الوقت- لا يكف العدو الصهيوني عن الاستمرار في قضم المزيد من الاراضي الفلسطينية متبعاً سياسة استيطانية قذرة على مرأى المجتمع الدولي الذي يشاهد بصمت ما يجري دون أن ينبس ببنت شفة، فقبل أيام صدقت حكومة بنيامين نتنياهو على أكبر عدد ممكن من المشاريع الاستيطانية وتنفيذها، فبعد ساعات قليلة من إعلان نتنياهو بناء 800 وحدة استيطانية جديدة، كُشف النقاب عن تصديق لجنة محلية إسرائيلية تابعة لبلدية الاحتلال على بناء 530 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنتي "غيلو ورامات شلومو"، وذلك في إطار توسيع المستوطنات وفصل الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية عن بعضها البعض والمدينة المقدسة عن محيطها الفلسطيني بالكامل، وحسم مستقبل المدينة المقدسة من جانب واحد وبقوة الاحتلال.
الخارجية الفلسطينية لفتت إلى أن ذلك يؤدي الى إغلاق الباب نهائياً أمام أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتواصلة جغرافياً وذات سيادة بعاصمتها القدس الشرقية، واستكمال بناء نظام الفصل العنصري.
الرد الطبيعي على هذا الاستيطان اقترحته الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يوم الثلاثاء، مطالبة السلطة الوطنية الفلسطينية بتبني استراتيجية وطنية، في مجابهة توسع الاستعمار الاستيطاني والضم الإسرائيلي الزاحف.
وأكدت الديمقراطية في بيان صحفي، أن التوسع الاستيطاني محاولة مكشوفة من حكومة نتنياهو للسباق مع الزمن، وفرض المزيد من الوقائع الميدانية، ووضع المجتمع الدولي أمام الأمر الواقع، مردفة أن الدعوات الصادرة عن أكثر من مصدر، تحمل المجتمع الدولي وحده مسؤولية التصدي للاستيطان، وما هي إلا تعبير عن التهرب من المهام المطلوبة من السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، في الدفاع الميداني عن مصالح المواطنين وأراضيهم وحمايتها، بدلاً من الالتزام بضرورات واستحقاقات التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال.
وقالت: "إن المقاومة الشعبية بكل أشكالها النضالية، وفي ظل قيادة وطنية موحدة، وتحت سقف القرار السياسي الوطني بالمجابهة الشاملة والميدانية، هي السبل التي من الممكن لها أن تتصدى للاستيطان، وأن تحبط خطواته وأن تصون الأرض، وأن تدافع عن المصالح الوطنية".
أسباب التسارع في بناء المستوطنات
نتنياهو يريد استغلال الأيام الأخيرة لحكم الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الذي دعم نتنياهو حتى النخاع في زيادة الاستيطان، حيث منحت إدارة ترامب دعما أمريكيا غير مسبوق لمجموعات المستوطنين، وسلط الضوء عليه إعلان وزير الخارجية مايك بومبيو عام 2019 بأن واشنطن لم تعد تعتبر المستوطنات انتهاكا للقانون الدولي.
كما أصبح بومبيو في تشرين الثاني أول دبلوماسي أمريكي كبير يزور مستوطنة في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل إبان حرب الخامس من حزيران عام 1967.
وكان الرئيس المنتخب جو بايدن الذي سيؤدي اليمين الدستورية الأسبوع المقبل، ألمح إلى أن إدارته ستعيد السياسة الأمريكية التي تعارض التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتعتبر أغلب الدول، المستوطنات التي بنتها إسرائيل على أراضٍ محتلة غير قانونية. ويعيش نحو 440 ألف مستوطن هناك بين نحو 3 ملايين فلسطيني. وعندما كان نائباً للرئيس باراك أوباما عام 2010 تعرض بايدن لموقف محرج، خلال زيارة لإسرائيل.
وتتعرض القدس منذ احتلالها عام 1967 لعمليات "أسرلة"، و"تهويد"، مكثفة، حيث عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تكثيف الاستيطان، وتهجير الفلسطينيين منها بما يخالف قرارات الشرعية الدولية.
المقاومة هي الحل
تحرك الأبطال من شباب فلسطينيين ترجلوا لتنفيذ عمليات المقاومة الفردية، لتغطية الفراغ الكبير الذي أفضى إليه سلوك السلطة الفلسطينية وقيادتها التي لم توصد الأبواب فقط أمام المقاومة المسلحة، بل حرصت على إجهاض المقاومة الشعبية الفاعلة، اذ قال رئيس السلطة محمود عباس في احدى تصريحاته " المقاومة التي تدمر الشعب غير مقبولة"، ماذا قدم السلام لعباس؟.
المفاوضات العبثية مع احتلال سرطاني استيطاني، لا يؤمن إلاَّ بكيان صهيوني حدوده من النيل إلى الفرات لن تجدي نفعاً، ما دام هذا الكيان الغاصب يرفض ترسيم حدود جغرافية دائمة له، في الوقت الراهن، لأنه يرى بأن الأراضي التي استولى عليها منذ سنة 1948م، ليست إلاَّ جزءاً صغيراً فقط من الأراضي العربية التي يعتقد الصهاينة دينياً، بأنها حقٌّ شرعي مكتسب لهم منذ القدم، وبالتالي فإنَّ العقيدة الأيديولوجية والفكرية والسِّياسية، الإلغائية والإقصائية التي قام على أساسها هذا الكيان الأرعن، لا يمكن بأيِّ حال من الأحوال أن تؤمن بأن هناك حقوقاً عربية فلسطينية مغتصبة، يجب إرجاعها، أو بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على أراضيها، بل تل أبيب تماطل فقط من أجل كسب المزيد من الوقت، ورسم المزيد من الخطط العسكرية والأمنية لخنق سكان الضفة الغربية وقطاع عزة، وإجبارهم على التخلي عن أراضيهم، الباقية لديهم، والتي رفضوا بيعها أو التنازل عنها، للمستوطنين الصهاينة، رغم القتل والقمع المستمر، ورغم استعمال الصهاينة لسياسة الترغيب والتهريب بهدف تجريدهم منها.
فالكيان الصهيوني العنصري، والذي لا يؤمن إلاَّ بسياسة القوة، يعرف بأن سلاح المقاومة هو السبيل الوحيد لتحرير كامل الأراضي التي استولى عليها بالقوة، وبأن المقاومة هي أخطر الأسلحة التي عرفتها البشرية يوماً، لاستعادة الحقوق وإنهاء وجود الاستعمار الأجنبي الظالم، فتل أبيب وكما هو معروف تحاول قدر الإمكان تجنب وقوع خسائر فادحة في الأرواح، أو أن يتكبد اقتصادها ضربات موجعة من طرف حركات المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية، ويعرف قادة الكيان الصهيوني مسبقاً بأن تلك الخسائر يمكن أن تؤدي إلى إسقاط حكومات بأكملها، كما فعلت نتائج حرب الصهاينة ضدَّ لبنان سنة 2006م، إذ دفع إيهود أولمرت رئيس الوزراء الصهيوني السَّابق وحكومته الثمن في انتخابات 2009م، حيث انهزم فيها وأدت إلى إسقاطه من الحكم، ودخوله السجن بتهم فساد مالي وأخلاقي، قضت على مستقبله السِّياسي إلى الأبد، وهي الانتخابات التي جاءت بحزب الليكود إلى سدَّة الحكم برئاسة المجرم بن يامين نتنياهو.
فالمقاومة يجب أن تكون الخط السِّياسي والعسكري الوحيد، الذي يجمع عليه كل الشعب الفلسطيني، بعد أن سقط القناع الأمريكي الصهيوني، وكشر الذئاب عن أنيابهم، تمهيداً لغرزها في جسد القضية الفلسطينية، المنهك بالجراح وإنهائها للأبد، لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، فالمُحتل لا يفهم إلاَّ لغة الرصاص، والتجربة الجزائرية في التحرر من الاستعمار الفرنسي الغاشم خير مثال على ذلك.