الوقت- ضجت المواقع الإخباريّة بما كشفته حركة "حماس" الفلسطينيّة قبل أيام، والتي أشارت إلى وجود "فيتو" من بعض الأطراف العربيّة على انضمام الحركة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة التي تأسست عام 1964، لتمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية، وقال رئيس مكتب العلاقات الوطنية للحركة حسام بدران، "ليطمئن الجميع أنّ حماس لا يمكن أن تتأثر من شدة عداء الاحتلال الصهيونيّ، أو شدة الخصومة من الأقربين، ولن نتراجع عن مواقفنا وثوابتنا".
لم تخف حركة حماس الإسلاميّة أنّ قرار السلطة الفلسطينيّة التي يرأسها محمود عباس، بعودة العلاقات مع الاحتلال الغاصب أفشل جهود المصالحة، وأخل بتوازن العلاقات الفلسطينية كلها، وليس فقط العلاقة بين حماس وفتح، مع تأكّيدها أنّ فشل تحقيق المصالحة لا يمنع استمرار الجهود لإنجازها، حيث تكثف الحركة حواراتها مع فتح حول ملف إعادة ترتيب وإحياء منظمة التحرير الفلسطينيّة التي تعتبرها الحركة أم السلطة الفلسطينية وإطارها الأكبر، وترغب في المشاركة فيها وتفعيلها، لتطوير العمل الفلسطينيّ، وفق الموقع الرسميّ لحماس.
وقد جاءت تصريحات حركة حماس بعد فشل الحوار الأخير بين حركتيّ فتح وحماس في القاهرة منتصف الشهر المنصرم، حيث قالت فتح إن السبب في ذلك هو تراجع حماس عن التفاهمات التي جرت من قبل في مدينة إسطنبول في 24 سبتمبر الماضي، والتي كانت حماس قد وافقت خلالها على إجراء الانتخابات بالتوالي، على أن تبدأ بالتشريعية، ومن ثم الرئاسية والمجلس الوطني، وأنها طالبت في لقاء القاهرة، بإجراءات الانتخابات بالتزامن، وتقول فتح إن فشل الحوارات كان قبل إعلان السلطة عن عودة العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال.
وفي الوقت الذي فيه تدرك الفصائل الفلسطينيّة جيداً حجم المخاطر التي تواجه القضية اليوم، والمتمثلة بـ "صفعة القرن" الرامية إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، والتطبيع الذي شكل طعنة في ظهر هذا البلد، ناهيك عن مخططات الاستيطان والضم التي لا تتوقف عن قضم ونهب أراضي الشعب الفلسطينيّ، تبيّن حماس أنّ الهدف من سعي الاحتلال للتطبيع مع عدد من الدول العربية هو إيهام الفلسطينيين بأن العرب قد تخلوا عنهم، لكن الحركة مقتنعة بأن الأغلبية الساحقة من شعوب أمتنا هم مع فلسطين وقضيتها، وأن تطبيع الأنظمة لا يمثلهم ولا يعبر عن آرائهم.
وفي هذا الصدد، تؤكّد حماس أنّها تمتلك شرعية المقاومة والتضحية، وأنّها تمثل رأس الحربة في مقاومة الاحتلال الصهيونيّ منذ أكثر من 20 عاما، كما أنها تمتلك شرعية انتخابية، حيث حصلت على النصيب الأكبر من أصوات الناخبين في آخر انتخابات أجريت في الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس، إضافة إلى استعدادها الدائم للحوار مع الكل الوطني الفلسطيني، وتقديم التنازلات في كل القضايا الحزبية، مع إصرارها على رفض تقديم أيّ تنازلات في ثوابتها وموقفها الأصلي من المقاومة، وحق العودة، ورفض التعاون مع العدو الغاشم.
وفي هذا الخصوص، دعا نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، حركة حماس للعودة إلى مسار المصالحة، وزعم أنّ فتح تمد يدها لاستعادة الوحدة الوطنيّة، وأوضح أنّ حركة فتح ستسعى دائماً من أجل تحقيق تلك القضيّة الأساسيّة ولن تتوانى عن ذلك، ولفت إلى أنه يجب الذهاب نحو الوحدة الفلسطينية للتصدي للتحديات الموجودة على الساحة الفلسطينية ومنها التطبيع مع تل أبيب والسياسة الأمريكية وخطة الضم، وفق ما نقلته الإذاعة الفلسطينية الرسمية.
ومن الجدير بالذكر أنّ رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عباس أعلن في الـ 17 من تشرين الثاني الماضي، عن عودة العلاقات مع الكيان الصهيونيّ، بعد وقفها بقرار منه في 19 من أيار الماضي، احتجاجا على خطة الضم الصهيونيّة الرامية لقضم نحو ثلث مساحة الضفة الغربيّة المحتلة.
وكانت حركة فتح قد أوضحت في الـ 25 من تشرين الثاني المنصرم، أن حوارات المصالحة مع حماس لم تنجح بسبب خلافات حول مواعيد إجراءات الانتخابات، ليستمر الخلاف والانقسام الفلسطينيّ منذ حزيران 2007، رغم انجرار أربع دول عربيّة (الإمارات والبحرين والسودان والمغرب) في سيل التطبيع ودخولهم الحظيرة الأمريكيّة، منذ منتصف أيلول الماضي، وهذا يحتاج بشدة إلى الوحدة والشراكة الحقيقية من خلال الاتفاق على استراتيجيّة وطنيّة يعيد فيها أبناء فلسطين بناء مؤسساتهم، ويطلقون يد المقاومة ليدفع الاحتلال الصهيونيّ ثمن جرائمه.
ويذكر أنّ السلطة الفلسطينيّة خذلت الشعب الفلسطينيّ، وأعادت غرز خنجر الخيانة العربيّة في ظهر قضيّة فلسطين، ورغم أنّ الفصائل الفلسطينية أجمعت على اختيار طريق المقاومة أصرت السلطة على استخدام منهج خنوعها الذي لم يجلب لها سوى الخيبة والهزيمة أمام العدو الصهيونيّ، وأسقطها من قلوب الفلسطينيين وجعلها أداة رخيصة تستعمل ضد إرادة الشعب وتطلعاته.