
الجدير بالذكر أن العديد من السياسيين الأمريكيين يدركون جيداً أن حركة "أنصار الله" ليست جماعة أجنبية وأن هذه الحركة تشكلت من قلب المجتمع اليمني وأن أنصارها ليسوا مقتصرين على موقع جغرافي معين في شمال البلاد وأن قادة هذه الحركة مصرون على الحفاظ على المصالح الوطنية وأن هذه الحركة مدعومة من قبل جميع الطبقات والاعراق في مختلف المناطق اليمنية، ولهذا فقد يدفع هذا الامر السياسيين الأمريكيين في الكونغرس الأمريكي إلى استنتاج أن إدراج هذه الحركة في قائمة الجماعات الإرهابية هو خطأ فادح، وسوف تكون له نتيجة معاكسة وقد يعقد الوضع على الساحة اليمنية. والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا والتي لا يستطيع بعض السياسيين الأمريكيين تجاوزها بسهولة وببساطة، هي أن حركة "أنصار الله" اليمنية أصبحت القوة الرائدة في اليمن خلال سنوات الحرب والعقوبات والحصار، ولا تزال لديها القدرة على تحمل أقصى قدر من الضغط.