الوقت- مع مطلع العام 2019 بدأت العلاقات السورية_السعودية تأخذ مساراً جديداً لا يشبه ما كان يحصل بين البلدين منذ بداية العام 2011، والجميع بدأ ينتظر عودة العلاقات بين البلدين من جديد، وعادت هذه التكهنات من جديد هذا الأسبوع مع وصول أول رحلة جوية إلى مطار دمشق الدولي قادمة من الرياض مروراً بالكويت، بحسب شركة "أجنحة الشام" الخاصة.
الرحلات الجوية بين سوريا والسعودية توقفت على مرحلتين الأولى كانت عبر توقف الخطوط الجوية السعودية بعد قرار وقف الرحلات الجوية لشركات الطيران العربية إلى المطارات السورية والثانية كانت مع وقف رحلات الخطوط الجوية السورية إلى السعودية في العام 2016.
لا نعلم ان كان عودة الطيران هو مؤشر جديد على عودة العلاقات، خاصة أنه سبق هذا الأمر تفاصيلاً أخرى منذ العام الماضي على وقع انتصارات الجيش السوري وحلفائه على جميع جبهات القتال وتآكل المعارضة التي دعمتها السعودية، ففي العام الماضي، شرعت الرياض في أعمال صيانة للسفارة السعودية، ما جعل مراقبون يتوقعون افتتاحها قريباً غير أن المسؤولين السعوديين لم يصرحوا حتى الآن بنية افتتاح السفارة على غرار ما فعلته الجارتين الإمارات والبحرين في ٢٠١٨، لكنهم في نفس الوقت لم ينفوا إمكانية افتتاحها عما قريب. وفي يناير/ كانون الثاني ٢٠٢٠ الحالي، شارك المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري في حفل أقامه عبد الله المعلمي مندوب السعودية لدى المنظمة الدولية في مبناها الرئيسي بنيويورك على شرف وزير الدولة السعودي فهد عبد الله المبارك بحسب صحيفة الوطن السورية. ما جعل أوساط دبلوماسية تتوقع تطبيع العلاقات السعودية السورية بشكل متدرّج.
يجب ألا ننسى أن السعودية تدخلت في الشأن السوري الداخلي منذ بداية الأزمة، وكانت تسعى بكل قواها لتغيير النظام السوري وفك تحالفه مع ايران، ولكن سوريا وحلفائها فاجأوا العالم بأسره بالمقاومة والصمود، واستطاعوا بكل نجاح قلب السحر على الساحر، فالسعودية تدخلت بالشأن السوري بحجة "حماية المدنيين" لكن في الحقيقة كانت تدعم تنظيم "داعش" الارهابي، وتعمل على نشر فكرها التكفيري، وهذا الامر اعترفت به القنوات الغربية والأوساط الحقوقية من دول تعتبر حليفة للرياض، وقد راوح العداء السعودي لسوريا حوالي عقد من الزمان حتى بدأت العلاقات تتخذ مساراً جديداً.
الان المشروع التكفيري سقط في سوريا، وبالتالي لابد من اعادة رسم مسار جديد للعلاقة مع سوريا، فالسعودية تبحث عن استثمار سياسي جديد في سوريا، فهي أصبحت تعلم جيدا انها لم يعد بإمكانها اسقاط الحكومة السورية، ولم يعد بإمكانها فك تحالف سوريا الاستراتيجي مع ايران وكذلك مع روسيا.
نعتقد بأن روسيا هي وسيط السعودية لإعادة علاقتها مع سوريا، فهي أصبحت تخشى من فشل جديد في سوريا، خاصة وان الولايات المتحدة الامريكية لم تعد محط ثقة، ومن الممكن أن تنقلب عليها في اي لحظة، بالنسبة للملف السوري، لذلك لاتريد السعودية تسليم جميع أوراقها لواشنطن.
لا ننسى أيضا مصلحة روسيا في اعادة مسار العلاقات كما كان بين البلدين، فمن مصلحة موسكو أن تتحلحل علاقات سوريا مع مختلف الدول العربية لتيسير التنسيق مع قوى إقليمية في الشرق الأوسط من بينها إيران والسعودية وتركيا ومصر. ومن جهة أخرى استغلال عودة علاقات دمشق العربية لإعادة إعمار سوريا بالنظر إلى أن الدول الغربية ليس لديها أي نوايا جدية لتقديم الأموال لسوريا فيما تعاني روسيا من أزمات مالية. هذا بالنسبة لروسيا، أما بالنسبة للسعودية فلديها حساباتها الخاصة أيضاً التي ألزمتها بقراءة المشهد السوري بواقعية.
هناك أيضا من يقول بأن السعودية تريد تطبيع العلاقات مع سوريا، بهدف جرها للتطبيع مع اسرائيل، خاصة وان سوريا هي أحد قلاع المقاومة، وجرها لمثل هذا الامر يعني احداث شرخ في محور المقاومة، ولكن حتى الان لايزال من المبكر الحديث عن هذه التكهنات، فالعلاقات بين البلدين لم تعود إلى طبيعتها، ورغم اعمال الصيانة في السفارة السعودية في سوريا، لم يتم افتتاحها بعد مثل الامارات والبحرين، والاهم لم تعود إلى جامعة الدول العربية.