الوقت_ مرت الذكرى الـ12 للحرب التي شنها العدو الصهيونيّ الغاصب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة عام 2008، بعد أكثر من عام على سيطرة حركة حماس على القطاع، وهي حرب دامت وقتها لأكثر من 21 يوما، وسمتها حكومة الاحتلال “الرصاص المصبوب”، وارتكبت خلالها العديد من المجازر، التي راح ضحيتها مئات المدنيين الأبرياء، فيما أطلقت عليها حركة حماس اسم "حرب الفرقان"، وبالتزامن مع تلك الذكرى التي تصادف 27 كانون الأول، أكدت حركة حماس أن المقاومة المسلحة ستظل رأس الحربة في حسم الصراع مع الاحتلال الصهيوني، مشددة على أنه “لا مستقبل له على أرضنا”، وقالت في بيان لها، أنّ وحدة الكلمة الفلسطينية في مواجهة العدو هي خيار ثابت لا رجعة عنه وستظل تبذل فيه كل الجهد”، ودعت السلطة الفلسطينية إلى قبول بما توافقت عليه كل الفصائل من إجراء الانتخابات للشرعيات الثلاث بالتزامن.
بلا عقاب
12 سنة مرت على الحرب الإجراميّة التي شنها الكيان الصهيونيّ القاتل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة عام 2008، والتي أسفرت عن ارتقاء نحو 1500 شهيد ودمار هائل في البنية التحتية بالقطاع، فيما لم يعاقب قادة العدو الغاصب على جرائمهم بحق القطاع وسكانه، رغم إقرار منظمات دولية وحقوقية في تقاريرها بوقوع جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين.
وقد استهدف العدو الصهيونيّ الأرعن كل المرافق الحيوية في غزة إضافة إلى المدارس والجامعات والمساجد والمستشفيات والمراكز الطبية، ومراكز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ومنها مدرسة الفاخورة في جباليا شمال غزة التي تم استهدافها في السادس من كانون الثاني 2009 بقنابل الفسفور الأبيض الحارقة، ما أدى إلى استشهاد 41 مدنيا وإصابة العديد بجروح وحروق.
إضافة إلى ذلك، استخدم المحتل المجرم عدداً من الأسلحة المحرمة دولياً في مقدمتها اليورانيوم المنضب، حيث حملت أجساد بعض الضحايا آثار التعرض لمادة اليورانيوم المخفف بنسب معينة، وكذلك الفسفور الأبيض، وقد اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تل أبيب باستخدام الأسلحة الفسفورية.
يشار إلى أنّ العدوان الهمجيّ الذي نفذه العدو أسفر عن استشهاد نحو 1500 شخص من بينهم 926 مدنيا و412 طفلا و111 امرأة، فيما فقد الآلاف بيوتهم إذ تشرد أكثر من تسعة آلاف شخص ودمر 34 مرفقا صحيا وانهارت 67 مدرسة ودمر 27 مسجدا، وغير ذلك من الخسائر في البنية التحتية، فيما فشل الكيان في إخضاع قطاع غزة رغم أنّ صب جام إجرامه وساديته.
واعترف كيان الاحتلال المجرم بمقتل 13 إسرائيليًّا منهم 10 جنود وإصابة 300 آخرين، إلا أن المقاومة أكدت أنها قتلت أكثر من 100 جنديّ، وأطلقت أكثر من 1500 صاروخ وقذيفة على أهداف إسرائيلية خلال تصديها للعدوان.
استعداد أكبر
قالت حركة حماس أنها أكثر استعداداً مما مضى وأنّ الحاضنة الشعبيّة أشد التفافا حولها، مبيّنة أنّها لا نستعجل الحرب، ولكن إذا فكر العدو من الاقتراب من دماء الشعب الفلسطينيّ فسوف يفاجأ بما لم يتوقع وسيعود مهزوماً.
وفي هذا الشأن، تؤكّد حماس أنّ التطبيع سيظل وصمة عار تلاحق كل الذين راهنوا على الكيان، وفتحوا له أبواب دولهم، في الوقت الذي ما زال فيه يواصل القتل والتدمير والتهويد والاستيطان، في إشارة إلى الإمارات والبحرين والسودان والمغرب الذين أُدخلوا إلى حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع تل أبيب.
وفي هذا الصدد، يدرك العدو الصهيونيّ مدى شجاعة الفلسطينيّين وتمسكهم بأرضهم مهما تمادى في ظلمه وعدوانه، وتؤكّد حماس أنّ الكيان الغاصب افترضها حرباً بلا قتال تكون بمثابة تأكيد بسط السيطرة المريحة، لكن قواته البريّة واجهت احتكاكاً شرساً مع المقاومة، الأمر الذي حوّل ما كان يفترض أنه فرصة لترميم ردعه واستعادة جنديه إلى معارك طاحنة، مضيفة إنّ جيش الاحتلال وجد نفسه مكشوفاً للمفاجآت والكمائن، فسقطت كل الحسابات، وفشل في تحقيق الأهداف العسكريّة الخادمة لأهدافه السياسيّة.
وما ينبغي ذكره أنّ الكيان الإرهابيّ استهدف بغارات جوية عنيفة قطاع غزة قبل يومين، وأحدثت تلك الضربات أضرارا كبيرة في مشفى للأطفال ومركز علاجي، ومسجد، وعدد كبير من منازل المواطنين، وحملت فصائل المقاومة الفلسطينية، الاحتلال مسؤولية “الاستهداف الآثم والعدوان الحاقد”، وأدانت الفصائل التصعيد الصهيونيّ، والقصف الذي طال عدة مناطق في قطاع غزة، واعتبرت أنّ القصف الغاشم يعد جريمة صهيونية متجددة بحق الشعب الفلسطينيّ الصابر في غزة.
بناء على كل ما سبق، تعلم المقاومة الفلسطينيّة أنّ اليوم الذي يمر دون إحراز تقدم في قدراتها العسكريّة والتكتيكيّة يطيل من عمر الكيان ويزيد من إجرامه واعتداءاته المتواصلة، وحين تحذر العدو الإرهابيّ من تكرار الخطأ الاستراتيجيّ في غزة، فهي تعي ما تقول كما يدرك الاحتلال ذلك، فالسنوات التي مرت على المقاومين المحاصرين، زادت رغبتهم في اجتثاث سرطان الإجرام من بلادهم، ما جعل قوتهم وخبرتهم أكبر وحنكتهم أعظم وصواريخهم أشد قوة وأبعد مدى.