الوقت- أدان البرلمان الأوروبي في قرار صادر عنه نية النظام السعودي إعدام الناشط علي محمد النمر ابن شقيق الشيخ المعتقل في السجون السعودية نمر باقر النمر، وطالب البرلمان في قراره النظام السعودي بتعليق تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق الشاب النمر أو تخفيفه على أقل تقدير، في وقت طالبت فيه منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية والمعنية بحقوق الإنسان السلطات البحرينية بالإفراج فوراً عن زعيمي المعارضة السياسية المسجونين في سجونها الشيخ علي سلمان والناشط إبراهيم شريف. هذه المطالبات الدولية تسلط الضوء من جديد على ملف حقوق الإنسان في كل من السعودية والبحرين وما يعانيه الناشطون السياسيون والحقوقيون من انتهاكات جمة، من شأنها تكريس الواقع الإنساني والحقوقي السيء الذي يعاني منه جميع النشطاء السياسيون في هذين البلدين. فما هي قضية الشاب النمر ولماذا صدر حكم الإعدام في حقه؟ إلى أين وصلت قضية الشيخ علي سلمان في البحرين؟ ما هي أبرز مظاهر القمع وانتهاك حقوق الإنسان في كل من السعودية والبحرين؟ وأين دول العالم من هذه الانتهاكات؟
الأسير ذو السبعة عشر ربيعاً:
في تاريخ 14 شباط 2012م قامت السلطات السعودية باعتقال الشاب علي محمد النمر والذي لم يكن يتجاوز عمره حينها السبعة عشر عاماً، هذا الاعتقال جاء على خلفية مشاركة الشاب النمر بالمظاهرات التي خرج بها سكان المنطقة الشرقية في السعودية للمطالبة بالإصلاح السياسي في البلاد، والتي واجهها النظام السعودي بقبضة حديدية فقام بقتل واعتقال عشرات الشبان ممن شاركوا في هذه المظاهرات. علي كان أحد هؤلاء الشبان الذين لم يشفع لهم صغر سنهم، فقامت السلطات السعودية باعتقاله وتعذيبه ودفعه للإدلاء باعترافات استندت إليها المحكمة فيما بعد لتصدر في حقه حكم الإعدام بقطع الرأس والصلب. حكم الإعدام هذا كان واحداً من أصل تسعة أحكام صدرت حينها في حق نشطاء من سكان محافظتي الإحساء والقطيف، كان أبرزهم الشيخ نمر باقر النمر وابن شقيقه. حيث يُجمع العديد من النشطاء الحقوقيين على وحشية وقسوة هذه الأحكام وعدم تناسبها مع التهم الموجهة ضد هؤلاء الناشطين، فضلاً عن ظروف المحاكمة التي تفتقد لأدنى معايير النزاهة والحيادية، وعدم إتاحة الفرصة أمام هؤلاء الناشطين للدفاع عن أنفسهم، وانتزاع الاعترافات منهم تحت وطأة التعذيب.
وفي العودة إلى قرار البرلمان الأوروبي قال خريستوس ستيليانيدس المفوض الأوروبي للمساعدة الإنسانية أن البرلمان الأوروبي قد تبنى قراراً يطالب السعودية بتعليق تنفيذ الحكم بحق الشاب علي النمر المحكوم بالإعدام بسبب مشاركته في تظاهرات حينما كان قاصراً، مؤكداً أن “هذا الحكم يشكل مصدر قلق كبير للاتحاد الأوروبي” كما لفت ستيليانيدس إلى “ظروف مخزية لتنفيذ الحكم”. ودعى البرلمان الأوروبي في قراره السلطات السعودية إلى “الإسراع في إجراء تحقيق غير منحاز حول الإدعاءات بحصول عمليات تعذيب” تعرض لها النمر من أجل انتزاع اعترافات منه استندت المحكمة إليها لإصدار حكمها في حقه.
ولا يزال معتقلاً:
وفي البحرين ليس الوضع الإنساني والحقوقي بأحسن حال من مثيله في السعودية، حيث طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان صدر عنها يوم الخميس 8 أكتوبر 2015 سلطات البحرين بإلإفراج الفوري عن زعيمي المعارضة السياسية في البحرين الشيخ علي سلمان الأمين العام لجميعة الوفاق الوطني الإسلامية وإبراهيم شريف الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي، حيث كانت السلطات البحرينية قد أصدرت حكماً يقضي بسجن الشيخ علي سلمان لمدة أربع سنوات على خلفية تهم تتعلق بحرية التعبير وممارسة العمل السياسي، كما أصدرت حكماً بسجن شريف لمدة خمس سنوات إثر اتهامه بـ “الإرهاب والتلفيق”. ولا يزال الرجلان معتقلان في السجون البحرينية حتى هذه اللحظة، على الرغم من كل المطالبات الدولية والحقوقية للإفراج الفوري عنهما وإجراء حوار سياسي في البحرين من شأنه إيجاد حل للأزمة السياسية والحقوقية في هذا البلد. وصرح جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “لقد دأب سلمان وشريف على تأييد الإصلاح السياسي السلمي، والمفروض أن يكونا على مائدة التفاوض مع حكومة البحرين لا أن يقبعا خلف القضبان. وعلى البلدان التي تقول إنها تدعم عملية الإصلاح في البحرين أن تدلي بهذه النقطة علنا.”
أهم مظاهر انتهاك حقوق الإنسان في السعودية والبحرين:
1- الإختفاء القسري: حيث تعمد السلطات السعودية والبحرينية على إخفاء الناشطين السياسيين المعارضين لسياستها بصورة قسرية.
2- تعذيب المعتقلين.
3- الاستخدام المفرط للقوة: ظهر هذا من خلال قيام السلطات في هذين البلدين بقمع المظاهرات والاحتجاجات المعارضة، الأمر الذي أسفر عن مقتل وجرح العديد من المتظاهرين.
4- تقييد العمل السياسي: لا تسمح السلطات السعودية والبحرينية بحرية مزاولة العمل السياسي والحقوقي، وتعمل على تقييد نشاط كل ما من شأنه تسليط الضوء على الواقع السياسي والاجتماعي والحقوقي في هذين البلدين.
5- تقييد عمل مؤسسات المجتمع المدني.
6- ممارسة الضغوط والتضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان.
7- قمع حرية التجمع والتظاهر والتعبير.
8- عدم توفير محاكمات عادلة: ظهر هذا جلياً في محاكمة الشيخ علي سلمان والناشط نبيل رجب في البحرين، فيما كانت محاكمة الشيخ نمر باقر النمر في السعودية مثالاً واضحاً على افتقار هذه المحاكمات لأدنى معايير العدالة والنزاهة.
9- انتهاك حقوق المرأة وعدم السماح لها بممارسة حقوقها: تعاني المرأة في السعودية من واقع حقوقي مأساوي، إذ لا تنظر السلطات السعودية إلى المرأة باعتبارها مواطناً له من الحقوق ما للرجل، بل تتعامل مع المرأة بعقلية جاهلية لا تمت لتعاليم الإسلام بصلة.
مواقفٌ دوليةٌ منددة:
تتعرض السلطات السعودية والبحرينية لانتقادات واسعة على خلفية ملف حقوق الإنسان والحريات في هذين البلدين، إلا أن هذه السلطات لا تزال تمعن في سياساتها القمعية غير آبهة بهذه الانتقادات، ضاربة بجميع معايير وقيم حقوق الإنسان عرض الحائط. حيث شهد شهر سبتمبر الماضي إصدار مجموعة مكونة من 33 دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة بياناً مشتركاً أعربت فيه عن قلقها الشديد إزاء حالة حقوق الإنسان في البحرين. وعبرت هذه الدول في بيانها عن حالة “القلق إزاء تقارير عن مضايقة وسجن الأشخاص الذين يمارسون حقوقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وبما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان مع عدم وجود ضمانات كافية للمحاكمة العادلة، و احتجاز القاصرين بسبب مشاركتهم في المظاهرات.” فضلاً عن “قلقها إزاء غياب المساءلة اللازمة حول تلك الإنتهاكات، والإستخدام المفرط للقوة من جانب القوات الحكومية”. فيما أعربت منظمة “أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين”، عن قلقها العميق إزاء نظام العدالة السعودي، الذي لا زال يكرس ممارسة التعذيب والمعاملة المهينة وينتهك إجراءات التقاضي السليمة ويسجن نشطاء المجتمع المدني.