الوقت- التطبيع يفتح الباب أمام الاقتصاد الاسرائيلي حيث سيكون ميناء جبل علي الذي يمثل أكبر مركز لإعادة التصدير في العالم جسراً للمنتجات الاسرائيلية إلى الدول الخليجية وباقي الدول الاسلامية. حيث يعتبر ميناء جبل علي أكبر ميناء بحري في منطقة الشرق الأوسط، والأكبر على خطوط الشحن الرئيسة بين سنغافورة وروتردام، ويتميز بموقعه الاستراتيجي ودوره في إعادة تصدير السلع المستوردة من مختلف الدول، إن وجود هذا الميناء على مفترق طرق التجارة العالمية يجعله مركزاً متكاملاً ويجعل الكيان الاسرائيلي يطمع في استغلال هذا الميناء لنشر بضائعه في الشرق الأوسط والعالم الاسلامي. اقتصاد الكيان الاسرائيلي الذي كان يعاني من انكماش شديد هو الأسوأ منذ قرابة 40 عاماً بات الآن يأمل في تحقيق مكاسب كبيرة من خلال اتفاقية التطبيع.
المكاسب الاقتصادية التي ينتظرها الكيان الاسرائيلي من اتفاقية التطبيع
صحيح أن تطبيع العلاقات يشير في المفهوم السياسي إلى العلاقات الدبلوماسية والأمنية إلا أن تل أبيب تسابق الزمن لاستغلال المكاسب الاقتصادية والتجارية التي تكمن وراء تطبيع العلاقات مع الدول العربية ومن أبرز هذه المكاسب المنتظرة:
المال الخليجي
دخل الكيان الاسرائيلي عبر تاريخه في اتفاقيات تطبيع مع دول مثل الاردن ومصر وهذه الدول كانت تمثل سوقاً كبيراً للكيان الاسرائيلي كما تمثل كماً لا يستهان به من المجتمع العربي والكيان الاسرائيلي لديه قدرة وتفوق على دول المنطقة من ناحية التكنولوجيا، أما الشيء الوحيد الذي كان ينقصه لاكتمال معادلة الانتاج والتوزيع هو رأس المال الخليجي الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد توقيع اتفاقية التطبيع.
بات من المؤكد أن التطبيع مع الكيان الاسرائيلي سيفتح الباب أمام تدفق رؤوس الأموال الخليجية لتمويل المشاريع في اسرائيل، وعبر عن ذلك رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بشكل علني حيث قال أتوقع أن تضخ الامارات حصة من رؤوس أموالها الاستثمارية في قطاعات الاقتصاد في الكيان الاسرائيلي لا سيما في قطاع التكنولوجيا.
السياحة والطيران
يتطلع الكيان الاسرائيلي إلى الاستفادة من موقع الامارات الجغرافي في الخليج الفارسي لتكون جسراً لرحلات الطيران الاسرائيلية نحو العديد من الدول، كما يسعى الكيان الاسرائيلي إلى تنفيذ برامج سياحية لأغراض العلاج أو لأغراض الزيارة الدينية للمقدسات أو بهدف البرامج التعليمية للاماراتيين وينتظرون ازدهار هذا القطاع الذي يدر على الاقتصاد الاسرائيلي أموالاً كثيرة. ومن المتوقع أن يشهد الكيان الاسرائيلي تطوراً ملحوظاً في أرقام مساهمة قطاع السياحة في الدخل القومي بعد توقيع اتفاقية التطبيع مع الإمارات.
تجديد اتفاقية كويز
إن اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة أو كويز هو تشريع للكونغرس الأمريكي سُن عام 1996 ليسمح للأردن حينذاك بتصدير منتجات لأمريكا معفاة من الجمارك بشرط وجود مكونات ومدخلات من إسرائيل في هذه المنتجات وإنتاجها في مناطق صناعية معينة، وتعتبر هذه الاتفاقية "توسعة" لاتفاقية التجارة الحرة الأمريكية الإسرائيلية الموقعة عام 1985. في الواقع يطمع الكيان الاسرائيلي بتشجيع الامارات على تصدير منتجاتها إلى أمريكا وفق اتفاقية كويز وبالتالي تضطر الامارات إلى استيراد نسبة معينة من المواد الأولية أو من المواد التي تدخل في انتاج هذه السلع من الكيان الاسرائيلي. وبما أن الإمارات لا تتمتع بوفرة في الأيدي العاملة مثل مصر والأردن، لذلك سيحاول الكيان الاسرائيلي أن يقحم الإمارات في تحالفات صناعية – مالية مع دول عربية أخرى تقيم علاقات مع إسرائيل مثل مصر أو الأردن أو المغرب، وبذلك يكون الكيان الاسرائيلي قدد حقق الفائدة في بيع منتجاته لهذه الدول، ومع الأسف الضحية الوحيدة لاتفاقيات الخيانة العربية ستكون هي الشعب الفلسطيني الذي يعاني من حصار جائر من قبل الكيان الاسرائيلي فالخيانة للقضية الفلسطينية لن تقتصر فقط على خيانة القضية سياسياً وإنما خيانة الشعب الفلسطيني اقتصادياً وتشديد الخناق عليه.
في الواقع إن تنفيذ وتفعيل هذه الاتفاقية مع الدول العربية المطبعة يعني أن الأموال والأرباح ستنهال على الاقتصاد الاسرائيلي المنكمش فعلياً وبذلك ستلعب الدول العربية المطبعة دور المنقذ للكيان الاسرائيلي وفي المقابل ستتمكن اسرائيل من توسعة نفوذها وسيطرتها وتحكمها بمقدرات هذه الدول.
تنمية البوابة الجنوبية في الكيان الاسرائيلي
يسعى الكيان الاسرائيلي إلى تحويل منطقة صحراء النقب في الجنوب إلى منطقة تنمية تدفع بعجلة التنمية الكلية في الكيان، و يحاول استغلال الموقع الاستراتيجي لهذه المنطقة اقتصادياً بهدف خلق درجة أعلى من التقارب مع كل من الأردن والسعودية ومصر، حيث تعتبر منطقة صحراء النقب مكان التقاء بين مناطق التنمية الأردنية من جنوب البحر الميت إلى خليج العقبة، ومع مصر في مناطق التنمية في جنوب سيناء، ومع السعودية في مصيفها الجديد الذي يتم الترويج له عالمياً تحت اسم “نيوم” ولذلك يطمع الكيان الاسرائيلي في أن تلعب رؤوس الأموال الإماراتية دور الممول الأول لهذا المشروع.
القطاع النفطي واستخراج الغاز
إن الغاز الطبيعي هو من أهم صادرات الكيان الاسرائيلي إلى الدول العربية من حيث القيمة. ويحاول الكيان الاسرائيلي زيادة قدرته في تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا في المرحلة التالية، بعد تصديره إلى كل من الأردن ومصر. الكيان الاسرائيلي سيمنح فرصة كبيرة لشركات اماراتية مثل شركة مبادلة الإماراتية أو شركة أدنوك للاستثمار في قطاع النفط في منطقة شرق البحر المتوسط. وهذا سيعود بالفائدة على الكيان الاسرائيلي وسيفتح له أسواقاً جديدة لتصدير منابعه من النفط والغاز الطبيعي.
ولكن مع كل هذا يبقى الغموض يلقي بظلاله على إمكانية نجاح هذا التطبيع الذي تتوقف على القبول الشعبي في الامارات والعالم العربي والاسلامي لهذه العلاقات، فالكيان الاسرائيلي دخل سابقاً في علاقات تطبيع مع الأردن ومصر ولكن لم تدر عليه المكاسب التي كان ينتظرها من هذه الاتفاقيات. ولكن الأمر الذي لا شك فيه هو أن الكيان الاسرائيلي يهدف بالدرجة الأولى إلى حماية أمنه ونفسه من غضب الجماهير العربية ولذلك نراه يلجأ إلى الأنظمة الملكية والدكتاتورية في المنطقة وفي الدرجة الثانية يسعي الكيان الاسرائيلي إلى تحقيق مكاسب اقتصادية من هذا التطبيع لينقذ اقتصاده من الانهيار الذي كان قريب الوقوع.