الوقت - عشية ذكرى استشهاد الحاج قاسم ورفاقه، يقضي الأمريكيون في العراق أياماً مضطربةً وسط مخاوف مسؤولي البيت الأبيض من تصاعد الهجمات على الجيش الأمريكي المحتل.
وفي اليومين الماضيين، تعرضت عدة قوافل لوجستية عسكرية أمريكية للهجوم على الأراضي العراقية، وتشير التقارير الأخيرة إلى تعرض قافلة رابعة للهجوم في محافظة بابل.
وفي وقت سابق أيضاً، تم استهداف ثلاث قوافل لوجستية تابعة للأمريكيين. حيث استُهدفت القافلة الأولى بقنابل على جانب الطريق في منطقة "السماوة" بمحافظة "المثنى" جنوب العراق، تلاها انفجار على طريق دولي بمحافظة "الديوانية"، وخلال ذلك تم استهداف القافلة الثانية، كما تم استهداف القافلة الثالثة في محافظة "ذي قار".
والآن، بدافع اليأس والارتباك بشأن كيفية التعامل مع التحديات الأمنية التي تواجه القوات الأمريكية في العراق، عمد ترامب إلی توجيه الاتهامات إلی إيران، وعزا الهجمات الصاروخية التي شُنَّت الأسبوع الماضي على السفارة الأمريکية ببغداد إلى طهران.
يبدو أنه أصبح من المعتاد لدى المسؤولين الأمريكيين أن يلجؤوا إلى سياسة توجيه الاتهامات حول أسباب وعوامل تعريض حياة جنودهم على الأراضي العراقية للخطر، وذلك من أجل تبرير هزائمهم وعدم الاعتراف بواقع كراهية العراقيين لاستمرار وجود القوات الأمريكية.
من ناحية أخرى، كثَّف البيت الأبيض ضغوطه على الحكومة العراقية من خلال التهديد بإغلاق سفارتها وكذلك تصعيد الاضطرابات في البلاد، لدفع المشهد السياسي العراقي لمواجهة الجماعات المناهضة لأمريكا مع الحكومة، وخاصةً الحشد الشعبي.
کما أثارت أنباء غير مؤكدة عن قيام الحكومة باعتقال بعض أعضاء جماعة "عصائب أهل الحق" بتهمة التورط في هجمات صاروخية على السفارة الأمريكية الأسبوع الماضي، رد فعل من الأمين العام للجماعة "قيس الخزعلي".
حيث كتب الخزعلي في رسالة على تويتر، أن كل هذه التصريحات والبيانات من قبل الحكومة هي في الحقيقة محاولة أمريكية للقضاء على القوات والمقاومة الشعبية العراقية على شكل الحشد الشعبي.
وأضاف: "بالتأكيد يجب أن يعلم الأمريكيون أن كل هذه الجهود ستفشل، وأن المقاومة لن تستسلم لمثل هذه التصريحات".
كما كتب "محمود الربيعي" عضو المكتب السياسي لعصائب على تويتر، أنه لم يكن هناك وجود عسكري لأعضاء الحركة في بغداد، مؤكداً أن العصائب ملتزمة بقوانين البلاد.
الانتقام في مكان وزمان غير معروفين
لا شك أن المسؤولين الأمريكيين قلقون من الغضب الشعبي الذي يشتدّ في أوساط العراقيين هذه الأيام، مع اقتراب ذكرى استشهاد الحاج قاسم وأبو مهدي المهندس.
والسبب في ذلك، إضافة إلى شعبية الفريق سليماني وأبو مهدي المهندس في العراق، يعود إلى وعي الشعب العراقي بالدور الفريد الذي لعبه هؤلاء الشهداء في هزيمة تنظيم داعش الشيطاني المدعوم أمريكياً وصهيونياً وسعودياً، واستعادة الأمن في العراق.
لا شك أن حلول الذكرى الأولى لهذه الجريمة النكراء التي ارتكبتها أمريكا، ومن ناحية أخرى الموقف الاستعلائي لمسؤولي البيت الأبيض في تجاهل سيادة العراق من خلال استمرار الاحتلال العسكري وعدم الرضوخ لقرار البرلمان العراقي، شكّل عاملاً مضاعفاً للتيارات المعادية لأمريكا في العراق لتعطي درساً للإدارة الأمريكية الجديدة بعدم اتباع مسار إدارة ترامب.
ولکن من المؤكد أن التطورات في العراق هذه الأيام لا تعني، كما يدعي مسؤولو البيت الأبيض، أن الزمان والمكان اللذين تنوي فيهما إيران الانتقام من منفذي ومخططي اغتيال الحاج قاسم واضحين للأمريكيين، ومشاکل واشنطن في العراق هذه الأيام هي نتيجة المستنقع الذي خلقه قادة البيت الأبيض على مدى العقدين الماضيين، من خلال تبني سياسات خاطئة.