الوقت- على الرغم من أن الدول العربية لا سيما الخليجية تعيش العديد من الأزمات في المنطقة، فإن الحديث الدائر اليوم يكمن في السعي العربي لشراء المنظومات العسكرية التي تضمن أمنها في حين يجري الحديث عن شراء منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية. وبعيداً عن تفاصيل الصفقة يبقى السؤال عن الأسباب التي تدفع هذه الدول للقيام بمثل هذه الخطوات. في وقتٍ تقول فيه الصحف الإسرائيلية أن الخطر الإيراني أصبح يجمع الطرفين الخليجي والإسرائيلي ويدفعهم للتعاون. فماذا في السعي العربي للتسليح؟ ولماذا تقوم الدول العربية لا سيما الخليجية بذلك؟
السعي العربي للتسليح:
أکدت وسائل الإعلام الإقليمية والدولیة لا سيما قناة فوكس نيوز الأمريكية، أن الدول الخلیجة تجري مفاوضات بلغت مراحل متقدمة من أجل شراء منظومة القبة الحدیدیة الإسرائیلیة. ولدى هذا النظام القدرة على اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والمقذوفات المضادة للدبابات. وبحسب التقارير فإن الصفقة التي قد تشمل دول مجلس التعاون الستة، ستکون قیمتها المئات من ملیارات الدولارات. وتسعى الدول الخليجية لشراء هذه المنظومة عبر شرکة وسیطة وهي شرکة رایثون الدفاعیة الأمیرکیة، بالتعاون مع عدد من الشرکات الأمیرکیة الأخری التی أسهمت فی تطویر منظومة القبة الحدیدیة بالتعاون مع شرکة رافایل الإسرائیلیة العملاقة. لكن الأمر الأكثر غرابةً كانت التقارير الإسرائيلية التي رأت في الصفقة ضرورةً أمنية، لكلا الطرفين الخليجي والإسرائيلي، نتيجة أنهم باتا یریان أن التهديدات الرئيسية ضدهما تتمثل بالقوة العسکریة والطموحات المتنامیة لإیران. وهنا لا بد من الإشارة الى الدور الفعال التي تقوم به واشنطن في هذا المجال، حيث أنها تلعب دور الوسيط من أجل تخفيف مشاعر السخط التي سادت هذه الدول إزاء الإتفاق النووي مع طهران.
وفي سياقٍ متصل، فقد وافقت الحكومة الأمريكية على بيع تسع طائرات هليكوبتر بلاك هوك من طراز (يو إتش إم - 60) للسعودية بقيمة 495 مليون دولار. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية يوم الأربعاء المنصرم إن الصفقة ستساعد على تحسين أمن السعودية التي تعتبر الحليفة الرئيسية لواشنطن.
قراءة في الدلالات والتحليل:
لا شك أن للدول الحق في ضمان أمنها لا سيما الخارجي. لكن السعي العربي لتأمين أمن الدول لا سيما السعي الخليجي، هو من الأمور التي تطرح العديد من الأسئلة، وهنا نقول التالي:
- بدأت محاولات شراء الأسلحة الإستراتيجية والمنظومات الدفاعية منذ بدء المحادثات النووية الإيرانية. لتتكثف بعد إمضاء الإتفاق النووي الإيراني وهو الأمر الذي أكدته تسريبات الكيان الإسرائيلي للمحادثات السرية، بين الطرفين الإسرائيلي والخليجي، في حين جاهرت الرياض علناً بتنسيقها مع تل أبيب لما يخدم مصالحها القومية.
- وهنا فإن الحديث الدائر اليوم حول السعي لشراء منظومة القبة الحديدية، أكدته تل أبيب ولكن من خلال دفعها لتفسير ذلك، بوحدة المسار والمصير الخليجي الإسرائيلي. إذ أن الكيان الإسرائيلي أشار الى أن هذه الصفقات تتم اليوم نتيجة وجود رؤية موحدة حول الخطر الإيراني. في حين تبقى العديد من الأسئلة مطروحة حول خطر هذه المسائل على مسار الصراع العربي الإسرائيلي الذي يبدو أنه لم يعد أولويةً لدى الكثيرين. من جهةٍ أخرى تسعى واشنطن لكسب ود الدول الخليجية بعد أن سادها السخط من الإتفاق النووي الإيراني.
- لكن الأمر الأهم هو في المفهوم المُلتبس الذي يسود الدول العربية وتحديداً الخليجية، حول حفظ الأمن. فالطفرة المالية التي تعيشها الدول الخليجية يبدو أنها جعلت قدرتها على شراء السلاح أمراً سهلاً، أوقعها تحت استغلال الدول المصدرة للسلاح كأمريكا وفرنسا وكذلك الكيان الإسرائيلي الذي لا يجد في هذا المشروع فرصةً لبناء جبهةٍ ضد طهران فحسب، بل يسعى للكسب المادي أيضاَ. وهنا فإن الدول العربية التي يلتبس عليها معنى الأمن القومي، لم تسع لذلك يوماً بالطريقة المناسبة إن عبر تعزيز استقرارها الداخلي أو عبر بناء علاقات جيدة مع جيرانها في المنطقة. بل كانت تُخطئ دوماً في ترسيخ حكمها عبر استخدام القوة في الداخل، وها هي اليوم تسعى لأمنها الخارجي عبر الإرتباط بالعدو الصهيوني.
لقد أصبح الأمن العربي والخليجي مرتبطاً بأمن الكيان الإسرائيلي. وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي. بينما يبقى مفهوم الأمن لدى الدول العربية، مفهوماً يحتاج للعديد من التمحيص على الصعيدين المحلي والخارجي.